مقالاتمقالات مختارة

توقير العلماء

بقلم علي بن حسين فقيهي

عاصرت في حياتي عدداً من العلماء والمشايخ وجالست بعضاً من المفكرين والمثقفين، وعاشرت ثلة من العظماء والمؤثرين.

فترسخ في نفسي عند كل لقاء وزيارة وفي كل درس ومحاضرة محبة العلم والمعرفة وتقدير الأستاذ والمفكر وإجلال الشيخ والمعلم.

ألمح وجهه فأرى آثار السنين وجهد الأعوام ، وأسمع صوته فأتذوق شهد العلوم ورحيق الكتب ، وأجلس معه فأشاهد علو الهمة وسمو الإرادة ، وأشهد جنازته فأتذكر حسن العاقبة وعظم الأثر.

من دلائل الحرمان وأمارات الخسران الاستهانة بمكانة العلماء والتنقص من منزلة الفضلاء، والذي تجلى في صور متعددة ومشاهد مؤلمة ومنها :

1- التهميش الواضح والعزلة التامة للعالم والمفكر عن وسائل الإعلام ووسائل التواصل، في حين تجد عاجل الأخبار وأهم الأحداث تلاحق الفنان واللاعب وتنشر القبائح والتوافه وتهتم بالغرائب والعجائب .

2 – قيام مؤسسات التعليم ودوائر الثقافة بإحالة العالم والأستاذ للجلوس والتقاعد بحجة كبر السن وضعف الأداء وقلة العطاء، في وقت بلغ فيه الرسوخ في العلم والرجاحة في العقل والبصيرة في النظر والحكمة في الرأي .

3 – تطاول الجهلاء وتجرؤ السفهاء بالسب والشتم والاستهزاء والتندر والقدح والاتهام لعلماء الأمة وعظماء المجتمع بدعوى حرية الرأي وشفافية النقد وموضوعية الرد.

4 – تغييب العلماء وتحجيم الخبراء عن المشاركة الفاعلة والممارسة المثمرة في الرأي والمشورة أو التوجيه والإرشاد أو التعاون والتضامن مع المؤسسات المدنية والهيئات المجتمعية.

5 – نكران الجميل وكفران العشير من المؤسسات التعليمية أو العمادات البحثية أو القنوات الإعلامية عن الاستفادة والاستزادة من مناهل الخبراء وتجارب المختصين .

من إجلال العلماء وتوقير الحكماء حفظ المكانة ورعاية المنزلة والاحترام والتقدير والإكرام والتبجيل في حدود لا تتعدى للتقديس والتعظيم ولا تهبط للأسفاف والتحقير .

 لقطة : قال الشيخ محمد عبد الرحيم بدر الدين في تقديمه لكتاب ديوان المجموع اللطيف في بني نصيف: ” ولقد رأيت بنفسي يوم توفي علم من أعلام الأمة وجبل من جبال العلم في عصرنا هو العلامة الدكتور محمد عبد الله دراز .. رأيت نشر نعيه وخبر وفاته في زاوية متواضعة في ثنايا عمود منزوٍ من صفحة داخلية في بعض الصحف في حين كانت الصفحة الأولى تختنق بعناوين ضخمة وصور متعددة وتعليقات مسهبة حول وفاة راقصة مشهورة”.

(المصدر: موقع ديننا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى