اسم الكتاب: ثلاث رسائل في الإلحاد والعلم والإيمان.
اسم المؤلف: عبد الله بن سعيد الشهري.
عدد الصفحات: 272 صفحة.
الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات.
نبذة عن الكتاب:
هذا الكِتابُ عبارةٌ عن رسائِلَ ثلاثٍ، تطرَّقَ فيها المؤلِّفُ لقضايا مُهِمَّةٍ تتعلَّقُ بالإلحادِ، وماهِيَّةِ العَقلِ، وناقشَ فيه العديدَ مِنَ القضايا المُرتبطةِ بالملَفِّ الإلحاديِّ.
الرسالة الأولى: كانت بعنوان (الإلحادُ الجديد… تاريخٌ وواقِعٌ)، والإلحادُ الجديدُ كما يُعرِّفُه بعضُهم: هو حركةٌ اجتماعيَّةٌ وسياسيَّةٌ لصالِحِ الإلحادِ والعَلمانيَّة، يُرَوِّجُ لها مجموعةٌ من الكُتَّاب المُلحدينَ المُعاصرينَ، الذين يدْعونَ إلى وجهةِ نَظرٍ تُفيدُ أنَّه “لا ينبغي ببساطةٍ التَّسامُحُ مع الدِّينِ، بل ينبغي التصَدِّي له وانتقادُه والتعَرُّض له بحُجَجٍ عقلانيَّةٍ، حيثما كبُرَ نفوذُه”، وله سماتٌ وممَيِّزاتٌ يختصُّ بها، تُمَيِّزه عن الإلحادِ في الأزمِنةِ الماضية، وأهمُّها:
حماسُ وحِرصُ من يتبَنَّونَه على الدَّعوةِ للإلحادِ، وعدائيَّةُ خِطابِه لكُلِّ ما يتعلَّقُ بالدِّينِ والتديُّنِ والإيمانِ بالله، واستعمالُ أداةِ الإرهابِ في حربِ الأديانِ، والهجومُ اللَّاذِعُ على دِين الإسلامِ.
وقد اشتملتِ الرِّسالةُ الأولى على ثلاثةِ عناوينَ:
العنوان الأوَّلُ: (إلحادٌ “جديد” لماذا؟) قرَّر فيه المؤلِّفُ أنَّ الإلحادَ حالةٌ إدراكيَّةٌ لم تتمتَّعْ بأيِّ رسوخٍ نوعيٍّ في الوعي الجمعيِّ الإنسانيِّ، فهي حالةٌ تُعاوِدُ الظُّهورَ، كزعانِفِ سَمَك القِرش وسَطَ بحرِ الدِّين الهادرِ.
ثم بَيَّنَ- في سياقٍ استنكاريٍّ لظاهرةِ الإلحادِ الجديدِ- أنَّه بالنسبةِ لتاريخِ البشرِ الحافِلِ، فنحن أمامَ ظاهرةٍ طارئةٍ، حَفَزتْها مُثيراتٌ مرهونةٌ بسياقٍ حضاريٍّ مُعَينٍ، لا الاستعدادُ الإدراكيُّ العامُّ، ولا السجلُّ التاريخيُّ المتطاوِل لبني الإنسانِ، ولا حتى المآلُ الذي يظُنُّ المُلحِدُ أنَّنا سننتهي إليه، ولا شيءٌ من ذلك؛ يشفَعُ للإلحادِ بطابَعِه النضاليِّ المتعالي الذي نشهَدُه اليومَ، حتى إنَّ (دارون) حيالَ مسألةِ الخالِقِ أفضَلُ حالًا، وأكثَرُ اتِّزانًا- سواءٌ في مُعتَقَدِه أو لُغَتِه أو حتى أدبِه- من كثيرٍ مِن تلامِذَتِه المتأخِّرينَ، حاملي لواءِ الإلحادِ بحُلَّتِه الجديدةِ.
وبالرَّغم من مرحليَّةِ الوعي الإلحاديِّ، ودَوَرانِه مع أسبابِه الثقافيَّةِ والاجتماعيَّةِ وجودًا وعدمًا؛ إلَّا أنَّ المرءَ ليتَمَلَّكُه العجَبُ مِنَ الثقةِ المُبرَمة- على الأقلِّ فيما يبدو- لدى المُلحِدِ الجديد في أصالةِ الفكرةِ الإلحاديَّة، بل الأغرَبُ والأعجَبُ ثِقَةُ قطاعٍ واسعٍ مِنَ الأتباعِ في ثقةِ مَن يتَّبعونَ، ومِن مَلمَحِ الثِّقةِ بدأ الكاتِبُ رِحلتَه في التعرُّفِ على أبرَزِ ملامِحِ ومرتكَزاتِ الإلحادِ الجديدِ.
إذَن، فالعنوانُ الثاني في هذه الرِّسالة هو عن الثِّقةِ التَّامَّة التي يُبدِيها معتَنِقُ الإلحادِ الجديدُ في قرارِ إلحادِه، وفي مسؤوليَّتِه تجاهَ الرِّسالةِ التي يحمِلُها للعالَمِ، وسمَّاها (أم الملامِح)، وبيَّنَ أنَّه إن كان للإلحادِ الجديدِ مِن ملمَحٍ معنويٍّ يقيم صُلبَ سائِرِ الملامِحِ؛ فهو هذه الثِّقةُ.
فالإلحاد في نَظَرِ مُعتَنِقه هو الخيارُ الذي لا يسَعُ عاقلًا تجاهُلُه، وهو النتيجةُ الطبيعيَّةُ، والمُحصِّلةُ الحتميَّةُ للتفكيرِ المتجَرِّدِ الأمينِ.
ثم كان العُنوانُ الثَّالِثُ وسَمَّاه (مُرتَكَزات) وتطرَّقَ فيه إلى المُرتكَزاتِ التي يستمِدُّ منها الإلحادُ الجديدُ شُعورَه الواثِقَ بمشروعيَّةِ رُؤيَتِه، والتي في الجملةِ يُمكِنُ إرجاعُها إلى مرتَكَزينِ رَئيسينِ، عقَدَ لكُلِّ مُرتكَزٍ عنوانًا مستقلًّا أفاض فيه الحديثَ:
المرتكَزُ الأول: المرتكَزُ الفلسفيُّ التاريخيُّ.
المرتكَز الثاني: المرتكَزُ النفسيُّ الوجوديُّ.
الرسالةُ الثَّانيةُ التي تضمَّنَها هذا الكتابُ (مبحثٌ في العَقلِ)، وفي هذه الرِّسالةِ تحدَّثَ المؤلِّفُ عن العَقلِ في علاقَتِه بشِقَّينِ: في علاقَتِه بتعدُّدِ العقلانيَّاتِ؛ إذ ليس هناك عقلانيَّةٌ واحدةٌ، وإنَّما عقلانيَّاتٌ بعددِ مُجتَمَعاتِ وثقافاتِ وحضاراتِ الأرضِ، ونقل هنا كلامَ ابنِ القَيِّمِ في ((الصَّواعِق المُرسَلَة)) حول هذا المعنى، يقولُ ابنُ القَيِّم: (المعقولاتُ ليس لها ضابِطٌ يضبِطُها ولا هي مُنحصرةٌ في نوعٍ مُعَيَّنٍ؛ فإنَّه ما مِن أمَّةٍ مِنَ الأمَمِ إلَّا ولهم عقليَّاتٌ يختَصُّونَ بها؛ فلِلفُرسِ عَقليَّاتٌ، وللهِندِ عقليَّاتٌ، ولليونانِ عقليَّاتٌ، وللمجوسِ عَقليَّاتٌ، وللصَّابئةِ عقلياتٌ، بل كلُّ طائفةٍ مِن هذه الطَّوائِفِ ليسوا مُتَّفقينَ على العقليَّاتِ؛ بل بينهم فيها مِنَ الاختلافِ والتَّبايُنِ ما هو معروفٌ عند المُعتَنينَ به).
أمَّا عَلاقةُ العَقلِ بالشِّقِّ الثَّاني مِن هذه الرِّسالة، فتتناوَلُ تصحيحَ تَصَوُّرِنا عن العَقلِ نَفسِه، واستعراضَ تَداعياتِ هذا التَّصحيحِ.
الرسالة الثالثة: (تَتِمَّاتٌ ونقولاتٌ وتعليقاتٌ)
وهذه الرِّسالةُ جَعَلها تتِمَّةً لِمَا عَرَضه في الرِّسالتينِ السَّابقتينِ، وذلك لِكَونِه حَرَص فيما سبق على التَّجانُسِ والإيجازِ لِمَا يتطَرَّقُ إليه مِنَ المسائِلِ، فلرُبَّما نتج عن ذلك في بعضِ الأحيانِ من الإجمالِ والإخلالِ ما يَبعَثُ القارئَ على الاستفصالِ، ويُثيرُ تَشَوُّفَه لِمَزيدٍ مِنَ البيانِ، فالمؤلِّفُ- كما قال- بذَلَ جُهدَه في إثارةِ تلك المواضِعِ المُجمَلةِ، والمسائِلِ المُهمَلةِ والإشكالاتِ الدَّقيقةِ، والتي كان بالإمكانِ إثارَتُها في مَوضِعها مِنَ الرِّسالتينِ السَّابقتينِ، لولا خشيةُ الإسهابِ بما يخرُجُ عن أصلِ الموضوعِ.
كذلك أورد في الرِّسالةَ عددًا مِنَ النُّقولاتِ، توخَّى فيها دِقَّةَ الترجمةِ قَدرَ المُستطاعِ، وربَّما أتبَعَها بتعليقاتٍ تُرشِدُ القارئَ لشاهدِ الفائدةِ فيها.
والكتابُ مفيدٌ في بابِه على صعوبةٍ أحيانًا في بعض عباراتِه.
المصدر: الدرر السنية.