تنظيم الشيطان.. يحارب كل تنظيم منظم! (الأخيرة)
أقول: حقيقة ما نراه ونعايشه من اعتداء وتشكيك في الدين ليس وليداً آنياً، إنما هو نتيجة عمل طويل عداء للدين، ومن ثم العدو يسعى اليوم لجني الثمار كما يظن ويتصور.
ليس غريباً أن نجد اتفاقاً هنا وهناك، بين من تباعدت بينهم المسافات جغرافياً، وهذا الاتفاق ضد الدين دليل التواصل الفكري والدعوي تنظيماً، وهو واضح لكل من له عقل وإن كان صغيراً.
هناك حرب على الحجاب، وأخرى على “حماس” في فلسطين المحتلة و”الجهاد”، وفي مكان آخر نشر الرذائل مثل الشذوذ وما شابه، وهناك مشايخ تحلل الخمر، وآخر يجعل المسؤول إلهاً وبمجرد نقده يتحول الناقد إلى “الخوارج”، والخوارج قتلهم جائز شرعاً! وعميد كلية شرعية يقول: لو أن المسؤول زنا ومارس الشذوذ على الهواء مباشرة من حقه بشكل أو بآخر! وآخر يطعن في علوم السُّنة وقواعدها العلمية، وبعضهم صرح قائلاً: إن القرآن والسُّنة فيهما أخطاء! وذاك يقول: إن بعض نصوصنا المقدسة فيها دعوى للكراهية والإرهاب! والبعض يتمسك بمفردة “ترهبون” في قوله تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال: 60).
يسخر البعض من أدعياء الإنسانية من قول الله تعالى: “واعدوا”، مع التركيز على مفردة “ترهبون”، ويتوقف هذا الساخر ويدعي أنها دعوة إلى الإرهاب والكراهية، وهناك من يدعو إلى تسييح الأديان وطرح “الإبراهيمية” مساواة لكل الأديان سماويها ووثنيها!
ظهرت لنا نوعية تدعي أنها إنسانية في تصرفاتها وعيشها وفكرها، وهي تتقرب إلى أسيادها وتتزلف، فكان بينها وبين أسيادها واقع من النفاق الغريب الممقوت، وواقعهم الحواري يقول:
أنا المواطن الشريف، راقي الفكر ونظيف، أمجد ولي الأمر السيئ الذي فقط، في نظري الشريف، إن صفعني قلت له: نسيت أن تبصق في وجهي، ونسيت أن تركلني على دبري.
يضحك المسؤول ويقول: كم أنت حبيب وراقي الفكر وعفيف! وكم أنت صالح محترم! لا تثريب عليك، فأنت مني قريب، وأنت المقرب الحبيب.
أنا الخادم سيدي، أبجلك تبجيلاً، وأترك الكلام فيك والقيل والقال، فأنت المنزه لا شك ولا ريب، ومن يجادلك مبتدع، زنديق من الخوارج يستحق القتل والقتال، فأنت الصواب، ومنك يصنع الصواب، وأخطاؤك الصواب وإليك المتاب، ومنك أحصل على الأجر والثواب، ولا يصح من أحد غيرك للسؤال جواباً! فأنت ولي الأمر ولا شك من الله مؤيد! وعصيانك من معصية الله تعالى، ومن عصاك عذابه مؤبد! ها أنا بين يديك خادم، للخوارج قاتل، ولك أخدم منبطحاً، وبأمرك أعمل، أرتجي بذلّي هذا لك أن يكون الله عني راضياً، هذا هو عقلي وعقيدتي ومذهبي أخذته من السلف! ومن خالفهم لدينه ودنياه تلَف، سلفي سلفي أتبع السلف! من نصح المسؤول تالفٌ هالك وكان ممن يدعي زوراً وبهتاناً.. خير من السلف.. الخلف!
هذا أنا سلفي العصر اليوم، والبعض يتجنى عليَّ ويقول عني سفلي بدلاً من سلفي، وها أنا أحدثك سيدي، وبين يديك أرتمي، رضاك عني أرتجي، وحاجتي وظيفة قيادية لي أولاً، ومن ثم لأولادي ميراثاً هي، خلف من بعد خلف، وثق بالله أننا نستطيع أن نضع لك من الفتاوى ما هو خير لك دنيا وآخرة! فالدنيا دنياك، ومعك بالدنيا سمعاً وطاعة انبطاحاً وجلوساً وهرولة، وجلداً لظهري، وهتكاً منك لعرضي قنطرة للنجاة في الآخرة! يوم نشر الكتب ونثرها، فأنا لك طائع في كل ما تقول، فأنت معصوم بأمر الله تعالى!
السيد أنا.. ونعم المواطن أنت.. ونعم السلف! أنت حقاً حقيقٌ بالدين، والصولة بين الناس لتعليم الناكرين فضلي وحقوقي الشرعية، فأنت رائع، لك الدين القويم، ذكرتني بإخوانك السابقين، مثلك أتقياء شرفاء! أصحاب دعوة الحق والدعوة الإنسانية، أصحاب الفكر والعقل والدين المدموج أدياناً أرضية وسماوية! إخوانك أهل الأصول من صغار الأسنان بسيطي الأحلام، وأمثالهم من سلفك، ابن سبأ وقرامطة، وديصانية وفرماوية، بابية وبهائية، وقاديانية وزندقة صوفية، واليوم أنت باسم السلفية يا سلفي الأمة تشرعن شرعاً، وتعيد للأمة إنسانيتها بدعوى الإبراهيمية! نصرة لولي الأمر المؤيد من الله ونصرة للإنسانية!
يقول الله: أيها الكذبة مدعي الدين وما أنتم إلا كهنة وحاخامات يهود صهاينة، يقول تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة: 32)، (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء) (النساء: 89)، (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال: 30)، (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران: 160)، (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ {1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً {2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) (النصر).
نعم، إنهم أضعف مما نتصور متى ما تمسكنا بنور الله تعالى.
وجزاكم الله خيراً على صبركم عليَّ والمتابعة والنصح.
(المصدر: مجلة المجتمع)