بقلم د. عبد العزيز كامل – موقع الأمة
كما هو متوقع؛ فقد بدأت معركة تصفية الحسابات، التي كانت أمريكا تنتظر إشعالها لتعويض ما فاتها خلال عام انشغالها بالانتخابات. فمقتل العشرات وإصابة المئات بسلاح بشار الكيماوي علنا للمرة الثانية في مدينة إدلب، بعد مجزرة الغوطة في أغسطس عام 2013، مَثًل فرصة سانحة لأمريكا كي تسدِّد لكمات موجعة لمنافسيها ، تخلط بها الأوراق لتعيد ترتيبها وفق مصالحها، و(طرامب) الذي تطربه ترانيم الحرب ويطريه تصفيق زعماء العرب.. كان من الواضح أنه لن يُفوِّت مناسبة (خان شيخون) دون اتخاذها حفلة تأليب ضد روسيا وحلفائها، وحملة تأديب لإيران وأذيالها..
سينفرط بهذه الضربات -كما سبق التوقع- عِقْد تحالف اللصوص الدوليين الكبار، ليس فقط لأنها إشارة بدء معارك تصفية حسابات واقعة؛ ولكن لأن تداعياتها غير مأمونة ولا متوقعة، فترامب -الذي كأنه اكتشف “فجأة” أن حاكم سوريا “تجاوز” الخطوط الحمراء- هدد وتوعد بالرد نظريًا، وكان لابد أن ينفذ وعيده عمليًا، ليظهر صدق عزمه على إعادة هيبة أمريكا التي مُرغت في العراق ثم جُنبت في سوريا، لذلك سلط وزير دفاعه (جيمس ماتيس) الملقب بالـ “الكلب المسعور” ليمطر الكلب الأكثر سعارًا (بشار) بضربات تأديبة، قد تتطور إلى خطوات إقصاء نهائية لحقبة رئاسته البئيسة التعيسة، وهي ضربات تأتي في الوقت ذاته ترويضًا لثيران إيران، وتعريضًا لمكاسب الروس للبوار والخسران.. وهما بطبيعة الحال سيثأران وينتقمان..
بوتين الأرعن الذي قادة الغباء السياسي الروسي التقليدي إلى اتخاذ بشار حمار عبور، فوق رمال سوريا المتحركة؛ اعتبر ضرب هذا الحمار إساءة شخصيًة إليه، وسلبًا لسرقات الروس التي حمَّلوها عليه.. فكان طبيعيًا أن يهدد باستعمال حق النقض (الفيتو) في مجلس أمن اللصوص الكبار، لكنه صُدم لسرعة تنفيذ أمريكا إجراءات حرمانه من الاستحواذ مع إيران بالساحة السورية ، مثلما تنفرد هي وإيران بالساحة العراقية.. ولكن حال المصدوم لن يدوم إذا صدمته لطمات أخرى في مقاتل أخرى.. لذلك فإن صراع المشروعات في أرض النبوات والنبوءات ، سيحتد ويمتد..
صيف ساخن ستسعر فيه معارك الكلاب المسعورة، في مراحل مقبلة منظورة؛ لن تقتصر على المفترسين الكبار؛ بل ستمتد بين بقية الجِراء الجرباء الصغار، المصابة بداء (الكلْب) ومرض السَعَار، ومقدمات تلك المعارك واضحة، في الصراعات المتسارعة الفاضحة، لا سيما ما هو حادث اليوم بين الأكراد العلمانيين حول مصير (كركوك) النفطية، وبين فصائل الرافضة المختلفين حول مصير (الموصل) السُّنية.. وكذلك النزاع المبكر حول مَنْ سيضع يده من أذيال التحالف على مدن الشمال السوري-زعموا- ومن سيسيطر على الرقة وعلى الغرب العراقي -ظنوا-.. هذا عدا عما حدث وسيحدث على الساحات اليمنية والليبية واللبنانية وغيرها؛ من اضطراب يتطور غالبًا إلى احتراب، يقوده الشركاء المتشاكسون ، المشاركون – من حيث لا يعلمون – في تفكك قوى التحالف المتخالفة وذيولها المتخلفة..
نتربص -كما أَمرنا- بالأعداء المجتمعين أن يصيبهم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا، وننتظر توحيد صفوف شعوبنا ومجاهدينا.. راجين مكر الله – سبحانه – بمن مكر بالمسلمين.. وكيده من كاد للمستضعفين .. ورده البغي على الباغين.. مرددين قوله جلا وعلا..
( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ) (القمر/46).