جذور المؤامرة الماسونيَّة للتوطئة لدولة الدجَّال 1من 7
إعداد د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن
في عام 1955م، أصدر ضابط البحريَّة وأستاذ العلوم التَّوراتيَّة الكندي وليام غاي كار (William Guy Carr) كتابه المثير للجدل Pawns in the Game، أي بيادق في اللعبة، والمشهور في ترجمته إلى العربيَّة تحت عنوان أحجار على رقعة الشَّطرنج، يتناول فيه مؤامرة المنظَّمات السّريَّة العالميَّة لتدبير الثَّورات وإشعال الحروب بهدف إحكام سيطرة فئة عُبَّاد الشَّيطان على العالم، بعد إسقاط كافَّة الحكومات والقضاء على الأديان. وكما تعرّف موسوعة ويكبيديا الرَّقميَّة بسيرته، تلقَّى غاي كار (1895-1959م) تعليمه في اسكتلندا، ثمَّ التحق بسلاح البحريَّة في مرحلة مبكرة من العُمر، ليسوقه القدر إلى المشاركة في الحرب العالميَّة الأولى (1914-1919م) وهو دون العشرين. انشغل المؤلّف الكندي، المؤمن بنظريَّة المؤامرة والمعبّر عنها في مؤلَّفاته المحدودة، بدراسة الآثار، وانكبَّ على دراسة العلوم التَّوراتيَّة، وساعدته في فترة عمله في فلسطين المحتلَّة على دراسة العبريَّة، وقد عمِل ضابطًا في سلاح البحريّة الكندي، وعمل كذلك في وزارة الإعلام والاستخبارات والمكتب الإعلامي الصهيوني.
أيادي اليهود الخفيَّة تحرّك سياسات العالم
ينضمُّ كتاب أحجار على رقعة الشَّطرنج (1955م) إلى كتابيّ The Red Fog Over America-الضَّباب الأحمر فوق أمريكا (1957م) و Satan, prince of this World-الشَّيطان: أمير هذا العالم (1966م)، في الكشف عن مخطَّط المتآمرين اليهود، من فئة النَّورانيين أو المتنوّرين (Illuminati)، لتأسيس ما يُطلق عليه “النّظام العالمي الجديد” (New World Order)، من خلال نشْر الفساد والإلحاد؛ إيذانًا بتدمير المجتمعات وإضعاف الأمم المؤمنة، ومن ثمَّ تسهيلًا لمهمَّة تحريفها عن جادَّة الحقّ وتطويعها في أيدي العابثين من أتباع إبليس، إله النُّور. يتتبَّع غاي كار أصل اليهود وتقسيماتهم العرقيَّة في أوروبا، ملقيًا الضَّوء على دورهم في إشعال الحربين العالميتين، الأولى والثَّانية، وافتعالهم الأزمة المؤدية إلى الثَّورات الإنجليزيَّة (1642-1651م) والفرنسيَّة (1789-1798م) والرُّوسيَّة (1917م)، ومشيرًا إلى دور المحافل الماسونيَّة في اختيار رجال الدَّولة في مختلف أنحاء العالم، من السّياسيين وقادة الجيوش، لتسهيل تنفيذ أهداف اليهود. ومن بين أهمّ المسائل الَّتي يثير وليام غاي كار في كتابه سعي المتآمرين على الشُّعوب إلى نشْر الفقر والمرض والجريمة، مع دعمهم الحركات المطالبة بالحريَّة والمساواة والعدالة، وعلى رأسها الحركة الشُّيوعيَّة، الَّتي يراها أساس الإفساد والعدو الأكبر للبشريَّة، باعتبارها أهم أداة استغلَّها اليهود في إعادة تكوين المجتمعات في العالم، بعد تنحية الدّين وتأسيس النّظام العلماني المحتكم إلى الدَّساتير الوضعيَّة، ومن ثمَّ نبْذ الشَّريعة الإلهيَّة. والمحتوى المشار إليه هو للنُسخة المترجَمة من الكتاب، الصَّادرة عام 1970م، من إعداد سعيد جزائري.
مؤامرة عالميَّة لنشْر الإلحاد
يدعو المؤلّف في مقدّمة الكتاب إلى عدم الدَّهشة ممَّا يسرده من وقائع تكشف ما يطلق عليه “السّرّ الخفي الَّذي يمنع الجنس البشري من أن يعيش بسلام وينعم راغدًا بالخيرات الوثيرة الَّتي منحها الله لنا”، ملفتًا النَّظر إلى أنَّه رحلته إلى الكشف عن ذلك السّرّ بدأت منذ عام 1911م، لكنَّه لم يهتدِ إليه إلَّا عام 1950م، على حدّ وصْفه، حينما فطن إلى أنَّ الحروب والأزمات الطَّاحنة الَّتي تعصف بالعالم ما هي إلَّا نتاج “مؤامرة شيطانيَّة مستمرَّة” (ص7). بدأت المؤامرة الشَّيطانيَّة الخبيثة لإفساد حياة البشر منذ أن خُلق الإنسان الأوَّل في جنَّات عدْن، وتوارثها أولياء الشَّيطان، جيلًا بعد جيل، ممَّن دأبوا على تنفيذها من خلال بثّ الأفكار المسمومة. استطاعت “القوى الرَّوحيَّة والفكريَّة الَّتي تعمل في الظَّلام” التَّحكم في المناصب العليا في العالم، بحيث لا يتولَّى تلك المناصب سوى الموالين لتلك القوى الخفيَّة، ممَّا يضمن عدم الإخلال بأيّ من أركان مخطَّط الشَّيطان لإعادة تأسيس نظام الحُكم في العالم (ص7). يعتبر غاي كار، المبشّر الكاثوليكي، أنَّ يسوع المسيح بُعث في مرحلة كاد فيها حزب الشَّيطان أن يحكم سيطرته على العالم؛ ففضح المسيح مخطَّط هؤلاء، وكشَف عباداتهم الزَّائفة، وقد تركَّز صراعه مع الصَّيارفة اليهود، الممارسين للرّبا كما ينطبق على أرباب المنظومة المصرفيَّة في عصرنا هذا، وكذلك مع اليهود الفريسيين، أتباع المذهب المشابه لملَّة المتنوّرين في هذا العصر. يفترض غاي كار أنَّ الكشف عن تلك المؤامرة الخبيثة أولى خطوات التَّحرُّر من أغلال تلك المؤامرة، وإن كانت تلك المؤامرة تطوَّرت “حتَّى كادت أن تدخل مرحلتها قبل النّهائيَّة” (ص9).
نشأة الصُّهيونيَّة الحديثة
يشير وليام غاي كار إلى أنَّ من أقدار الله تعالى أن كُشف في العام 1784م أمام حكومة بافاريا، وإحدى الدُّول الألمانيَّة المستقلّة في الحُكم حتَّى عام 1870م، خيوط المؤامرة الشّيطانيَّة لإعادة تشكيل النّظام العالمي، الَّتي تبيَّن أنَّ الفيلسوف الألماني آدم وايسهاوبت (Adam Weishaupt) من أهمّ منظّريها. كان آدم وايسهاوبت أستاذًا للقانون الكنسي في جامعة انغولشتات (Universität Ingolstadt) الألمانيَّة، قبل أن يرتدَّ عن المسيحيَّة ويعتنق المذهب الشَّيطاني، نتيجة تعاوُنه مع مؤسَّسة روتشيلد (Rothschild) في إعادة صياغة بروتوكولات المذهب الشَّيطاني، والَّتي تسعى إلى “التَّمهيد لكنيس الشَّيطان للسَّيطرة على العالم…بعد الكارثة الاجتماعيَّة الشَّاملة الَّتي يجري الإعداد لها بطرق شيطانيَّة طاغية“، وكان تأسيس جمعيَّة المتنوّرين مطلع مايو 1776م من بين أهم الخطوات في ذلك الصَّدد (ص10). تضمَّنت البروتوكولات العديد من الأهداف الخبيثة، لعلَّ من أهمّها تقسيم الأغيار، أي غير اليهود، إلى جماعات متصارعة من جرَّاء أزمات اقتصاديَّة واجتماعيَّة وسياسيَّة مفتعلة، سعيًا إلى “تدمير جميع الحكومات والأديان الموجودة”، من خلال تأثير كبار الشَّخصيَّات العامَّة، من المتفوّقين في مجالات التَّعليم والاقتصاد والعلوم والآداب، على العامَّة والبسطاء بما ينشرونه من أفكار هي في الأصل من إنتاج القوى الظَّلاميَّة (ص11). أُسّست المحافل الماسونيَّة لخدمة أهداف الجمعيَّة السّرّيَّة، وصارت قبلةً للنَّابهين في شتَّى مجالات المعرفة، من فرسان التَّغيير المخوَّلين بإعادة تشكيل نظام العالم، وكانت أهمُّ تعليمات وايسهاوبت في سبيل الوصول إلى تلك الغاية هي:
1.الاعتماد على الرّشوة الماليَّة والجسديَّة في السَّيطرة على كبار المسؤولين، والابتزاز بنشْر الفضائح أو بالخراب المالي لضمان إطاعة كبار المسؤولين في شتَّى المجالات لأولياء الشَّيطان.
2.استقطاب الأساتذة الجامعيين من المتنوّرين للمتفوّقين من طلَّابهم وإعادة توجيههم ذهنيًّا نحو الأمميَّة العالميَّة (Internationalism)، وهي تسمية تعبّر عن المخطَّط المقصود به السَّيطرة على العالم.
3.تولية المسؤولين النَّافذين في الحكومات والطَّلاب النَّابهين المتدرّبين على تنفيذ أهداف حزب الشَّيطان، علمًا أو جهلًا منهم بحقيقة الأهداف التَّي يُستَخدمون لتنفيذها، على المناصب القياديَّة. يُلقَّن هؤلاء أفكار من شأنها “أن تخدم المخطَّطات السّرّيَّة لمنظَّمة العالم الواحد عن طريق التَّوصُّل إلى التَّدمير النّهائي لجميع الأديان ولجميع الحكومات الَّتي عُهد إليهم بمهامهم فيها”، ولو بعد حين (ص13).
4.التَّحكم في وسائل الإعلام وما تبثُّه من أفكار من المفترض أن تقنع العامَّة أنَّ حلَّ مشكلاتهم المفتعَلة يكمن في “تكوين حكومة أمميَّة واحدة” (ص13).
شاءت الأقدار الإلهيَّة أن وقعت وثيقة بهذه التَّعليمات في أيدي حكومة بافاريا عام 1784م بالخطأ، حينما أصيب مبعوث وايسهاوبت إلى فرنسا لنقل تلك الوثيقة إلى رجاله من أعضاء جمعيَّة المتنوّرين هناك، بصاعقة أردته قتيلًا، ليعثر رجال الأمن على الوثيقة، وتتطَّلع عليها حكومة بافاريا وتداهم محفل الشَّرق الأكبر، وهو محفل ماسوني أسَّسه وايسهاوبت لخدمة أهداف الجمعيَّة السّرّيَّة. استوثقت حكومة بافاريا من صحَّة الوثيقة، وتبيَّن لها أنَّ الكنيس اليهودي يسعى إلى تأسيس حكومة عالميَّة تستهدف الاستيلاء على ثروات الأمم وإخضاعها إلى سُلطان اليهود. وبرغم إغلاق حكومة بافاريا محفل الشَّرق الأعظم وتحذيرها الكنيسة والحكومات الأخرى من خطورة مخطَّط المتنوّرين، واصَل أعضاء الجمعيَّة السّرّيَّة جهودهم الخبيثة، ولم تفلح الحكومات في استئصال شأفتهم، مع تنامي نفوذهم وتغلغُلهم في شتَّى المحافل وتدثُّرهم برداء البرّ والإحسان ونشْر مفاهيم بنَّاءة، مثل الدّيموقراطيَّة والمساواة والحريَّة، لستر مساعيهم التَّخريبيَّة.
وكان توماس جفرسون (Thomas Jefferson)، وهو أحد الآباء المؤسّسين للولايات المتَّحدة الأمريكيَّة وثالث رؤسائها، من بين تلامذة وايسهاوبت، عن طريقه استطاعة جمعيَّة المتنوّرين التسلُّل إلى المحافل الماسونيَّة حديثة التَّأسيس في أمريكا حينها، وصارت تتحكَّم في سياسات أمريكا. يوضح غاي كار أنَّ في عام 1829م، عقَد المتنوّرون مؤتمرًا في مدينة نيويورك الأمريكيَّة، عاصمة المال وأهم مراكز القوى الرَّأسماليَّة في العالم، وقد تقرَّر في ذلك المؤتمر ضمّ الجماعات الفوضويَّة والإلحاديَّة في أوروبا في منظَّمة عالميَّة تُعرف بـ “الشُّيوعيَّة” تمهّد لإثارة الحروب والاضطرابات لاحقًا. وبعد هلاك وايسهاوبت عام 1830م، شُرع في إعداد النَّظريَّة الشُّيوعيَّة، وتولَّى اليهوديَّان كارل ماركس (Karl Marx) وفريدريك انغلز (Friedrich Engels) مهمَّة تحرير بيان الحزب الشُّيوعي (The Communist Manifesto)، الَّذي أُصدر عام 1848م، إيذانًا ببداية الثَّورة على النّظام الرَّأسمالي الإقطاعي والدَّعوة إلى نقْل السُّلطة من الطَّبقة البرجوازيَّة إلى طبقة العمَّال الكادحين وإعادة تنظيم البنية الاجتماعيَّة. المفارقة أنَّ ذلك تزامَن مع إعداد كارل ريتر (Karl Ritter)، أستاذ التَّاريخ والعلوم الجيوسياسيَّة، نظريَّة معاكسة للشُّيوعيَّة، بتكليف من جماعة أخرى من المتنوّرين. وكان الهدف هو استخدام الاختلافات الجذريَّة بين النَّظريَّتين في التَّفريق بين الشُّعوب وإثارة النَّعرات القوميَّة بينها “بصورة ينقسم فيها الجيش البشري شيئًا فشيئًا إلى معسكرين متناحرين”، ينتهي الصّراع بينهما إلى مواجهة عسكريَّة مدمّرة (ص18)
ظهر على السَّاحة في تلك الفترة المفكّر ورجل القانون والعسكري الأمريكي ألبرت بايك (Albert Pike)، حبر الماسونيَّة في القرن التَّاسع عشر الميلادي، وقدَّم مخطَّطه لإعادة تنظيم الحركات العالميَّة لتنتمي إلى إحدى ثلاث حركات، هي الشُّيوعيَّة والنَّازيَّة والصُّهيونيَّة السّياسيَّة، وتجتمع تلك الحركات على هدف واحد هو “إشعال نيران ثلاث حروب كونيَّة وثلاث ثورات كبرى” (ص20). أمَّا عن هدف الحرب العالميَّة الأولى، فهو الإطاحة بنظام الحُكم القيصري في روسيا وتحويلها إلى معقل للشُّيوعيَّة الإلحاديَّة، من أجل “تدمير المعتقدات الرَّوحيَّة للشُّعوب” (ص20). وبالنّسبة إلى هدف الحرب العالميَّة الثَّانية، فهو تدمير النَّازيَّة والفاشيَّة بعد إشعال صراع مفتعل بينها وبين الصُّهيونيَّة ينجم عنه ازدياد سُلطان الصُّهيونيَّة السّياسيَّة حتَّى تأسيس دولة إسرائيل في الأرض المقدَّسة، على أن تشتعل الحرب العالميَّة الثَّالثة بين الصُّهيونيَّة السّياسيَّة والعالم العربي المسلم، والمخطَّط المرسوم لتلك الحرب هو أن “توجَّه بصور يُحطَّم فيها العالم العربي ومن ورائه الإسلام ذاته” (ص20). وبعد القضاء على الإسلام، من المفترض أن يصل معتنقو المسيحيَّة إلى قناعة بأنَّ عقيدتهم لا معنى ولا قيمة لها، وحينها ستصبح البيئة خصبة لنشْر عقيدة المتنوّرين، من أتباع كنيس الشَّيطان.
يدحض غاي كار ما روَّج له عملاء المتنوّرين، من أنَّ الشُّيوعيَّة حركة إصلاحيَّة ظهرت من أجل القضاء على الرَّأسماليَّة، مشيرًا إلى أنَّ الرَّأسماليين، تحت إشراف المخابرات الأمريكيَّة والبريطانيَّة، هم مموّلو الثَّورات والنّزاعات المسلَّحة الرَّامية إلى توطيد نفوذ الصُّهيونيَّة السّياسيَّة، وهناك العديد من الوثائق الَّتي تثبت أنَّ ألبرت بايك، مثله كمثل آدم وايسهاوبت من قبله، كان الرَّأس المدبّر للعديد من المؤامرات الكونيَّة، الَّتي من شأنها إجبار قادة العالم على تنفيذ مخطَّطات كنيس الشَّيطان وإطاعته في صمت تامّ، خشية الفضائح الماليَّة والشخصيَّة، وبفعل القيود الاقتصاديَّة الصَّارمة الَّتي تفرضها التَّعاملات الرّبويَّة، التَّي ينخرط فيها الحُكَّام طواعيةً، تحت مزاعم مسايرة ركب الحضارة الغربيَّة بإحداث التَّغييرات الموائمة لزمن الحداثة. وفي ذلك يقول المؤلّف الكندي (ص22):
إنَّ اتّباع الكنيس الشَّيطاني-أي اليهود-هم الَّذين يوجّهون في عصرنا الحاضر ذاته الحكومات الَّتي يطوّقونها بالقروض والرّبا ويجبرونها على الاشتراك في الحروب والهيجانات ماضين قُدمًا في تحقيق مخطَّطات الجنرال بايك الَّتي ترمي الآن إلى الوصول بالعالم إلى تلك المرحلة من المؤامرات الَّتي يمكن فيها إجبار القطاع الشُّيوعي-الإلحادي من العالم والقطاع المسيحي-الغربي على الاشتباك ببعضها في حرب فناء شاملة. وينصُّ المخطَّط اليهودي على وجوب اشتراك كلّ أمَّة أخرى في هذه الحروب بالصُّورة المرسومة لها في ذلك المخطَّط الموضوع على قياس العالم.
مخطَّط سيطرة اليهود على العالم
يوضح وليام غاي كار أنَّ مخطَّط آدم وايسهاوبت، الَّتي طوَّرتها الأجيال اللاحقة من المتنوّرين، ترمي إلى: إلغاء الحكومات، وإلغاء الإرث الشَّخصي، وإلغاء الملكيَّات الخاصَّة، وإلغاء الشُّعور القومي، وتدمير مفهوم الأسرة، وإلغاء الأديان وإحلال عقيدة المتنوّرين محلَّها (ص25-26). تولَّت عائلة روتشيلد الشَّهيرة مهمَّة تنفيذ ذلك المخطَّط الخبيث منذ أواخر القرن الثَّامن عشر، وكانت مدينة فرانكفورت الألمانيَّة مركز تنفيذ ذلك المخطَّط، حتَّى فُضح المخطَّط وطُرد المتآمرون من بافاريا عام 1786م، لينتقلوا إلى سويسرا، حيث بقوا حتَّى نهاية الحرب العالميَّة الثَّانية، لينتقلوا منذ نهاية أربعينات القرن الماضي إلى مدنية نيويورك الأمريكيَّة، وحينها انضمَّت عائلة روكفلر (Rockefeller) اليهوديَّة إلى عائلة روتشيلد في فرْض السَّيطرة على رؤوس الأموال في العالم واستغلال سُلطان المال في تنفيذ المخطَّط الشَّيطاني. وبعد اكتمال أركان المخطَّط حتَّى آخر خطواته، تُؤسس حكومة عالميَّة موحَّدة ويصبح على رأسها رئيس الكنيس اليهودي.
صراع النَّازيَّة والصُّهيونيَّة
يصرُّ وليام غاي كار على أنَّ الشُّيوعيَّة أسَّسها جماعة من أباطرة المال عام 1773م، بهدف تأسيس نظام حُكم يقوم على الإلحاد والدّيكتاتوريَّة الشُّموليَّة؛ فالشُّيوعيَّة ليست مجرَّد نظريَّة أو مذهب فكري، إنَّما هي نظام متكامل يجري تطبيقه في كافَّة مناحي الحياة، كما أخبر فلاديمير لينين في كتابه شيوعيَّة اليسار (1920م)، بأن قال “إنَّ نظريَّتنا ليست مذهبًا عقائديًّا بل أداة عمل”، نقلًا عن غاي كار (ص37). من المعروف أنَّ كارل ماركس (1818-1883م) يهودي الأصل ادَّعى الإلحاد، وقد طُرد من موطنه ألمانيا، ثمَّ من فرنسا بسبب نشاطه الثَّوري، ليستقرّ في بريطانيا، وقد تزامَنت جهوده مع تأسيس مواطنه كارل ريتر (1779-1858م) نظريَّته المخالفة للفكر الشُّيوعي، والَّتي ادَّعت تفوُّق العرق الآري، ممَّا يبرّر سيطرته على أوروبا، ومن رحم نظريَّة ريتر خرجت الحركة النَّازيَّة، وإن كان تلك الحركة قد تبنَّت الفكر الاشتراكي الَّذي تقوم على أساس الشُّيوعيَّة. ويؤكّد غاي كار أنَّ مموّل جهود النَّازيين والشُّيوعيين هم أباطرة المال اليهود، الَّذين أرادوا تكوين حركات سياسيَّة متصارعة تُشغل العالم بحروب تسفر عن سقوط العالم فريسة في أيدي اليهود.
حرص كارل ريتر في نقده لبيان الحزب الشُّيوعي على الإشارة إلى مدى خطورة سيطرة حفنة من أباطرة المال اليهود على الحركة الشُّيوعيَّة وتوجيههم إيَّاها بحسب مخطَّطاتهم، معترفًا بأنَّ تقدَّم بخطَّة إلى سادة الحرب من الآريين لمقاومة مؤامرة أباطرة المال من اليهود، تستلزم استخدام الفاشيَّة في التَّعامل مع هؤلاء، ممَّا استوجب معاداة السَّاميَّة في تلك المقاومة. تضمَّنت خطَّة ريتر العمل على إخضاع أوروبا إلى سيطرة ألمانيا، وتطبيق أُسس ماليَّة صارمة تمنع أباطرة المال اليهود من التَّحكُّم في اقتصاد ألمانيا، واستخدام الآلة الإعلاميَّة في إقناع الشُّعوب بأنَّ النَّازيَّة هي الوسيلة الوحيدة لمواجهة الشُّيوعيَّة، ومحاربة العرق اليهودي حتَّى استئصاله بالكامل. أوضح ريتر أنَّ فكرة تعامُل اليهود مع البشر باعتبارهم مجرَّد بيادق في لعبة الشَّطرنج بدأت على يد الصرَّاف اليهودي المتعامل بالرّبا أمشل ماير باور، والمُلقَّب بـ “روتشيلد”، أو الدّرع الأحمر، بمشاركة ثلَّة من تجَّار الذَّهب والفضَّة، ممَّن اجتمعوا على أنَّ السَّبيل الوحيد من أجل إحكام السَّيطرة على ثروات العالم هو الإطاحة برؤوس الأموال المتوَّجة، وتدمير الحكومات، والقضاء على الأديان، تمهيدًا لتأسيس مذهبهم الشَّيطاني. وهكذا، اشتعل الصّراع بين الشُّيوعيَّة، الَّتي ساندها أباطرة المال الصَّهاينة من عملاء جمعيَّة المتنوّرين، مع النَّازيَّة، الَّتي موَّلها عملاء آخرون لجمعيَّة المتنوّرين ذاتها.
المصدر: رسالة بوست