جريمة القتل قد لا تغتفر
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال تعالی: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ في هذه الآية وعيد أكيد وتهديد شديد لكلّ جبّار عنيد تعاطى جريمة كهذه الجريمة الكبری التي قد قرنت بالشّرك الأكبر في غير آية في محكم الذّكر ولا جرم أخي المسلم اللبيب أنّ في هذه الآية الوعيد الأكيد الذي ترتجف له القلوب وينزعج منه كلّ أريب فلم يرد في جميع أنواع الكبائر والحقّ يقال أشدّ من هذا الوعيد الذي تقشعرّ من سماعه الأبدان وتشيب منه رؤوس الولدان ألا وهو خلود من قتل عمدًا في النّيران ويأسه من رحمة خالق الأكوان!
وقال تعالی: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ وقال تعالی: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وقال رسول اللّه ﷺ: {اجتَنِبُوا السَّبعَ المُوبِقاتِ} وقد ذكر منها: {قَتلَ النَّفسِ التِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ} فانظروا معشر الإخوة والأخوات لهذا الوصف البليغ من نبيّنا أفضل الكائنات ﷺ لهذه السّبع بأنّها مهلكات! وقال ﷺ: {لن يَزال المؤمنُ في فُسحَةٍ مِن دِينهِ ما لَم يُصِب دَمًا حَرامًا} وقال ﷺ: {لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكثُرَ الْهَرجُ} قيل: وماالهَرجُ يا رَسولَ اللّهِ؟ قال: {القَتلُ القَتلُ} ويقول عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما: (مِن وَرَطَاتِ الأمُورِ التِي لا مَخرَجَ لِمَن أَوقَعَ نَفسَهُ فِيهَا سَفكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيرِ حِلِّهِ) والورطة هي كلّ مصيبة لا يكاد صاحبها أن يتخلّص منها وقال ﷺ: {لَزوالُ الدُّنيا أهوَنُ عند اللّهِ مِن قَتلِ رَجلٍ مُسلمٍ} وقال ﷺ: {سِبَابُ المُسلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفرٌ} وقد شدّد ﷺ علی حرمة الدّماء بقوله: {ألَا إنَّ اللّهَ حرَّمَ عَليكُم دِماءكم وَأموالكم كَحُرمَة يَومكم هذا في بَلدِكم هذا في شَهركم هذا} وقال ﷺ: {لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ} وحذّر ﷺ من سفك دم أيّ مسلم بقوله: {إذَا التَقَى المُسلِمَانِ بسَيفَيهِما فَالقَاتِلُ والمَقتُولُ في النَّارِ} قيل: يا رَسولَ اللَّهِ هذا القَاتِلُ فَما بَالُ المَقْتُولِ؟ قالَ ﷺ: {إنَّه كانَ حَرِيصًا علَى قَتْلِ صَاحِبِهِ} وقال ﷺ: {أَوَّلُ مَا يُقضَى بَينَ النَّاسِ يَومَ القِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ}
ونناشد الإخوة الكرام في هذا المقام قبل الختام ألا يحرفوا البوصلة خاصّة في هذه الأيّام عن المنكوبين وأولی القبلتين وأن يفوّتوا الفرصة علی حثالة المتربّصين وأن يتجنّبوا سفك دماء المسلمين! ففينا ما يكفينا معشر المرابطين المحتسبين!