د. أحمد كُريّم بلال
تقدمة وتعريف بموضوع الدراسة:
الحداثة انتقال من منجزات الماضي إلى منجزات أكثر تطوّرًا ورُقيًّا؛ وهي – على هذا النحو – سُنّةٌ إلهيّة كونيّة تطولُ كل شيء في الحياة؛ كيما تلائم الإنسان في رقيِّه الفكري والحضاري: ماديًّا، وفكريًّا، وفنيًّا، وأدبيًّا على مستوى التكوين الجمالي والموضوعيّ، أو على مستوى ابتكار أجناس أدبيّة جديدة. وأُمَّتُنا العربية المـُسلمة ليست بدعًا من الأمم في هذا كله، فلا مناص من التطوّر والحداثة، وهو مطلب حيويّ استطاعت من خلاله أن تبني حضارتها الإسلامية الرائدة في القرون الماضية، ولن تستطيع أن تتجاوز كبوتها الحضارية المعاصرة إلا من خلاله.
على أنَّ لأمتنا العربية المـُسلمة خصائص نوعيّة تتحدد من خلالها هويتها الإسلاميّة، وأول هذه الخصائص وأهمها: وجود ثوابت عقديّة وشرعيّة لا يمكن تجاوزها، مع وجود مرونة في الفروع التي يجوز أن يتم تعديلها أو تخطيها أو إلغاؤها وفقًا لطبيعة المرحلة الحضارية الراهنة، وعلى رأس الأصول الثابتة وفي مقدمتها جميعًا: الاعتقاد بوحدانية الله – عز وجل – وتسييره وتدبيره لأمور الكون، فضلاً عن تغلغل الدين في أمور الحياة، فالدين – في صحيح الإسلام – ليس طقوسًا وشعائر تؤدى ثم يمضي المرء مُتَخَبّطًا في حياته كيفما اتفق؛ وإنما الدين نظام حياة له سلطان وهَيْمَنَةٌ على المسلم في خُلُقِهِ وتعاملاته، ومن ثمّ فيما يصوغ قلمه من فكرٍ أو إبداع.
(المصدر: مركز نماء للبحوث والدراسات)