جنرال إسرائيلي يتحدث عن مشاكل داخل الجيش و”كارثة منتظرة”
رغم التجهيزات العسكرية المتراكمة لدى جيش الاحتلال، واستعداداته التي لا تتوقف تحضيرا لخوض مواجهات قتالية على أكثر من جبهة عسكرية، لكن أصواتا إسرائيلية تخرج بين حين وآخر تحذر مما تسميه “كارثة” تنتظر الجيش، في ضوء تراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي الكاملة في قدراته العملياتية، وتدني مستوى رأس المال البشري الذي يحوزه، وعدم قدرة التكنولوجيا العسكرية على تعويض التقهقر في الإمكانيات القتالية لدى الجنود.
أسفرت هذه المعطيات عما تسميه تلك الأصوات الإسرائيلية المحذرة حالة إحباط آخذة في الانتشار والتوسع داخل أروقة الجيش، بالتزامن مع التهديدات الوجودية التي تواجه دولة الاحتلال، خاصة في ظل وصول بعض الرسائل المغلقة والسرية لكبار الضباط عن تراجع قدرات الجيش.
الجنرال يتسحاق بريك المفوض السابق لشكاوى الجنود، وقائد الكليات العسكرية، وقائد الفرقة النظامية 36، استعرض في مقاله على موقع ميدا، وترجمته “عربي21″، ما قال إنها “أبرز الإخفاقات البنيوية داخل الجيش، وأهمها تنامي الميزانية المالية الباهظة الممنوحة للجيش للعام الجديد 2022، وبلغت 58 مليار شيكل، ثم إضافة 7 مليارات أخرى، رغم أن هذه المبالغ الضخمة لا تجلب النتيجة المطلوبة، ولا تُترجم إلى أمن حقيقي، بل تعبر فقط عن الثقافة التنظيمية الفاسدة والسلوك غير الأخلاقي في كل مجال داخل الجيش”.
وأضاف أن “معضلة أخرى يواجهها الجيش تتمثل في عدم حصول الجنود والضباط على التغذية الراجعة الدائمة من مرجعياتهم العسكرية، لأن النقاشات والندوات واللقاءات مع كبار الضباط تنعقد خارج مقار الكتائب والألوية، مما يعني أن غالبية الجنود والضباط منفصلون حقاً عما يدور في هذه المنتديات، وحتى خلال الدورة التدريبية الكاملة للجنود، وتستمر ثمانية أشهر، فإنهم لا يلتقون بهم بشكل كامل، ولا يتم إرشادهم، وتوجيههم، ويقضي كبار الضباط جزءًا كبيرا من وقتهم في مكاتبهم”.
هذه الإخفاقات البنيوية داخل الجيش تسفر عن إشكاليات في نقل المواد التدريبية، وتراجع الانضباط، وغياب النموذج الشخصي، فضلا عن عدم وجود معيار في التدريب، ولا معايير للنجاح، بل إن كل قائد فصيل يفصل معاييره حسب طريقته وفهمه، وليس هناك سيطرة وإشراف من أعلى إلى أسفل، في ضوء أن المعرفة المهنية للعديد منهم منخفضة للغاية، مما يسفر مع مرور الوقت عن نقص الجنود المقاتلين، نتيجة لتقصير الخدمة العسكرية، وغياب التحفيز، وعدم الرغبة بأن يكونوا مقاتلين.
في الوقت ذاته، بات واضحا أن من أهم السمات المنتشرة داخل صفوف الجيش أن كبار القادة لا يريدون أن يسمعوا عن المشكلات، وفي أحسن الأحوال لا يشاركون في إصلاحها، ونتيجة لذلك، تشكلت علاقة من الصمت المتبادل بين الجنود ورؤسائهم، وباتت تنتشر ظاهرة التقارير غير الموثوقة عن النجاحات غير الموجودة على الإطلاق، فمعظم الوحدات لا تنفذ الأوامر الصباحية، ولعدة أسابيع لا يتم فحص أسلحة الجنود من قادتهم، والفوضى سيدة الموقف في مقار الوحدات العسكرية.
حتى أن الخطة العسكرية التي تباهى بتنفيذها رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي لم تؤت أكلها بعد، وقد تضمنت دمج بعض الألوية والكتائب النظامية، والارتقاء بالقدرات العالية للقتال متعدد الأبعاد، وتشغيل المروحيات القتالية، وجمع المعلومات الاستخبارية عبر المسيرات، وتشغيل المدفعية الدقيقة، والقوات المضادة للدبابات والمشاة والمدرعات، لكن الوقائع أثبتت وجود مشاكل في استيعاب المعدات والقدرات بسبب نقص التدريب، وعدم إنشاء مراكز محاكاة على الإطلاق، والنقص الحاد في المهنيين.
لا يتوقف الأمر عند إشكاليات لوجستية داخل الجيش، بل تعداه إلى أن الانضباط في معظم السرايا والكتائب بات فضفاضا، ولا يتم تنفيذ العديد من الأوامر، ولا توجد رقابة وإشراف من كبار القادة على تنفيذ أوامرهم، ولا يوجد خوف من صغار القادة والجنود من عدم تنفيذها، فضلا عن أن القادة الذين لا يبادرون، لا يتحملون المسؤولية أيضاً، فقط يفعلون ما يطلب منهم، لكنهم لا يتخذون القرارات، ولا يفعلون ذلك، ولا يضربون نموذجًا شخصيًا، بل يصدرون الأوامر، ويتنحون، ولا يساعدون الجنود بتنفيذ المهام، حتى لو كانت مساعدتهم مهمة جدًا.
هذه المعطيات الإسرائيلية المتشائمة تدفع عددا من كبار الضباط للاعتقاد بأن العديد من الكتائب والسرايا النظامية مستعدة لخوض حرب منخفضة، أما الحرب الواسعة الشاملة فسوف تشهد كارثة، لأن الجنود غير محترفين، وبلا حافز، وبدون روح قتالية، صحيح أن هناك معدات وأسلحة جديدة تلقوها، لكنهم لا يعرفون كيفية استخدامها، وتشغيلها، كما أن مستوى الخدمات اللوجستية في بعض الكتائب رديء للغاية، ولم يتم تدريب بعض الكتائب على محاربة المتسللين.