حاجة الحركات الإسلامية إلي استيعاب العلوم الاجتماعية (1)
بقلم عاطف السيد
إن فهم الواقع الإنساني عامل بالغ الأهمية في التدين ولا يقل أهمية عن فهم الدين نفسه، فهما الشرطان المتلازمان في سبيل تحقيق الدين في حياة الناس،
والمشكلة اليوم ليست في نص الدين ، فقد بذل السلف الصالح جهوداً مضنية لحماية نصوص الدين وتنقيتها ووضع الأصول والقواعد لمعرفة مراد الله منها، وتطورت العلوم التي تخدم هذا المقصد في مجال مناهج التفسير، وعلوم القرءان، ومصطلح الحديث، وأصول الفقه، ومناهج الاستنباط، وعلوم اللغة تطوراً كبيراً.
ولكن مشكلة الإسلاميين اليوم في عدم فقه الخطاب الشرعي، وتأصيل منهج التعامل معه، وكيفية تنزيله علي الواقع البشري، وهو الأمر الذي يقتضي فقه الخطاب وفقه الواقع في آنٍ واحد.
ومهما كان الإسلام عظيماً ونفيساً، وإذ لم يتقدم به أهله لمعالجة المشكلات البشرية الواقعية، وتقديم الحل الأفضل والأمثل الذي يُغري الناس ويطمحون إليه، فسوف لا يكون قد أدي رسالته وحقق مقصده،
وآنذاك تقع المسئولية علينا، لأننا لم نأخذ في الحسبان إدراك الواقع المتغير والمعقد بآليات تمنحنا القدرة علي بسط الإسلام علي حياة الناس وسلوكهم بشرع الله دون أي تصادم،
وهذا يتطلب التعامل مع الصور الجديدة للواقع بظروفه وشروطه، والاستفادة مما يقدمه العصر من أدوات ووسائل وتقنيات تُغني التجربة الإسلامية، فتكون بمثابة أدوات رصد وتحليل تتمثل في العلوم الإنسانية وهي: علم النفس، والاجتماع، والاقتصاد، والإحصاء، والتاريخ ، والتربية.
وتعد هذه العلوم آليات ضرورية لفهم الواقع، وإدراك أبعاد الإنسان، والتعرف إلي مفاتيح شخصيته، وطرق تفكيره، والأسباب الحقيقية الكامنة وراء مشكلاته ،وهو محل الحكم الشرعي.
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)