مقالاتمقالات المنتدى

جواهر التدبر (٢٤٢) .. عندما تنقلب الموازين

جواهر التدبر (٢٤٢)

عندما تنقلب الموازين

 

بقلم أ.د.فؤاد البنا

– خوف فرعون من إفساد موسى للأرض!
ما أكذب الطغاة حينما يعلنون الخوف على المصلحة العامة للشعب أو الخوف على ثقافته، فإنهم يسيرون على خطى سلفهم المتأله فرعون الذي قال تعالى حكاية عنه: {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} [غافر: ٢٦]، وقد يكون مع فرعون شبهة حق في الخوف على دين المصريين من موسى، باعتبارهم يعبدون آلهة وثنية متعددة ومنها كبير الآلهة فرعون، بينما تقوم ديانة موسى على عبادة إله واحد وهو الله عز وجل، ولكن كيف يمكن لنبي يوضع ضمن الخمسة الموصوفين بأنهم صفوة الرسل (أولي العزم من الرسل)، كيف يمكن أن يظهر في الأرض الفساد؟!
إنه الإسقاط الذي يستخدمه الطغاة حتى اليوم ضد المصلحين، وهو خلط الأوراق حتى تتشابه البقر على العامة فينضموا بعد ذلك للأقوى بالمقاييس الدنيوية والمصلحية.

– خوف مشركي قريش من الإضلال المحمدي:
أخبر الله نبيه محمدا عن انقلاب الهرم القيمي عند مشركي قريش رأسا على عقب، معجباً إياه مما يقولون عنه، فقال تعالى: {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزواً أهذا الذي بعث الله رسولاً. إن كاد ليُضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا} [الفرقان: ٤١، ٤٢]، وبغض النظر عن سخريتهم من الرسول لتصادم صفاته ومهماته مع معاييرهم الجاهلية الدنيوية، فإن الشاهد هو خوفهم من إضلال محمد لهم لولا أنهم صبروا على آلهتهم وعضّوا بالنواجذ على أصنامهم، ومما يؤكد أنهم كانوا يعتقدون أنهم مهتدون بحق وأنهم خائفون من إضلال الرسول لهم التعقيب الإلهي على قولهم، وهو قوله تعالى: {وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا}، كأنه يقول بأنهم في غيهم يعمهون لدرجة أنهم لن يفيقوا من غيبوبتهم إلا عندما يرون العذاب الذي يحيق بأهل الباطل والضلال!

– خوف أهالي سدوم من التطهر اللوطي:
عندما تنتكس الفطرة وينقلب الهرم الاجتماعي رأسا على عقب، ويمشي الناس مكبين على وجوههم؛ فإن القذارة تصبح مستطابة، بينما تصير الطهارة شذوذا ومرضا يستوجب إبعاد أصحابها عن القطيع حتى لا تصيبه عدوى الطهارة، وهذا ما يكشفه قوله تعالى على ألسنة قوم لوط: {أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون} [النمل: ٥٦]!
وفي مدائن سدوم المعاصرة صار من المتعارف عليه أن الفتيات اللاتي يصلن إلى سنة ١٨ سنة دون أن يفقدن عذارتهن وينغمسن في حياة المجون والفساد الاخلاقي، فإن الأسرة تدفع بهن إلى أطباء نفسيين لمعالجتهن من آفة الطهارة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى