“جرائم” الجنود الأستراليين تنكأ جراحاً بجسد أفغانستان
لم يكن التقرير الذي أعلنته أستراليا بشأن ارتكاب قواتها جرائم حرب ضد المدنيين في أفغانستان غريبًا على البلد الذي أعياه الحرب على مدى نحو 20 عاماً.
وفي 9 نوفمبر الماضي، أعلن المفتش العام للقوات الأسترالية، تقريرًا بشأن ارتكاب بعض جنود بلاده جرائم حرب ضد المدنيين في أفغانستان، ما أثار موجة غضب عارمة على الصعيدين المحلي والدولي.
وتعاني أفغانستان حرباً منذ أكتوبر 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي بقيادة الولايات المتحدة بحكم “طالبان”، لارتباطها آنذاك بتنظيم “القاعدة”، الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر من العام نفسه، في الولايات المتحدة.
وكشف التقرير الأسترالي أن جنودًا يعملون بقيادة الولايات المتحدة وحلف “الناتو” قتلوا 39 مدنيًا أفغانيًا خلال الفترة من عام 2005 إلى 2016.
قتل مزدوج
وقال المواطن الأفغاني عبدالباقي، أحد مصابي الحرب في إقليم هلمند (جنوب): “الجنود الأجانب في أفغانستان جميعهم واحد، لم يأتوا إلى بلادنا من أجلنا وإنما من أجل مصالحهم”.
وأضاف عبدالباقي: “لو تم إجراء تحقيقات جادة سيتم الكشف عن مئات جرائم الحرب التي ارتكبها الجنود الأجانب في بلادنا منذ عام 2001”.
بدورهما، قال شاه ولي، وعادل شاه، وهما أبناء عمومة يعيشان في كابول هربًا من ولاية قندوز بشمال أفغانستان؛ التي تشهد حروبًا طاحنة مستمرة بين القوات الأفغانية و”طالبان”: “القوات الأمريكية والأفغانية نفذت ضربات جوية في قندوز قُتل فيها مدنيون”.
وذكر عادل شاه أن إحدى الغارات الجوية الأجنبية التي شنت على الولاية عام 2009، أسفرت عن وقوع نحو 100 قتيل مدني، قائلاً: “طالبان” تقتلنا من جانب والجنود الأجانب يقتلونا من جانب آخر.
فيما أوضح شاه ولي أن العاصمة كابول ينعدم فيها الشعور بالأمان أيضاً بسبب الانفجارات والهجمات الصاروخية والاغتيالات في الفترة الأخيرة، قائلاً: “لكن الوضع يظل أفضل من ولاية قندوز التي تشهد حرباً طاحنة لا تنقطع”.
الجميع مذنبون
من جانبه، قال الناشط الحقوقي الأفغاني محمد إبراهيم: إن غض طرف المحكمة الجنائية الدولية عن جرائم الجنود الأجانب في أفغانستان وعدم إجراء تحقيقات دولية جادة ساهم في الإضرار بالشعب الأفغاني وقتل آلاف المدنيين.
وأكد إبراهيم عدم إجراء أي محاكمات دولية لإدانة القوات الأجنبية أو الأفغانية أو “طالبان” طوال نحو 20 عاماً، قائلاً: “الجميع مذنبون في حرب ضروس سلبت الأفغانيين أرواحهم وكرامتهم وإنسانيتهم”.
فيما دعت اللجنة الأفغانية المستقلّة لحقوق الإنسان (غير حكومية) في بيان، جميع البعثات العسكرية الأجنبية، خاصة الأمريكية والبريطانية، إلى إجراء تحقيقات مستقلة في مقتل المدنيين الأفغان.
وقالت اللجنة الحقوقية: إن هناك أدلة على تورط جنود الدول التي لها تواجد مسلح في أفغانستان، في ارتكاب عنف وقتل ضد المدنيين، في انتهاك واضح للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وفي نوفمبر الجاري، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، مقتل 2177 مدنياً وإصابة أكثر من 3 آلاف خلال اشتباكات وقعت خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2020.
معاناة 20 عاماً
وفي عام 2001، قامت الولايات المتحدة بغزو أفغانستان، تحت اسم عملية “الحرية الدائمة” لمكافحة الإرهاب، وظلت 13 عاماً متواصلة، حتى قامت أكثر من 20 دولة بالعالم بدعم واشنطن في حربها عام 2014.
وفي 11 سبتمبر 2001، فوجئ العالم بنقل حي على شاشات التلفزة لصور طائرتين مدنيتين مختطفتين تخترقان جدران برجيْ مركز التجارة العالمي في نيويورك، وبطائرة أخرى تصدم أحد أجنحة مبنى وزارة الدفاع (البنتاغون) في واشنطن فتُلحق به أضراراً بالغة.
وأعلن تنظيم “القاعدة” الذي قاده أسامة بن لادن آنذاك، مسؤوليته عن الهجوم الذي أدى إلى مقتل نحو 3 آلاف شخص من جنسيات متعددة، ما فجر لاحقاً سلسلة أحداث سياسية وعسكرية فادحة في أفغانستان والعديد من دول العالم.
وفي 29 فبراير الماضي، شهدت العاصمة القطرية الدوحة اتفاقاً بين الولايات المتحدة و”طالبان” يمهد الطريق، وفق جدول زمني، لانسحاب أمريكي على نحو تدريجي من أفغانستان، وتبادل الأسرى.
ونص الاتفاق على إطلاق سراح حوالي 5 آلاف من سجناء “طالبان”، مقابل نحو 1000 أسير من الحكومة الأفغانية.
(المصدر: مجلة المجتمع)