حسن البنا في عيون العسكر (نجيب، ناصر، السادات، سالم)
بقلم د. أكرم كساب
العلاقة بين العسكر والإخوان علاقة متوترة في معظمها، ولا يقترب العسكر من الإخوان إلا بقدر ما تكون مصلحتهم متحققة في هذه العلاقة، والعسكر في حال احتياجهم للإخوان ترى ثناءهم على الإخوان كحركة وعلى البنا كمؤسس وعلى مرشديهم كقادة وطنيين ينبغي أن يحتذى بهم. وهذا دائما في حال ضعفهم واحتياجهم للإخوان، أما إذا دانت لهم الدنيا فهم لا يرحمون إخوانا لا مسلمين ولا عسكريين، فالسلطة تعميهم، والملك كما قالوا عقيم، والعسكر أقرب الناس إلى خلف العهد والوعد.
ولن أطيل الكلام هنا لكني سأسرد كلام ثلاثة من رؤساء مصر وعسكري آخر، حيث يتحدثون عن حسن البنا وكأنهم من أتباعه بل من أشد مريديه.
- فهذا أول رئيس مصر محمد نجيب يتحدث حديثا مبدعا فيقول: من الناس من يعيش لنفسه، لا يفكر إلا فيها، ولا يعمل إلا لها، فإذا مات لم يأبه به أحد، ولم يحس بحرارة فقده مواطن، ومن الناس من يعيش لأمته واهبًا لها حياته حاضرًا فيها آماله، مضحيًا في سبيلها بكل عزيزٍ غالٍ، وهؤلاء إذا ماتوا خلت منهم العيون وامتلأت بذكرهم القلوب، والإمام الشهيد حسن البنا، أحد أولئك الذين لا يدرك البلى ذكراهم، ولا يرقى النسيان إلى منازلهم لأنه- رحمه الله- لم يعش في نفسه بل عاش في الناس ولم يعمل لصوالحه الخاصة، بل عمل للصالح العام.
2- وحتى جمال عبد الناصر وهو أحد أعداء(الإخوان المسلمون) لم يكن في وسعه إلا أن يذكر دور حسن البنا في تحرير مصر حيث قال في احتفال مجلس الثورة بذكرى استشهاد حسن البنا: إنني أذكر هذه السنين والآمال التي كنا نعمل من أجل تحقيقها، أذكرها وأرى بينكم من يستطيع أن يذكر معي هذا التاريخ وهذه الأيام، ويذكر في نفس الوقت الآمال العظام التي كنا نتوخاها أحلامًا بعيدة، نعم أذكر في هذا الوقت، وفي هذا المكان، كيف كان حسن البنا يلتقي مع الجميع ليعمل الجميع في سبيل المبادئ العالية، والأهداف السامية، لا في سبيل الأشخاص ولا الأفراد ولا الدنيا…. وأشهد الله أني أعمل – إن كنت أعمل – لتنفيذ هذه المبادئ وأفنى فيها وأجاهد في سبيلها.
3- ولم يكن هذا رأيه وحده؛ وإنما رأي ما عرف بـ (بالضباط الأحرار) فهذا صلاح سالم يقول: إن هذه الأخلاق العالية والصفات الحميدة قد اجتمعت وتمثلت في شخص أستاذ كبير، ورجل احترمَه وأجلَّه وأعترف بفضله العالم الإسلامي كله، وقد أحبه الجميع من أجل المثل العليا التي عمل لها، والتي سنسير عليها إلى أن يتحقق لنا ما نريده من مجد وكرامة في أخوة حقيقية وإيمان أكيد…
4- وأختم هنا بكلام السادات والذي يتحدث عن لقائه بحسن البنا وانبهاره به، ويصفه بما لم يصفه به بعض أتباعه فيقول: كان فى سمات هذا الرجل كثير مما يتسم به رجال الدين: عباءته، ولحيته، وتناوله شئون الدين بالحديث. ولكنه بعد ذلك كان يختلف عنهم فى كل شىء، فليس حديثه هو وعظ المتدينين، ليس الكلام المرتب، ولا العبارات المنمقة، ولا الحشو الكثير، ولا الاستشهاد المطروق، ولا التزمت فى الفكرة، ولا ادعاء العمق، ولا ضحالة الهدف، ولا الإحالة إلى التواريخ والسير والأخبار. كان حديثه شيئًا جديدًا، كان حديث رجل يدخل إلى موضوعه من زوايا بسيطة، ويتجه إلى هدفه من طريق واضح، ويصل إليه بسهولة أخاذة…
إن ما سبق يا سادة لس بكلام الغزالي ولا القرضاوي، وليس بكلام التلمساني ولا محمد بديع؛ إنها أقوال أربعة من العسكر، يتحدثون عن البنا حديثا المحب المريد، لكن لم تلبث الأيام أن غيرت صفو هذه العلاقة، وحميمية هذا الود، وليس ذلك بغريب، فإن العسكر إن خلا الإيمان من قلوبهم أفسدوا القرى، وأهلكوا الحرث والنسل، ولكن الله لكل من ظلم بالمرصاد….
(المصدر: رسالة بوست)