إعداد براء ماجد
خلص تقرير حقوقي جديد إلى ارتكاب السلطات المصرية لانتهاكات ممنهجة ضد د. محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بمصر، التي تضعها في خانة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مشدداً على أن أي مخاطر تقع بحقه يجب على الجهات المعنية الالتزام بتطبيق دورها الحقيقي المنصوص عليه في الدستور والقانون والمواثيق الدولية، وإلا أصبحت مسؤولة مسؤولية مُباشرة عن أي انتهاكٍ يقع بحقه، محذرة من وفاته في محبسه تحت تأثير الانتهاكات الحكومية المستمرة بحقه، فيما تنفي السلطات المصرية كثيراً تعرض مرسي لأي انتهاكات بينما ترفض أي زيارات حقوقية له.
جاء ذلك في تقرير بعنوان “د. محمد مرسي.. أنا مُهدد” صادر مساء الثلاثاء الماضي عن “المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان – SPH”، ومقرها بجنيف في سويسرا ولندن في بريطانيا، ورصد حالة د. محمد مرسي، داخل محبسه، وما يتعرض له من انتهاكاتٍ مُتعمَّدة بالإهمال الطبي، تُهدد حياته، وثبوت تقدمه بطلباتٍ للمحكمة التي تُباشر قضاياه بالتعنت والإهمال الطبي المُتعمَّد، فضلًا عن عدم مقابلته لمحاميه الخاص أو فريق دفاعه، وإبلاغ الجهات القضائية بأنه “مُهدد”، دون أي استجابة من قبل هيئات المحاكمات المُختلفة التي تُباشر قضاياه، في مُخالفةٍ صريحةٍ للدستور والمواثيق الدولية المعنية.
سنوات المعاناة
وأشارت المنظمة في التقرير الذي أعدته وحدة البحوث والدراسات بها -وصل “المجتمع” نسخة منه- إلى أنها سبق وأن قامت برصد الانتهاكات التي تعرض لها د. محمد مرسي طوال خمس سنوات في حبسٍ انفراديٍ كامل، منذ 3 يوليو 2013م للآن، وقت أن قام الجيش المصري باختطافه، واحتجازه، دون أي سندٍ من القانون أو دون إذنٍ أو قرارٍ أو حكمٍ من جهة قضائية محايدة ومختصة، وذلك بقاعدةٍ عسكريةٍ تابعةٍ للجيش المصري، فضلًا عن منع أي اتصال له بأي أحدٍ من أقاربه أو محاميه، إلا نادرًا جدًا خلال تلك المدة، حيث تم اتهامه في عدة قضايا، وصفت بـ”الهزلية”، تَحَصل فيها على عدة أحكام نهائية بالحبس لمددٍ تخطت أكثر من أربعين سنة، وقد وصُفت تلك الأحكام من معظم المراقبين المُحايدين بأنها أحكام سياسية بامتيازٍ.
وانتقد التقرير غياب حقوق د. محمد مرسي الدستورية والقانونية داخل محبسه، التي تفاقمت بشكلٍ مخيفٍ، لدرجة أنه صرح لأكثر من مرةٍ أمام الجهات القضائية التي تُباشر قضاياه، بأن حياته “مُهددة”، نتيجة الإهمال الطبي المُتعمَّد، ونتيجة الانتهاكات المُتعمَّدة من قبل إدارة السجن معه، في شكلٍ يُخالف الدستور والقوانين المعنية، فضلًا عن ضرب المواثيق الدولية المعنية التي صدقت عليها مصر بعرض الحائط، نتيجة لمُمارساتٍ وُصفت بالقمعية، من قبل النظام الحالي تجاه شخص د. محمد مرسي؛ دون أي تحرك من قبل القضاة الذين يُباشرون القضايا، ودون أي استجابة لكافة الطلبات المشروعة التي صرح بها أو طلبتها هيئة الدفاع الخاصة به.
مخاوف الموت
وأعربت المنظمة عن مخاوف من وفاة مرسي داخل محبسه، وقالت: “وكأن الغاية الكبرى التي يبغونها هي أن يلقى الرجل حتفه داخل محبسه، ليتخلصوا من شخصٍ لطالما ظل الشخص الأكثر حرجًا لنظامٍ يبحث عن شرعية “مُتكاملة”، ويبقى له التخلص من شخص د. محمد مرسي، ليتم له هذا التكامل، مؤكداً أن د. محمد مرسي يتعرض لانتهاكات ممنهجة في غيبةٍ عن الدستور والقانون والمواثيق الدولية، وبتعمُّدٍ مُمنهج من قبل النظام وأدواته وأذرعه المختلفة.
وأشار إلى أنه تعرض للاحتجاز التعسفي في العديد من الأماكن وهي استراحة نادي الحرس الجمهوري بالقاهرة، والقاعدة البحرية بأبي قير بالإسكندرية، ومُلحق سجن برج العرب بالإسكندرية، وغرفة معزولة ملحقة بعنبر 2 بسجن شديد الحراسة “العقرب” بالقاهرة، وغرفة معزولة ملحقة بسجن ملحق المزرعة بمجمع سجون طرة (المكان المتواجد به حاليًا)، فيما كانت أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها داخل محبسة هي: الحبس الانفرادي التام طوال فترة الخمس سنوات السابقة، وعدم التواصل مع أهله أو محاميه إلا مرتين فقط طوال تلك المدة، وعدم وجود طبيب لمتابعة حالته الصحية التي تدهورت بشكلٍ يومي، فضلاً عن أن الزنزانة في سجن العقرب حجرة واحدة، مُصممة بشكلٍ يستحيل معه التواصل بينه وأي من المعتقلين بالعنبر نفسه بأي شكل من الأشكال، والزنزانة في سجن ملحق المزرعة، أكثر انعزالًا، ومنذ مارس 2017 مُنع عنه التريض، وتعرض في فترة تولي اللواء مجدي عبدالغفار لوزارة الداخلية لمضايقات كثيرة، تبدأ بتجريد زنزانته من كل محتوياتها، وتم منع الصحف اليومية القومية عنه، وتم منع إيداع أمانات في حسابه بالسجن، ليتم إجباره على تناول وجبات السجن المنزوع منها الملح، التي لا تصلح بأي حال للغذاء الآدمي، وفي حال يتم السماح له بشراء طعام من الكافيتريا، فلا يسمح لذويه إلا بإيداع 1000 جنيه في الشهر (60 دولارًا)، وتم منع المشروبات الساخنة عنه، وإجباره على تناول أكل السجن، مع منع المياه المعدنية، وإجباره على شرب المياه العادية الملوثة بمياه الصرف الصحي، ومنعت إدارة السجن الأدوية الدورية المخصصة له، سواء التي يتم صرفها من قبل مستشفى السجن، أو من خلال إرسالها مع المحامين في الجلسات، وهو ما أدَّى لارتفاع نسب السكر لديه بشكل كبير، ما أثر على نظره بشكلٍ واضح.
ولفت التقرير إلى بيان أسرته للمؤسسات الحقوقية والهيئات في العالم العربي والإسلامي، للتحرك العاجل في ظل الأنباء الواردة المتعلقة بسوء الحالة الصحية له منذ عام 2013م، وكذلك نتائج تقرير “الهيئة البرلمانية البريطانية المكلفة بالتحقيق في ظروف اعتقال د. محمد مرسي”، التي حذرت فيه من تعرضه للوفاة، بسبب سوء الرعاية الصحية والمعاملة الوحشية وغير الإنسانية التي يتعرض لها داخل المعتقل.
(المصدر: مجلة المجتمع)