جعل باكستان أول قوة نووية إسلامية.. تعرف أبو القنبلة النووية عبد القدير خان
توفي في إسلام أباد صباح الأحد العام النووي الباكستاني الشهير الدكتور عبد القدير خان عقب تدهور صحته وإصابته بمشكلات في الرئة.
وذكر “راديو باكستان” أن العالم النووي توفي عن عمر ناهز 85 عاماً، وقد نقل إلى مستشفى محلي في العاصمة بعد تدهور صحته بشكل مفاجئ.
من عبد القدير خان؟
ولد العالم النووي الذي يطلق عليه “أبو القنبلة النووية” في مدينة “بوبال” التابعة للهند عام 1936، وقد هاجر مع عائلته إلى باكستان عام 1947 بعد تقسيم شبه القارة الهندية، وفق صحيفة “داون” الباكستانية.
سافر عبد القدير خان لاستكمال دراسته فالتحق بجامعة برلين التقنية، حيث أتم دورة تدريبية لمدة عامين في علوم المعادن. كما نال الماجستير عام 1967 من جامعة دلفت التكنولوجية بهولندا ودرجة الدكتوراة في هندسة المعادن عام 1972 من جامعة لوفين البلجيكية.
وانضم خان إلى جهود بلاده السرية لتطوير الطاقة النووية عام 1974 بعد أن علم بتجربة الهند النووية، وأسس عام 1976 مختبرات “خان” للأبحاث، وشغل منصب كبير علمائها لسنوات عديدة.
وتواصل مع رئيس الوزراء آنذاك ذو الفقار علي بوتو لعرض التكنولوجيا لبرنامج الأسلحة النووية الباكستاني. كان بوتو لا يزال يتألم من خسارة عام 1971 لباكستان الشرقية التي أصبحت بنغلاديش، وكذلك أسر الهند لنحو 90 ألف جندي باكستاني، ليقرر قبول العرض. قال مقولته الشهيرة: “نحن (الباكستانيين) سنأكل العشب، بل ونجوع، لكننا سنتم تلك (قنبلة نووية) خاصة بنا”.
ويتلخص إنجاز الراحل عبد القدير خان في تمكُّنه من إنشاء مفاعل “كاهوتا” النووي في ستة أعوام، وكان ذلك بعمل ثورة إدارية على الأسلوب المتبع عادة من فكرة ثم قرار ثم دراسة جدوى ثم بحوث أساسية ثم بحوث تطبيقية ثم عمل نموذج مصغر ثم إنشاء المفاعل الأولي، الذي يليه هندسة المفاعل الحقيقي وبناؤه وافتتاحه.
أنجز فريق الدكتور خان كل هذه الخطوات دفعة واحدة، واستخدم الفريق تقنية تخصيب اليورانيوم لصناعة أسلحتهم النووية.
واكتسب خان مكانته بطلاً قومياً في مايو/أيار 1998 عندما أصبحت “جمهورية باكستان الإسلامية” رسمياً قوة عسكرية ذرية.
ونقلت وسائل إعلام في باكستان سابقاً عن خان قوله إن “أهم عوامل نجاح البرنامج في زمن قياسي كان درجة السرية العالية التي جرى الحفاظ عليها، وكان لاختيار موقع المشروع في مكان ناءٍ كمدينة كاهوتا أثر بالغ في ذلك. كان الحفاظ على أمن الموقع سهلاً بسبب انعدام جاذبية المكان للزوار من العالم الخارجي، كذلك فإن موقعه القريب نسبياً من العاصمة يسر لنا اتخاذ القرارات السريعة، وتنفيذها من دون عطلة”.
ويضيف: “ما كان المشروع ليختفي عن عيون العالم الغربي لولا عناية الله، ثم إصرار الدولة كلها على إتقان هذه التقنية المتقدمة التي لا يتقنها سوى أربع دول في العالم أو خمس. ما كان لأحد أن يصدق أن دولة غير قادرة على صناعة إبر الخياطة ستتقن هذه التقنية المتقدمة”.
وحصل الراحل على وسام “امتياز” رفيع المستوى للخدمات التي أسداها لبلاده.
عام 2004 كان عاماً مفصلياً في حياة عبد القدير خان، بعدما اتهمه قائد الجيش والرئيس برويز مشرف بأنه يقف وراء انتشار معلومات حول إنتاج السلاح النووي.
وتقول صحيفة “داون” إن الراحل خان اعترف بمسؤوليته عن انتشار معلومات نووية لعدة دول.
وواجه الراحل سلسلة اتهامات بتسريب معلومات ومواد تستخدم في تصنيع القنبلة النووية، لدور مثل إيران والعراق وليبيا وسوريا. لكن هذه الاتهامات لم تحسم الجدل الدائر حول العالم النووي، إذ رأت أحزاب في المعارضة أنه اعترف تحت التهديد والضغوطات المستمرة التي كانت تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
أصيب بسرطان البروستات عام 2006 وتعافى بعد خضوعه لعملية جراحية. عام 2009 قضت محكمة بإنهاء وضعه رهن الإقامة الجبرية، ومنذ ذلك الحين بقي خاضعاً لرقابة شديدة وكان مجبراً على إبلاغ السلطات بكل تحركاته.
يشار إلى أن العالم النووي تصدَّر عناوين وسائل الإعلام مرة أخرى عام 2008 عقب تصريحات مثيرة للجدل قال فيها إنه ليس مسؤولاً عن أي تسريب لمعلومات نووية، وإنه تعرض لضغوطات كبيرة للاعتراف السابق.
قيادات الدولة تنعى “أبو القنبلة النووية”
ونعى عدد من المسؤولين في باكستان العالم عبد القدير خان عقب وفاته، وعلى رأسهم رئيس الوزراء ورئيس الدولة.
وقال رئيس الوزراء عمران خان في تغريدة: “حزين جداً لوفاة الدكتور عبد القدير خان، لقد أحبته الأمة بسبب مساهمته الهامة في امتلاكنا سلاحاً نووياً، ومكننا ذلك من تحقيق الأمن في مواجهة دولة عدوانية بالجوار تمتلك سلاحاً نووياً أكبر، لقد كان رمزاً وطنياً لشعبنا”.
من جانبه قال الرئيس عارف علوي في تغريدة على تويتر: “بحزن بالغ تلقيت خبر وفاة الدكتور عبد القدير خان الذي جمعتني به علاقة شخصية منذ عام 1982. لقد ساعد أمتنا في تحقيق سياسة الردع النووي، وشعبنا الممتن له لن ينسى أبداً ما قدّمه لأجل ذلك”.
ونقل “راديو باكستان” عن وزير الدفاع برويز ختك قوله: “وفاة الدكتور عبد القدير خسارة كبيرة لباكستان. البلاد سوف تكرم خدماته للأمة إلى الأبد، والأمة مدينة له بشدة لإسهاماته في تعزيز قدراتنا الدفاعية”.
المصدر: TRT عربي