توظيف الفن والسينما في الحرب على الإسلام
بقلم صهيب مقداد
تساهم السينما وصناعة الأفلام والمسلسلات بشكل كبير في تكوين الرأي العام وخلق صورة ذهنية معيّنة في عقول الجماهير خاصة الشّابة منها، ومجالات صناعة الأفلام والمسلسلات هي متنوعة، فمنها التاريخية التي تعمل على الإضاءة على إحدى الفترات التاريخية وتقوم بإسقاط المَشاهِد بما يجعل المُشاهِد يرى تلك الفترة بتفاصيل مرئية وكأنه قد عايشها، ومنها أيضًا الدراما والرعب والإثارة وغيرها الكثير.
ودعوني أضرب لكم مثال لعلي أوصل لكم من خلاله كم التأثير الذي تقوم به المسلسلات والأفلام:
سنة 2020 أُنتج المسلسل الأمريكي The Queen’s Gambit (مناورة الملكة) وكان هدف المسلسل هو التركيز على لعبة الشطرنج كإحدى الألعاب العبقرية، وبمباريات حقيقة وبإشراف خبير شطرنج روسي، لإظهار اللعبة بشكل مليئ بالإثارة، ونجاح المسلسل أدى لإرتفاع قياسي في مبيعات الشطرنج، فقد كشفت شركة NPD Group لأبحاث التسويق، بأن نسبة مبيعات الشطرنج زادت بعد عرض المسلسل 87% ومبيعات الكتب التي محتواها عن الشطرنج بنسبة 603%.. وهذا مثال على قوة تأثير السينما.
على ما سبق يُظّف كل طرف هذه الصناعة لترويج أفكاره وما يريد إيصاله للجمهور، ويعمل كل طرف-سواء كان حكومة أو شبكة إنتاج- بِجّد لتسويق ما يريدونه، ولهذا شهدنا هجوم مُبّطن في بعض الأفلام والمسلسلات العربية، هدفه الإساءة للمشايخ وعلماء الدين وتصوير كل مسلم مُلتزم بسنة رسول الله صل الله عليه وسلم على أنه متخلّف متحجّر العقل، وتجد الصفات الأساسية التي يعرضونها للشخصية المسلمة التي يريدون إيهام العالم بها:
-الحديث بالعربية الفصحى
-الوجه الأجش الخُشن
-التشدد
-الالتزام بالصلاة(وكأنها تُهمة وتشدد)
وعلى العكس، يظهر ذاك الشاب المسلم الوسيم صاحب الوشم ورفيق الحسناوات والأزعر ليتم تصديره على أنه المُسلم الوسطي الذي يُحّب الحياة وصاحب البطولات، الوطني، مُنقذ الأرواح، على أنه المِثال القُيِم للمُسلم الذي يجب أن يكون عليه الشباب اليوم..
ومن ناحية أخرى حاولت المسلسلات تحريف الحقائق التاريخية بما يخدم مصالح الدولة التي أنتج فيها المسلسل، كمسلسل ممالك النار الذي أُنتج في مصر وبدعم إماراتي بغرض ترسيّخ فكرة أن العثمانيين ليسوا إلا احتلالا، وهذا مسلسل حريم السلطان الذي صوّر السلطان سليمان القانوني على أنه زير نساء، وعلى المُسلم أن يعي بأن الحقائق التاريخية لا تؤُخذ من الأفلام والمسلسلات الي يملؤها التحريف التزييف.
في المسلسل السوري الذي أنتج سنة 2018 وهو من النوع الكوميدي، ظهر الفنان مصطفى المصطفى بدور شخصية “تيسير الكبريتي” بشخصية تم إظهارها على أنها من العصر الحجري، ويتم تعريفه ضمن طاقم العمل على أنه “المتدين” وبقية الشخصيات كالفنان والضابط والاقتصادي كلهم يمثلون المسلم الوسطي الجميل، وأنظر هذا الحوار الذي ظهر في أحد اللقطات عندما طلب الرائد صفا الدابول من تيسير الكبريتي(المتدين) أن يدعوا على رولا ورشوان:
-وديع: ما كنت مفكرك بتآمن بهيك شغلات
-صفا: ما بآمن بس بلكي بتزبط
وهل من مُسلم لا يؤمن بأن الدُعاء هو عبادة عظيمة؟ وهل من مُسلم لا يؤمن بالدُعاء؟ وكأن الدعاء لا يؤمن به إلا المتدينين من المسلمين!.. وهم الذين يقولون: الفن رسالة.
فإن كان الفن رسالة، فما الرسالة أو المغزى الذي يريد إيصاله من يقوم بتمرير مثل هذه اللقطات والمشاهد؟
الأمثلة أكثر من أن تُحصى وعلى المُسلم أن يكون حذرًا من تمرير مثل هذا في دماغه دول تصفيته من الشوائب؛ لكي لا تصبح الإنحرافات والمغالطات مع كُثر التِكرار والمشاهدة وتجمعها، راسخة في الذهن على أنها الأصل ومن الدين وغيرها شذوذ عن القاعدة، وأن أعداء الإسلام لا يدعون منفذ ولا طريقة لمحاولة هدمه إلا وسلكوها.
المصدر: موقع البوصلة