إعداد خالد مصطفى
عانت تونس مثل عدد من البلدان العربية من الاحتلال الأجنبي الذي حاول على مدار عشرات السنين انتزاع هويتها العربية والإسلامية ولكن الشعب التونسي تمكن من الحفاظ على الكثير من عناصر هذه الهوية.. ولكن الاحتلال الفرنسي المعروف عنه شراسته في هذا الجانب استطاع أن يغزو عقول بعض التونسيين باسم “الحداثة والتقدم” ووضعهم في مواقع مؤثرة لكي يستكملوا ما بدأه..
ومع زوال الاحتلال الفرنسي استمر الصراع بين دعاة الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية ودعاة التغريب في تونس.. ورغم نفوذ دعاة التغريب وسيطرتهم على مواقع ثقافية هامة في البلاد إلا أن الإسلام ظل في وجدان الشعب التونسي بقوة ورفض الانسلاخ من هويته وقاوم محاولات التشويه التي كانت على قدم وساق للنيل من اللغة العربية وأحكام الشريعة الإسلامية…
وقبل اندلاع ثورة الياسمين في تونس منذ سنوات قليلة عاشت البلاد في ظروف صعبة ليس فقط على المستوى السياسي ولكن على مستوى الحفاظ الهوية الإسلامية حيث تم فرض قيود على بعض المظاهر الإسلامية مثل الحجاب..وعقب الثورة أعلن الشعب التونسي بوضوح انحيازه الواضح للهوية الإسلامية رغم سنوات طويلة من محاولات محاربتها ولكن الأمر استفز دعاة التغريب وشنوا هجوما شرسا على موقف الشعب..
مع تعثر الأمور في البلاد بعد الثورة نتيجة للخلافات السياسية حاول البعض إلصاق الأمر بالإسلام وشريعته والمنتسبين له زاعمين أن الطريق للتقدم هو في التخلي عن هذه الهوية واستغل البعض الهجمات التي حدثت في البلاد للتأكيد على هذه المزاعم وازدادت الحرب على الهوية حتى وصل الأمر إلى إلغاء الحظر المفروض على زواج المسلمة التونسية من غير المسلم الأمر الذي أثار غضبا واسعا في الأوساط الشعبية والإسلامية نظرا لمخالفته الصريحة للشريعة…
المفترض أن البلاد تحتاج إلى توحيد الجهود من أجل الاستقرار وبناء المستقبل بعد الفترة العصيبة التي تلت الثورة ولكن هناك عدد من الأطراف تسعى إلى إدخال البلاد في أزمات مختلفة بل وتغذي جماعات التطرف التي تستغل مثل هذه الأمور لتجنيد المزيد من العناصر, فما الفائدة التي ستعود على بلد مثل تونس التي تعاني من أزمات اقتصادية طاحنة من إلغاء هذا القانون واستفزاز الشارع التونسي؟!
أليس من الأجدر أن تكثف الجهود للنهوض بالبلاد ومواجهة مشاكل الجماهير المتنوعة مثل البطالة وارتفاع الأسعار ونقص الدخل؟! مثل هذه الأمور تزيد من الشقاق المجتمعي وتثير التوتر في بلد تحتاج لخطوات أكثر جدية نحو المستقبل.
(المصدر: موقع المسلم)