جهود العلمانيين في نشر الفكر التكفيري بين المسلمين
بقلم طارق الحمودي
قد يستغرب القارئ هذا العنوان، بل قد يظن أنه عنوان فاسد لوجود متناقضات مفاهيمية فيه،فكيف يتصور أن يكون العلماني مروجا للفكر التكفيري وهو يظهر عداءه له؟ لا أحد يمكنه غض الطرف عن أمارات دالة على أن الفكر العلماني فكر استئصالي.. يأخذ من قاعدة “الغاية تسوغ الوسيلة” أصلا في عدائه وولائه، فلا يستبعد أن يكون للعلمانية العالمية يد في الترويج للفكر التكفيري لإيجاد مسوغ لاستئصال الإسلام وثقافته. كتبت ناجية بوعجيلة كتابا سمته “الإسلام الخارجي” استعرضت فيه الفكر والتاريخ الخارجي مع جهل كبير وتجريدات تفتقر إلى المعلومة الدقيقة والقراءة الجيدة، ومع كل هذه النقائص تكتشف أن هذه العلمانية التونسية تقدم الفكر الخارجي باعتباره فكرا ديمقراطيا دون حرج أو تحفظ، وتقدم المرأة الخارجية مثالا للمرأة الحرة المتحررة المقاتلة النظامية المناضلة، -على حد وصف الكاتبة العلمانية- والمتولية للقيادة، غافلة أو متغافلة عن كون هذه الديمقراطية ديمقراطية تكفير وقتل،وكون تحرر المرأة الخارجية تحرر التكفير والسيف على الأمة. رغم محاولتها إظهار الموضوعية فقد كانت تمارس سياسة دس السم في العسل بتصوير المرأة الخارجية في صور البطلات العفيفات اللاتي ظلمهن أهل السنة واحتقرهن بسبب فكرهم التيوقراطي، وقدمت العلمانية التونسية الخوارج باعتبارهم أصحاب فكر سياسي منفتح قوي له مشروعية اجتماعية وثقافية كبيرة، بل صورت القائمين على سيدنا عثمان من الخوارج والسبئية والمنافقين في صورة دعاة مصلحين منتقدين معارضين سياسيين قاصدين لإقامة العمران ومصالح العباد منتقدة موقف المسلمين من أهل السنة من هذه المعارضة المسلحة المجرمة. الأغرب من كل هذا أن الكاتبة حاولت أن تصبغ الفكر السياسي الخارجي بصبغة “العلمانية“، وبذلت في ذلك وسعها، تقترب من التصريح أحيانا وأحيانا تشير من بعيد لعل القارئ يفهم قصدها، وهذه طريقة يسلكها بنو علمان حينما يحاولون البحث عن مرتكزات الفكر العلماني في الفرق المخالفة لأهل السنة وعلماء المسلمين نكاية واستظهارا، ولما كان إبليس من أكبر منظري العلمانية وجدتهم يوالونه بإطلاق. لو وقع هذا الكتاب بيد الخوارج..لأرسلوا إلى بوعجيلة شكرهم مع بالغ التقدير والاحترام. فمن الذي يروج للفكر الداعشي إذن؟
(المصدر: هوية بريس)