حتى تتضح الصورة!
بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)
“اللهم انصر المجاهدين.. وارحم المستضعفين”
دعوة فيها شِقَّان متلازمان متوازنان بحكم العقل والشرع معا، إذ الدفع مقدم على الرفع عند كل عاقل! ولا يتحقق التحرر من الاستضعاف بمثل انتصار المجاهدين وتمام الاستخلاف!
أما هذه النعرة الصاعدة من الاقتصار على مواساة المستضعفين دون مؤازرة كل ذي شوكة يدفع الله به عن دينه وأوليائه، فهي قد تصدر عن مفكرين ومثقفين ومعممين، وقد تصدر عن سياسيين وتنفيذيين.
وتلك النعرة إما تكون مجاراة لفلسفة تقديس الضحية عند الإنسانويين والفردانيين الليبراليين بحيث تحل الشفقة محل الإعجاب؛ ليصبح الضعيفُ هو البطل! والمعاقُ هو ذو الهمة! والمرأة القوية هي التي تنتزع ولايتها من أبيها ووليها!
كلُّ ذلك لأجل ذات الصفة (الضعف، الإعاقة، الأنوثة)
لا لفعلٍ يمتاز به هؤلاء يستحقون به إلحاقَ الأوسمة بهم عن جدارة حقيقية!
وقد تصدر عن خبث ينطوي على إرادة بقاء الحال على ما هو عليه، بحيث يحتفظ ذلك الكافر الماكر بمركزه الإنساني بدوام تعاطفه مع أطفال ميانامار وهم ملقون على الأرض ممدودةٌ أيديهم ليمر عليها اللاهون بدراجاتهم النارية، وآخرون مكبلةٌ أيديهم خلف ظهورهم ملقوَن بصحن المسجد الأقصى إلى غير ذلك من صور المآسي التي صنعها أمام الأعين في تاريخ القضية الفلسطينية والأفغانية والشيشانية والبوسنية والعراقية؛ بل والسورية!
وذلك دون أن يعكِّر صفوَ إنسانيته المزعومة وصورته المزيفة بما قام به من تنكيل وعدوان على القائمين بجهاد عدوِّ الله وعدوِّهم!
وعلى نفس المنوال ينسج أولياؤهم في الشرق، من المفكرين أو الساسة،
فالمفكرون يسوقون للتعاطف مع الضعيف دون من يحاول دفع الاستضعاف!
والتنفيذيون يتبنون تلك الفلسفة حين يقدمون مساعدات هنا أو هناك من أموال الشعوب، بينما هم في نفس الوقت يقتلون الأحرار، ويضطهدون الأخيار لحساب سادتهم الكبار!