تَذكيرُ الصّديق بِأيّامِ التّشريق (٢)
بقلم أ. د. محمّد حافِظ الشّريدة (خاص بالمنتدى)
إنّ لِربّكم في أيّام دَهركم نَفحات فتَعرّضوا لها ومِن هذه الأيّام المُباركات أيّام التّشريق وهي أهمّ أيّام العام بعد يومي عَرفة والنّحر قالَ ﷺ: {أَيّامُ التَّشْرِيقِ أَيّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للّهِ} وأيّام التّشريق هي: الحاديَ عَشَرَ والثّانيَ عَشَرَ والثّالثَ عَشَرَ مِن شَهْر ذي الحِجّةِ وسُمّيَت بذلك لِتَشريقِ الحُجّاج لُحومَ الأَضاحِي فيها أي تَقدِيدُها ونَشرُها تحت أشعّة الشّمسِ لِتَجفيفِها والاستفادة منها بعد ذلك وهذه الأيّام أيّها الإخوة الكرام ذَكرها اللّه تعالی بِقوله: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ وقد أمَر اللّه ﷻ عبادَه في هذه الآية الكريمة بِذِكْرِه في أيّام التّشريق على وَجْه الخُصوص ويكون ذِكْرُه عَزّ وَجلّ عَقب الصّلوات المَكتوبات بِالتّكبير في أدبارها وَذُكره بِالتّسمِيَة والتّكبير عند ذَبح النّسُك وَذِكْره عند الأكل والشّرب وذِكْره بالتّكبير عند رَمي الجَمرات يَوم النّحر وأيّام التّشريق وهذا الأمر يَختصّ بهِ الحُجّاج فَحسب! واعلَموا أيّها المُبارَكون أنّ أيّام التّشريق هي أيّام عِيد وفَرَح وشُكر وتَكبير كما أخبرنا بذلك البَشير النّذير بِقوله ﷺ: {يَومُ عَرفةَ وَيومُ النّحرِ وأيّامُ التّشريقِ عيدنا أهلَ الإسلامِ وَهيّ أيّامُ أكلٍ وَشُربٍ} ولا حَرجَ في التّوسع بِالأكل والشُرب دون إسرافٍ وتبذيرٍ ومِن الجَدير بالذّكر أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام نهی عن صِيام هذه الأيّام فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ بَعثَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ حُذافةَ يَطوفُ في مِنیً: {لا تَصوموا هذِهِ الأيَّامَ فَإنَّها أيَّامُ أَكْلٍ وَشُربٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عزَّ وَجلَّ} وَينبغي لكلّ مسلمٍ الإكثار مِن الذّكر والتّكبير في هذه الأيّام المُباركة قالَ تعالی: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ وَقد مَضت أيّام العَشر المَعلومات وجاءت بَعدها الأيّام المَعدودات وهي الأيّام الثّلاثة بعد عيد الأضحی المبارك فاعمروها يا عِباد اللّه بِذِكْر اللّه وشُكرِه علی نِعَمه التي لا تُعدّ ولا تُحصی! وفي أيّام التّشريق يَجتمع للمسلمين نَعيم أبدانهم بِالأكل والشّرب ونَعيم قلوبهم بِالذّكر والشّكر وبذلك تتمّ النّعمة وكلّما أحدَثوا شُكراً على النّعمة كان شُكرهم نِعمةً أخرى فيَحتاج إلى شُكر آخر! وفي قول النّبيّ ﷺ إنّها أيّام أكلٍ وَشُربٍ وَذِكر للّهِ عزّ وجلّ إشارة إلى أنّ الأكل والشّرب في أيّام العيد يُستعان بهِ على ذِكْر اللّه وَطاعته لأنّ مِن تَمام شُكر النّعمة أن يُستعان بها على الطّاعات وقد أمرَ اللّه ﷻ في كتابه الكريم بِالأكل من الطّيّبات والشّكر لربّ الأرض والسّموات فمن استَعان بِنِعَم اللّه على معاصيه فقد كفَر نِعمة اللّه وبَدّلها كُفراً! وللّه درّ القائل: إذا كنتَ في نِعمةٍ فارعها: فإنّ المعاصي تُزيل النّعَم! وداوم عليها بِشكر الإله: فَشُكر الإلهِ يُزيل النّقم !