ثمار ممارسة الفقيه للدعوة
بقلم د. وصفي أبو زيد
ولن ندرك قيمة ممارسة الفقيه للدعوة إلا إذا وقفنا على الثمار التي يجنيها العالم الفقيه من وراء ذلك، ومن أبرز هذه الثمار:
1- أنه يؤدي زكاة هذا العلم، فزكاة العلم تعليمه وبذله للناس، وبذلك يؤدي شكر النعمة ليحفظها الله عليه.
2- أن الله تعالى سيورثه علم ما لم يكن يعلم؛ لأنه ببذله العلم للناس يكون عمل ببعض علمه، وقد جاء عن علي رضي الله عنه قوله:
«يا حملة العلم اعملوا به، فإنما العالِم من عمل بما علم، ووافق علمُه عملَه، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم،
يخالف عملُهم علمَهم، وتخالف سريرتُهم علانيتَهم، يجلسون حِلَقًا فيباهي بعضُهم بعضًا،
حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله».
3- أن العالم الفقيه إذا تفاعل مع الواقع ونزل مع الناس بعلمه تكشفت له أمور وعوالم أخرى لم تكن لتنكشف له وهو قاعد آمن ساكن بين الكتب والأوراق،
وهذا أمر يعرفه جيدًا من مارسوا العمل الإسلامي من الفقهاء.
لذة الدعوة
4- أنه يدرك بعمله ودعوته لذة لم يكن يشعر بها وهو يعالج مسائل العلم بعيدا عن واقع الناس،
ويدرك من أسرار النصوص وُجوهًا جديدة يستنزلها الواقع المتجدد والأحداث المستمرة، وهذا لا يتاح لمن لا يعمل بعلمه.
5- أنه إذا تعلم العلم وعمل بما علِم، وعلّم الناس ما علمه وعمل به. يكون بذلك من الربانيين الذين قال عنهم القرآن:
{وَلَـكِن كونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كنتُمْ تعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كنتُمْ تَدْرُسُونَ}
[آل عمران: 79].
فالربانيون -كما قال الإمام الطبري- هم عماد الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا؛ ولذلك قال مجاهد:
وهم فوق الأحبار؛ لأن الأحبار هم العلماء.
والرباني: الجامعُ إلى العلمِ والفقهِ البصرَ بالسياسة والتدبير والقيامَ بأمور الرعية وما يصلحهم في دنياهم ودينهم.
6- أنه دائما يستشعر الحاجة إلى التعلم وإلى مزيد من الاطلاع لما يواجهه في المجتمع وفي حياة الناس من مشكلات لم تكن موجودة من قبل،
ومن ثم فهو يسعى إلى تكييفها الفقهي، ولا يتأتى له ذلك إلا بإعادة قراءة ما قرأه بروح أخرى وفهم آخر،
إضافة إلى قراءة جوانب ومساحات من الفقه والأصول لم يقرأها من قبل،
وبهذا يستشعر الفقيه مدى حاجته لأن يكون طالب علم إلى آخر لحظة في عمره.