تكامل المنهج المعرفي في العلوم الشرعية وأهميته لطلاب علم التفسير
تأليف: أ. عمرو الشرقاوي
ملخص البحث
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فإن علم القرآن العظيم: هو أرفع العلوم قدرًا، وأجلها خطرًا، وأعظمها أجرًا، وأشرفها ذكرًا، وإن الثقافة المتكاملة الآخذة بطرف من كل علوم هذا العصر، تجعلك أبصر بالحق، وأفقه بالباطل، وأعرف بالناس، وتزيد عدتك التي تعتد بها، وكثير من أبوابها يزيدك فقهًا بالدين، ويعين على التفكير الإبداعي ونقل الأفكار من حقل إلى حقل، وليس الخبر كالمعاينة وقد يعسر على صاحب الوجد أن يصف الصبابة وصفًا يحقق ما في نفسه في نفس سامعه.
وإن المفسر لا بد له من الاطلاع على محفز لاستكمال عدته المعرفية، واقتحام المصاعب، وركوب الصعب والذلول للوصول إلى مبتغاه ومن هنا كان هذا البحث.
وإن البحث يهدف لإبراز ما يحتاج إليه طالب علم التفسير من العلوم الشرعية، وقد أخرجت من البحث العلوم التي تختص بالقرآن من حيث هو، كالتجويد والقراءات، ورسم المصحف وعد آيه، وعلوم القرآن، وأصول التفسير، ومناهج المفسرين.. إلى غير ذلك إذ هي من خاصة علوم المفسر، وهي صالحة للبحث المفرد.
كذلك فإن طالب علم التفسير المعاصر لا يكفيه أن يطلع على العلوم الشرعية -على كثرة تشعبها- فحسب، بل يلزمه أيضًا أن يطلع على العلوم الإنسانية لا سيما مع استخدامها من قبل أقوام كمدخل للطعن -زعموا- في القرآن وعلومه، لكنها تحتاج كذلك إلى بحث مفرد، ولذا فقد استبعدها الباحث.
وعطفًا على ذلك فقد اختار الباحث أن يبحث في أهمية العلوم الشرعية، لضيق الوقت، وقلة الاستقراء اللازم للكتابة في الحاجة للعلوم الإنسانية.
واعتمد الباحث الإشارة إلى مثال أو مثالين في المتن، والإحالة على المصادر لمزيد من الاطلاع.
وقد بحثت ذلك عبر مقدمة، وفصلين، في الفصل الأول، كسرته إلى مبحثين، تحدثت في المبحث الأول عن مفهوم التفنن، وفي المبحث الثاني عن مفهوم التخصص، وخرجت بمقاربة بين المسارين.
وفي الفصل الثاني تحدثت عن أهمية العلوم الشرعية، فتحدثت في المبحث الأول، عن أهمية علم العقيدة، ثم تحدثت في المبحث الثاني، عن أهمية علوم الحديث، وجاء المبحث الثالث، في أهمية علم الفقه وأصوله، ليختم المبحث الرابع بأهمية العربية وفنونها.
لأخلص إلى خاتمة تحتوي على أهم النتائج والتوصيات.
وفي كل هذا اعتنيت بضرب الأمثلة وبيان استعمال كبار المحققين من أهل التفسير في هذه الفنون.
ولذلك فأبرز النتائج التي توصلت إليها:
1- بيان أهمية العلوم الشرعية وأنها إخوة لعلات.
2- بيان التقاطع الكائن بين تلك العلوم مع علم التفسير.
3- ضرب أمثلة من خلال كتب التفسير على أهمية تلك العلوم.
وعلى ذلك، أقول: ما هذا الجهد إلا استمداد مما كتبوه، وإبراز لما حرروه، والله أسأل أن يتقبل هذا الجهد إنه خير مسؤول، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله والحمد لله رب العالمين.
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن علم القرآن العظيم: هو أرفع العلوم قدرًا، وأجلها خطراً، وأعظمها أجراً، وأشرفها ذكرًا [1]، وإن أحق ما صرفت إلى علمه العناية، وبلغت في معرفته الغاية، ما كان لله في العلم به رضا، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وإن أجمع ذلك لباغيه، كتاب الله الذي لا ريب فيه، وتنزيله الذي لا مرية فيه، الفائز بجزيل الذخر وسنى الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد [2].
أهمية الموضوع.
إن الثقافة المتكاملة الآخذة بطرف من كل علوم هذا العصر = تجعلك أبصر بالحق، وأفقه بالباطل، وأعرف بالناس، وتزيد عدتك التي تعتد بها، وكثير من أبوابها يزيدك فقهًا بالدين، ويعين على التفكير الإبداعي ونقل الأفكار من حقل إلى حقل، وأقل رتبها شيئًا ما يكون كالنومة لا يعسر إعداد نية لها، وليس الخبر كالمعاينة وقد يعسر على صاحب الوجد أن يصف الصبابة وصفًا يحقق ما في نفسه في نفس سامعه فاطلب = تجد.
وإن المفسر لا بد له من الاطلاع على محفز لاستكمال عدته المعرفية، واقتحام المصاعب، وركوب الصعب والذلول للوصول إلى مبتغاه ومن هنا كان هذا البحث.
مشكلة البحث.
تكمن مشكلة البحث في إبراز ما يحتاج إليه طالب علم التفسير من العلوم على تشعبها، وكثرة مناهجها، ولذا فقد أخرجت من البحث العلوم التي تختص بالقرآن من حيث هو، كالتجويد والقراءات، ورسم المصحف وعد آيه، وعلوم القرآن، وأصول التفسير، ومناهج المفسرين.. إلى غير ذلك إذ هي من خاصة علوم المفسر، وهي صالحة للبحث المفرد.
كذلك فإن طالب علم التفسير المعاصر لا يكفيه أن يطلع على العلوم الشرعية -على كثرة تشعبها- فحسب، بل يلزمه أيضًا أن يطلع على العلوم الإنسانية لا سيما مع استخدامها من قبل أقوام كمدخل للطعن -زعموا- في القرآن وعلومه، لكنها تحتاج كذلك إلى بحث مفرد، ولذا فقد استبعدها الباحث.
وعطفًا على ذلك فقد اختار الباحث أن يبحث في أهمية العلوم الشرعية، لضيق الوقت، وقلة الاستقراء اللازم للكتابة في الحاجة للعلوم الإنسانية مع قلة صفحات البحث المحدد من قبل الجهات المنظمة.
ومن مشكلات البحث قلة طرح الأمثلة على هذا الموضوع الكبير، ولذلك اعتمد الباحث الإشارة إلى مثال أو مثالين في المتن، والإحالة على المصادر لمزيد من الاطلاع.
أهداف البحث.
للبحث أهداف أجملها في نقاط:
1- بيان أهمية العلوم الشرعية وأنها إخوة لعلات.
2- بيان التقاطع الكائن بين تلك العلوم مع علم التفسير.
3- ضرب أمثلة من خلال كتب التفسير على أهمية تلك العلوم.
وقد بحثت ذلك عبر مقدمة، وفصلين، في الفصل الأول، كسرته إلى مبحثين، تحدثت في المبحث الأول عن مفهوم التفنن، وفي المبحث الثاني عن مفهوم التخصص، وفي الفصل الثاني تحدثت عن أهمية العلوم الشرعية، فتحدثت عن أهمية علم العقيدة، ثم تحدثت عن أهمية علوم الحديث، فعلوم الفقه وأصوله، فالعربية وفنونها، لأخلص إلى خاتمة تحتوي على أهم النتائج والتوصيات.
هذا، ولم يكن ذلك البحث غائبًا عن علمائنا، فقد بحثوه في كتبهم من خلال مبحث (شروط المفسر وآدابه) [3]، ولذلك قال النووي رحمه الله في بيان أهمية جمع الآلات للمفسر: “ويحرم تفسيره بغير علم، والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها، والأحاديث في ذلك كثيرة والاجماع منعقد عليه.
وأما تفسيره للعلماء، فجائز حسنٌ، والاجماع منعقد عليه، فمن كان أهلًا للتفسير، جامعًا للأدوات حتى التي يعرف بها معناه، وغلب على ظنه المراد = فسره إن كان مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك، وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل، وتفسير الألفاظ اللغوية = فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله، وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته، فحرام عليه التفسير، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله” [4].
وعلى ذلك، أقول: ما هذا الجهد إلا استمداد مما كتبوه، وإبراز لما حرروه، والله أسأل أن يتقبل هذا الجهد إنه خير مسؤول، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله والحمد لله رب العالمين.
الفصل الأول: طالب العلم بين التفنن والتخصص
تمهيد:
لا شك أن من التوفيق أن يحدد طالب العلم لنفسه هدفًا يسعى إليه، ويبذل الغالي والرخيص، والنفس والنفيس في سبيل تحصيل تلك الأهداف التي رسمها لنفسه، وإن من المشكلات التي تعوق بعض الناس في هذا العصر ذلك السؤال الذي يصاغ في أيسر صوره بهذا الأسلوب؛ التفنن أم التخصص[5]؟
وقبل الإجابة عن هذا السؤال أقدم بوصية خَالِد بْن يَحْيَى بْنِ بَرْمَكَ لِابْنِهِ، حيث قال له: “يَا بُنَيَّ، خُذْ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ بِحَظٍّ؛ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ جَهِلْتَ وَإِنْ جَهِلْتَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ عَادَيْتَهُ لَمَّا جَهِلْتَ، وَعَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تَعَادِيَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ” [6].
المبحث الأول: التفنن
التفنن لفظ مولد غير عربي، مشتق من لفظ الفن، والفن واحد فنون وأفنان، يقال: افتن الرجل في كلامه وخصومته؛ إذا توسع وتصرف [7].
وإطلاق هذا اللفظ في هذا الموطن يراد به التوسع والتصرف والاشتغال بأبواب مختلفة من العلم.
ونحن إذا نظرنا إلى واقع السلف فإننا سنجد أن العلوم كانت في الصدر الأول سليقة ثم لما دونت العلوم، وتشعبت كان العلماء أهل تفنن ونظر في كل تلك العلوم.
وأما التخصص الذي درج عليه بعض الناس، وزعم أن الطالب ليس له إلا أن يتخصص في فرع معين من فروع العلم، وهو لا يدري شيئًا عن غيره فليس من سبيل المتقدمين في شيء وهو أضر ما يكون على العلوم وأهلها.
وخلاصة الأمر؛ أن التفنن الذي أعنيه هنا، هو أن يحصل الطالب من كل علم من العلوم الشرعية (وسائل ومقاصد) ما يعينه على الاجتهاد الجزئي في تلك العلوم، ويؤهله لأن ينظر في أقوال أهل تلك العلوم نظرة الناقد البصير القادر على أن يزن تلك الأقوال ويرجح بينها.
فصفة العلاقة بين المتفنن والعلم كونه ذا معرفة بمسائل العلم وكتبه ومناهج البحث فيه وطرائقه ما يؤهله بالقوة لتحرير مسائله إذا ما أقبل عليها واستفرغ وسعه في طلب الحق فيها.
وهذا المتفنن لا بد له من تصور مسائل العلوم، وما وقع فيها من نزاع ووفاق، وتاريخ العلم، ومراحل تطوره، ومناهج التصنيف فيه، مع إدمان للاتصال بأهل التخصص فيه، وسؤال الله التوفيق في ذلك فإنه خير مسؤول.
وأختم هذه القضية، بإيراد ما ذكره الإمام ابن جماعة، في تذكرته، حيث قال: “على الطالب أن يحذر في ابتداء أمره من الاشتغال في الاختلاف بين العلماء أو بين الناس مطلقًا في العقليات والسمعيات؛ فإنه يحيّر الذهن ويدهش العقل، بل يتقن أولًا كتابًا واحدًا في فن واحد، أو كتبًا في فنون إن كان يحتمل ذلك، على طريقة واحدة يرتضيها له شيخه.
فإن كانت طريقة شيخه نقل المذاهب والاختلاف، ولم يكن له رأي واحد؛ قال الغزالي: “فليحذر منه؛ فإن ضرره أكثر من النفع به”. وكذلك يحذر في ابتداء طلبه من المطالعات في تفاريق المصنفات؛ فإنه يضيع زمانه، ويفرق ذهنه، بل يعطي الكتاب الذي يقرؤه أو الفن الذي يأخذه كليته حتى يتقنه، وكذلك يحذر من التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجب؛ فإنه علامة الضجر وعدم الإفلاح.
أما إذا تحققت أهليته، وتأكدت معرفته؛ فالأولى أن لا يدع فنًا من العلوم الشرعية؛ إلا نظر فيه، فإن ساعده القدر وطول العمر على التبحر فيه؛ فذاك، وإلا فقد استفاد منه ما يخرج به من عداوة الجهل بذلك العلم، ويعتني من كل علم بالأهم فالأهم، ولا يغفلن عن العمل الذي هو المقصود بالعلم” [8].
المبحث الثاني: التخصص
قد يكون مدعاة للغموض الجمع بين التفنن والتخصص في الحث عليهما معًا، ولكن تلك الريبة تزول إذا عرفت أن التخصص الذي ندعو إليه غير الفصام الذي يدعو إليه آخرون، إن التخصص شيء والفصام شيء آخر، ذلك أن التخصص الذي أعنيه:
أن يفرغ الطالب لعلم معين بعد فراغه من دراسة ما يؤهله من بقية العلوم ليستخرج دقائقه ويحرر مسائله، وما إلى ذلك، مع العناية بالعلوم التي تتصل بالعلم الذي رام التخصص فيه، أما الفصام المشئوم فليس من وكدي الدعوة إليه، ولا الثناء عليه.
فهذا التخصص منهج ضروري لا حياة ولا بقاء للعلوم إلا به.
وقد نبه العلماء قديمًا على أهمية التخصص في العلوم، فقال الخليل ابن أحمد الفراهيدي (ت 170هـ): “إذا أردت أن تكون عالمًا فاقصد لفن من العلم، وإذا أردت أن تكون أديبًا فخذ من كل شيء أحسنه” [9].
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ): “ما ناظرني رجل قط وكان مفننًا في العلوم إلا غلبته، ولا ناظرني رجل ذو فن واحد إلا غلبني في علمه ذلك” [10].
إن هذه العبارات وأمثالها من الأئمة الدالة على فضل المتخصص = جاءت لتؤكد أن كل علم من العلوم بحر من البحور، لا يعرفه ويصل إلى كنوزه وخفاياه إلا من غاص أعماقه، وقصر حياته على الغوص فيه، أما من اكتفى بالسباحة على ظهر كل بحر من بحور العلم، فإنه إنما عرف ظواهر تلك البحور، وما عرف من كنوزها شيئًا.
وخاصة أهل عصرنا، فإن العلوم قد ازدادت تشعبًا، وعظم كل علم عما كان، بمؤلفات أهله فيه على امتداد العصور السابقة، وبزيادة اختلافهم وأدلة كل صاحب قول منهم؛ ومع ذلك فقد ضعفت الهمم، ونقصت القدرات عما علمناه من أئمتنا السالفين؛ وذلك بيّن واضح لمن عرف سيرهم وأخبارهم ووازن بين حالهم وحالنا؛ أولئك كانوا بما تعلموا وعلموا وألفوا وجاهدوا وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر كأن أعمارهم ليست بين الستين والسبعين وإنما بين مائة وستين ومائة وسبعين!! بل والله أكثر!!! أولئك كانت حياتهم كرامة، وجهدهم معجزة خارقة للعادات!!! فأين نحن من أن نحوي علومهم؟! وأنى لنا أن نستوعب علم ما خلفوه لنا؟! ومع ذلك فقد تكلم هؤلاء أنفسهم عن فضل التخصص في العلم، فما أجهلنا إن حسبنا أننا بغير التخصص سنفهم علمًا من العلوم!!! [11].
والتخصص يجعل الإنسان مبدعًا، منصفًا، وهو من أكثر الناس لقالة (لا أدري)، إذا سئل عن غير تخصصه. ولهذه القالة بركة لا يعرفها إلا قليل، فهي باب التواضع الكبير، وباب للعلم أكبر.
ولكل علم دقائقه التي خبرها أهل التخصص، وقادتهم إلى دقائق الدقائق، فهم فقهاء العلوم حقًا، وأطباء الفنون صدقًا، يقول الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني تلميذ الشافعي (ت 260هـ): “سمعت الشافعي يقول: من تعلم علماً فليدقق، لكيلا يضيع دقيق العلم” [12]، كذا نصائح الأئمة، نور على نور!!
وهنا أعود لأنبه على أن المطالبة بالتخصص لا يعني أن نطالب بالانفصام التام عن سائر العلوم، وأخص من العلوم مما يقبح بطالب العلم -وطالب التفسير على وجه الخصوص- جهله العلوم الإسلامية جميعًا، كعلم الفقه وأصوله والعقيدة وعلوم الآلة من نحو وصرف وبلاغة وأدب، مما ينبغي على طالب علم التفسير المتخصص أن يحصل لتكميل استفادته لتخصصه وعميق فهمه له؛ حيث إن العلوم الإسلامية بينها ترابط كبير، لا يمكن من أراد التخصص في علم منها أن يكون جاهلًا تمام الجهل بما سواه، بل ربما قادته مسألة دقيقة في علم التفسير -مثلًا- إلى التدقيق في مسألة من مسائل أصول الفقه أو غيره، حتى يخرج بنتيجة في مسألته التفسيرية. وليس ذلك بغريب على من عرف العلوم الإسلامية، وقوة ما بينها من أواصر القربى العلمية [13].
وقد أحببت بهذا الفصل التنبيه على أن العلوم الشرعية إخوة لعلات، ليس بينهن خصام ولا فرقة، والحمد لله الموفق إلى سبيل الرشاد.
الفصل الثاني: أهمية التكامل المعرفي في العلوم الشرعية لطالب علم التفسير
تمهيد، في التكامل المعرفي بين العلوم الشرعية [14]:
من الظواهر الثقافية التي تستوقف الدارس والباحث والمتابع لمسار التراث العربي الإسلامي في تطوره التاريخي هو ذلك التداخل والتلاحم القائم بين العلوم التي نشأت في هذا التراث، حيث إن العلاقة التداخلية والتكاملية كانت هي السمة البارزة والغالبة على جميع العلوم التي نشأت وتطورت في أحضان الثقافة العربية الإسلامية [15].
وهذا التداخل بين العلوم استوقف كثيرا من الدارسين، وأثار عددا من الباحثين وهو ما جعلهم يبحثون عن الأسباب وينقبون عن الدواعي ويرصدون النتائج = التي كانت من وراء هذا التداخل والتكامل الذي كان حاضرا وقائما بشكل واضح وملفت للانتباه بين عدد من العلوم.
إن فكرة التداخل والتكامل بين العلوم شكلت أحد الأفكار الأساسية والمحاور الكبرى التي لقيت رواجاً واسعاً ومناقشة مستفيضة بين الدارسين والباحثين المنشغلين بالدراسات التراثية في الآونة الأخيرة، وهو ما أفضى إلى جعل فكرة التداخل موضع عناية ومحور اشتغال واهتمام بين عدد كبير من المشتغلين بالتراث العربي الإسلامي.
ومن أبرز الأسباب التي ساهمت في هذا التداخل:
1- أن العلوم الشرعية لم تكن بمنأى عما تعرفه العلوم الأخرى من إشكالات نظرية وتحولات معرفية وتساؤلات منهجية = خاصة في تبادل الوظائف واستعارة المفاهيم، أو فيما تطرحه هذه العلوم من أسئلة نظرية وإشكالات معرفية ومنهجية = خاصة ما كان من قبيل الأسئلة المؤسسة لبنائها المعرفي وجهازها المفاهيمي. أو ما تعلق كذلك بمرجعيتها المؤسسة لها.
2- مما ساعد على هذا التكامل والتواصل بين هذه العلوم بجميع فروعها وأقسامها أصلية كانت أو خادمة للأصل نقلية كانت أم عقلية هو وحدة الإطار والمرجع الذي يجمع هذه العلوم. إذ التحمت هذه العلوم بمجملها وفي نسق واحد من أجل خدمتها للقرآن الكريم توثيقًا واستمدادًا وبياناً. فقد اتجهت كل العلوم نحو القرءان الكريم بياناً واستنباطًا واستمدادًا وتفسيرًا وتأويلاً وتوثيقًا وتحقيقًا وقراءة [16].
وقد تمخض عن مركزية النص القرآني في الثقافة العربية الإسلامية شبكة متكاملة من العلوم، من فقه وأصول وحديث وسنة وتفسير وقراءات، وغيرها من علوم القرآن، بالإضافة إلى علوم العربية التي تعرف بعلوم الآلة، من نحو وصوت وصرف ومعجم وفقه لغة وبلاغة، ولها حيّز وفصول معلومة في مباحث العلوم الشرعية.
ومما يقتضيه هذا الموقف أن طلب العلوم التراثية معرفيًا ومنهجياً يقتضي من طالبها استحضار قبلي لمجموعة من المعارف والعلوم المركبة لهذا التراث لكون هذه العلوم علومًا جامعة ومشتركة في مجموعة من القضايا والمسائل النظرية = خاصة ما كان متعلقًا بالمرجعيات والمفاهيم والمصطلحات التي انتقلت من حقولها المعرفية إلى حقول معرفية أخرى مكتسبة بهذا الانتقال والعبور معان ودلالات جديدة متداخلة في الوظائف ومشتركة في المهام والأدوار والقاسم الذي يجمعها هو خدمتها للنص القرآني توثيقًا واستمدادًا وبيانًا وتفسيرًا وتأويلًا.
ومما يثير الباحث وهو يستحضر ويتابع أثر هذا التداخل = أن كثيرًا من العلوم نضجت وتطورت في أحضان علوم أخرى خاصة العلوم التي يجمعها وحدة الموضوع وتشترك في وحدة الهدف والغاية. فعلم البلاغة وعلم اللغة وعلم النحو من العلوم التي نضجت ونمت وتطورت في أحضان علم التفسير.
وطلبًا للاختصار سنحاول إبراز أهمية العلوم الشرعية لطالب علم التفسير.
المبحث الأول: أهمية علم العقيدة لطالب علم التفسير
علم العقيدة من أشرف العلوم، وهو مهم لطالب علم التفسير من جهات متعددة [17]، ومن ذلك:
أولًا: جهة الفهم الصحيح للقرآن من غير تفريط ولا إفراط، وذلك أن من الخطأ أن يعتقد الإنسان رأيًا ثم يحمل ألفاظ القرآن عليها من غير هدى من طريق السلف رضي الله عنهم [18]، وذلك كتأويل الروافض لآيات نزلت في القرآن لتشهد لاعتقادهم الفاسد، وتأويل المعتزلة لآيات الصفات، وتأويلات الباطنية وغلاة المتصوفة، وغير هؤلاء ممن ينتسب إلى الفرق المختلفة.
وكل هؤلاء إنما وقع الخطأ عنده من إحدى جهتين:
1- الاعتقاد الفاسد الذي اعتقدوه، وأرادوا حمل القرآن عليه.
2- أو الهوى -نسأل الله السلامة- الذي دفعهم لنصرة مذهبهم ولو كان باطلًا.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728) طرفًا من ذلك في مقدمته في أصول التفسير، ومما ذكره: “تفسير الرافضة كقولهم: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [سورة المسد، الآية: 1] هما أبو بكر وعمر، و{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} [سورة البقرة، الآية: 67] هي عائشة.
وكقول بعضهم {وَالتِّينِ} أبو بكر {وَالزَّيْتُونِ} عمر {وَطُورِ سِينِينَ} عثمان {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [سورة التين، الآيات: 1-3] علي، وأمثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا يدل عليه بحال” [19].
ثانيًا: والجهة الأخرى لأهمية تعلم علم العقيدة، أن العلماء من سائر الطوائف صنفوا في علم التفسير، وتعلقوا به، ووقع في كلامهم خلط الحق بالباطل، فمتى كان الطالب لعلم التفسير على خُبْر بتلك العقائد سلم من الزلل بتوفيق الله تعالى.
قال الإمام ابن جزي (ت: 741): “وأما أصول الدين: فيتعلق بالقرآن من طرفين:
أحدهما: ما ورد في القرآن من إثبات العقائد وإقامة البراهين عليها، والرد على أصناف الكفار.
والآخر: أن الطوائف المختلفة من المسلمين تعلقوا بالقرآن، وكل طائفة منهم تحتج لمذهبها بالقرآن، وترد على من خالفها وتزعم أنه خالف القرآن، ولا شك أن منهم المحق والمبطل.
فمعرفة تفسير القرآن توصل في ذلك إلى التحقيق، مع التسديد والتأييد من الله والتوفيق” [20].
فلا بد من ضبط الاعتقاد لينضبط التفسير، والآيات المرتبطة بالاعتقاد كثيرة، ومن أسباب الخلل في فهم معانيها عند بعض المفسرين = الاعتقاد الذي اعتقدوه.
وأما كيفية معرفة فساد أقوال هؤلاء فقد ذكر شيخ الإسلام طريقة ذلك، ورتبها على الآتي [21]:
1- معرفة القول الصواب الذي خالفه هؤلاء المبتدعة.
2- أن يتيقن أن قول السلف هو الحقُّ، وأن تفسير السلف يخالف تفسير المبتدعة.
3- أن يعرف أن تفسير المبتدعة مُحدثٌ مبتدع.
4- أن يعرف بالأدلة التي نصبها الله للحق فساد قولهم.
ويمكن أن يزاد عليه: معرفة الرأي المبتدع على وجهه وحقيقته، إذ كثيرٌ ممن يقرؤون التفسير لا يُحسنون معرفة المذاهب المخالفة، فيفوت عليهم شيء من أقوال المبتدعة، وتدخل عليهم وهم لا يشعرون.
وقد رأيت بعض من يحقق تفسيرًا من التفاسير المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة لا يعرف سوى المخالفة في بعض صفات الذات الإلهية؛ كصفة اليد أو الوجه، أو بعض صفات الفعل؛ كالغضب والرحمة، ولا تراه يتعدى ذلك إلى موضوعات العقيدة المختلفة كالقول في كلام الله، والقول في الإيمان، والقول في القدر، وغيرها من مسائل العقيدة.
وأخيرًا، فإنه يحسن بمن يريد أن يقرأ التفسير من كتبه المتعددة أن يكون عارفًا بالقول الصواب الذي عليه السلف، مُلِمًّا بأقوال هذه الفرق لكيلا يقع في أقوالهم وهو لا يشعر بذلك.
المبحث الثاني: أهمية علوم الحديث لطالب علم التفسير
أهمية السنة لطالب علم التفسير متشعبة، ولذا سأجمل بعض النقاط في هذا الموضوع الطويل [22]:
1- كتب الحديث أحد أهم مصادر المفسر، فلا يستغني المفسر عن الاطلاع على كتب السنة لاستخراج ما يقف عليه من تفسير نبوي، أو تفسير السلف رضي الله عنهم من الصحابة والتابعين، وأتباعهم.
قال شيخ الإسلام (ت: 728): “إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن.. فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: “كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن”.. والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة.. وحينئذ، إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم.. إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين” [23].
2- دخول التفسير كأحد الكتب الرئيسة في مرحلة من مراحل علم التفسير، وذلك تحديدًا في (فترة نهاية القرن الثالث)، فنلاحظ أن علم التفسير دخل على أنه باب من أبواب الكتب الحديثية، فمثلاً: نجد سنن سعيد بن منصور فيها كتاب التفسير، وصحيح البخاري فيه كتاب التفسير، وسنن الترمذي فيها كتاب التفسير، وكسنن النسائي وغير ذلك من كتب السنة.
قال الإمام ابن جزي (ت: 741): “وأما الحديث: فيحتاج المفسر إلى روايته وحفظه لوجهين:
الأول: أن كثيرًا من آيات القرآن نزلت في قوم مخصوصين ونزلت بأسباب قضايا وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من الغزوات والنوازل والسؤالات، فلا بد من معرفة ذلك ليعلم فيمن نزلت الآية، وفيما نزلت، ومتى نزلت، فإن الناسخ مبني على معرفة تاريخ النوازل لأن المتأخر ناسخ للمتقدم.
والوجه الآخر: أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كثير من تفسير القرآن، فتجب معرفته؛ لأن قوله عليه السلام مقدم على أقوال الناس” [24].
3- أما علم مصطلح الحديث فإنه مفيد للمفسر في أمور:
أولاهما: تمييز الصحيح من الضعيف عند إرادة تحرير إسناد من الأسانيد.
قال الإمام ابن عطية (ت: 542): في قوله: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [سورة الذاريات، الآية: 41]، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: “كانت نكباء”. وهذا عندي لا يصح عن علي رضي الله عنه لأنه مردود بقوله صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور» [25].
ثانيًا: التعامل مع كتب التفسير المسندة، كتفسير الطبري، وابن أبي حاتم، والدر المنثور.
فقد يحتاج إلى النظر في صحة الإسناد، إذا نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو كان التفسير متعلقًا بالحلال والحرام، أو إثبات قراءة صحابي يترتب عليها معنى من المعاني [26].
ثالثًا: أن التفسير النبوي لا بد من التثبّت من صحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم [27]، بدراسة إسناده وتخريجه والنظر في أحكام أهل العلم فيه (إن وُجدت)، ولا يجوز أن يُعتَمَدَ عليه اعتمادَنا على النصِّ النبوي؛ إلا بعد التثبّت من كونه نبويًّا حقًّا. ويُمكن الاكتفاء بأحكام أهل الاختصاص، لمن لم يكن منهم، ولا بُدّ من الترجيح بين أقوالهم إذا ما اختلفوا، أو تقليدِ أولاهم بالتقليد، لمن لم يعرف دليلَ الترجيحِ بين أقوالِهم ووَجْهَه [28] = وكل ذلك لا بد له من إحاطة طالب علم التفسير بطرف من علم المصطلح [29].
رابعًا: أن من كتب التفسير ما ينقل الصحيح والضعيف بغير تمييز، بل يوجد في بعضها موضوعات لا يحل الاعتماد عليها، فيلزم طالب علم التفسير أن يتبين ذلك كله.
خامسًا: حاجة المفسر لمعرفة رجال التفسير، ليعرف من يحل عنه النقل ومن لا يحل، وذلك فرع عن علم الحديث، وهو: علم الجرح والتعديل.
ولذلك لم يعتمد الطبري رحمه الله على رواية الكلبي بل ردها، قال: “فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَهَلْ لَكَ مِنْ عِلْمٍ بِالْأَلْسُنِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَأَيُّ الْأَلْسُنِ هِيَ مِنْ أَلْسُنِ الْعَرَبِ؟ قُلْنَا: أَمَّا الْأَلْسُنُ السِّتَّةُ الَّتِي قَدْ نَزَلَتِ الْقِرَاءَةُ بِهَا، فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى مَعْرِفَتِهَا، لِأَنَّا لَوْ عَرَفْنَاهَا، لَمْ نَقْرَأِ الْيَوْمَ بِهَا، مَعَ الْأَسْبَابِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ خَمْسَةً مِنْهَا لَعَجْزِ هَوَازِنَ، وَاثْنَيْنِ مِنْهَا لِقُرَيْشٍ وَخُزَاعَةَ. وَرُوِيَ جَمِيعُ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِنَقْلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ رَوَى عَنْهُ أَنَّ خَمْسَةً مِنْهَا مِنْ لِسَانِ الْعَجْزِ مِنْ هَوَازِنَ: الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَأَنَّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَنَّ اللِّسَانَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِسَانُ قُرَيْشٍ وَخُزَاعَةَ: قَتَادَةُ، وَقَتَادَةُ لَمْ يَلُقْهُ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ” [30].
المبحث الثالث: أهمية علم الفقه وأصوله لطالب علم التفسير
معرفة الفقه مما يحتاجه المفسر من العلوم، وذلك [31]:
1- لاشتمال القرآن على آيات الأحكام، ولذلك فقد أفردها بعض العلماء بالتصنيف، يقول الإمام ابن جزي (ت: 741): “وأما أحكام القرآن: فهي ما ورد فيه من الأوامر والنواهي والمسائل الفقهية وقال بعض العلماء: إن آيات الأحكام خمسمائة آية، وقد تنتهي إلى أكثر من ذلك إذا استقصى تتبعها في مواضعها.
وقد صنف الناس في أحكام القرآن تصانيف كثيرة، ومن أحسن تصانيف المشارقة فيها: تأليف إسماعيل القاضي (ت: 202)، وأبي الحسن الكيا (ت: 504)، ومن أحسن تصانيف أهل الأندلس تأليف القاضي الإمام أبي بكر بن العربي (ت: 543)، والقاضي الحافظ أبي محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم المعروف بابن الفرس (ت: 567)” [32].
والمقصود أن فهم أحكام القرآن من علم التفسير، وأما ما عدا ذلك من الاستنباطات، وفروع المسائل الفقهية، فإنما يستفيد المفسر من معرفته بالفقه فهم الكتب الذي ألفت على ذلك المنهج، ككتب أحكام القرآن، والتفاسير التي نحت المنحى الفقهي.
2- أن المعلومات التي تدخل في كتب التفسير لا تتعلق بالمعنى فقط بل متعلقة بالمعنى وكذلك الاستنباطات، وهي ضرب من ضروب الفقه، ومن تلك المعلومات التي يصح التمثيل لها هنا، أن أقل مدة الحامل ستة أشهر [33]، فقَدِ اسْتَدَلَّ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِهَذِهِ الْآيَةِ مَعَ الَّتِي فِي لُقْمَانَ: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [سورة لُقْمَانَ، الآية: 14]، وَقَوْلُهُ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [سورة الْبَقَرَةِ، الآية: 233]، عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَهُوَ اسْتِنْبَاطٌ قَوِيٌّ صَحِيحٌ. وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ عُثْمَانُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [34].
3- أما علم أصول الفقه، “فإنه من أدوات تفسير القرآن، وإنه لنعم العون على فهم المعاني وترجيح الأقوال، وما أحوج المفسر إلى معرفة: النص، والظاهر، والمجمل، والمبين، والعام، والخاص، والمطلق، والمقيد، وفحوى الخطاب، ولحن الخطاب، ودليل الخطاب، وشروط النسخ [35]، ووجوه التعارض، وأسباب الخلاف، وغير ذلك من علم الأصول” [36].
وذكر ابن عاشور علاقة علم الأصول بالتفسير فقال: “وأما أصول الفقه فلم يكونوا يعدونه من مادة التفسير، ولكنهم يذكرون أحكام الأوامر والنواهي والعموم وهي من أصول الفقه.
فتحصل أن بعضه يكون مادة للتفسير وذلك من جهتين:
إحداهما: أن علم الأصول قد أودعت فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال كلام العرب وفهم موارد اللغة أهمل التنبيه عليها علماء العربية مثل مسائل الفحوى ومفهوم المخالفة، وقد عد الغزالي علم الأصول من جملة العلوم التي تتعلق بالقرآن وبأحكامه = فلا جرم أن يكون مادة للتفسير.
الجهة الثانية: أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها” [37].
وهذا يبين لنا أهمية المعالجة الأصولية في كتب التفسير، ولذلك فقد استخدمها الطبري (ت: 310) رحمه الله، ومن هذا إحالته على كتابه في أصول الفقه [38]، كقوله: “وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ قَصُرَتْ مَعْرِفَتُهُ عَنْ تَوْجِيهِ الْكَلَامِ وِجْهَتَهُ أَنَّ قَوْلَهُ: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [سورة البقرة، الآية: 116] خَاصَّةٌ لِأَهْلِ الطَّاعَةِ وَلَيْسَتْ بِعَامَّةٍ. وَغَيْرُ جَائِزٍ ادِّعَاءُ خُصُوصٍ فِي آيَةٍ عَامٌّ ظَاهِرُهَا إِلَّا بِحَجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا (كِتَابِ الْبَيَانِ عَنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ)” [39].
4- وأنبه هنا إلى أهمية الانتباه أن التحرير الأصولي أسبق من التحرير في علوم القرآن، فلا بد أن ينتبه المفسر إلى مثل هذا.
المبحث الرابع: أهمية علوم اللغة لطالب علم التفسير[40]
لا يحتاج المرء لإطالة الكلام عن أهمية علوم العربية لطالب علم التفسير، فإن هذا الكتاب الكريم نزل بلسان عربي مبين، المقصود هنا أن القرآن نزل بلسان العرب على الجملة، فطلب فهمه إنما يكون من هذا الطريق خاصة، لأن الله تعالى يقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [سورة يُوسُفَ، الآية: 2].
بل كيف يتأتى لمن جهل لسان العرب أن يعرف تفسير كتاب الله، ولذلك فقد نبه الطبري رحمه الله (ت: 310هـ) على ذلك فقال: “وَإِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ مِنَ الْقِيلِ فِي ذَلِكَ، الْإِبَانَةُ عَنِ الْأَسْبَابِ الَّتِي الْبِدَايَةُ بِهَا أَوْلَى، وَتَقْدِيمُهَا قَبْلَ مَا عَدَاهَا أَحْرَى، وَذَلِكَ الْبَيَانُ عَمَّا فِي آيِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَعَانِي، الَّتِي مِنْ قِبَلِهَا يَدْخُلُ اللَّبْسُ عَلَى مَنْ لَمْ يُعَانِ رِيَاضَةَ الْعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَمْ تَسْتَحْكِمْ مَعْرِفَتُهُ بِتَصَارِيفِ وُجُوهِ مَنْطِقِ الْأَلْسُنِ السَّلِيقِيَّةِ الطَّبِيعِيَّةِ” [41].
ونبه الإمام أبو إسحاق الشاطبي (ت: 790هـ) عل ذلك فقال: “فَمَنْ أَرَادَ تَفَهُّمَهُ، فَمِنْ جِهَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ يُفْهَمُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى تَطَلُّبِ فَهْمِهِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ” [42].
ومن أهم علوم العربية التي ينبغي على طالب علم التفسير أن يهتم بإتقانها [43]:
1- علم اللغة: ومنه يدرك مفردات الألفاظ [44].
وقد رجع الصحابة والتابعون رضي الله عنهم مع فصاحتهم وجلالتهم إلى هذا كمصدر مهم، فعَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: ” كُنْتُ لَا أَدْرِي مَا {فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}، حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَنَا فَطَرْتُهَا، يَقُولُ: أَنَا ابْتَدَأْتُهَا” [45].
وعَن الشّعبِيّ قال في قوله تعالى: {فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ} [سورة النازعات، الآية: 14]، قَالَ: إِذا هم بِالْأَرْضِ ثمَّ تمثل بِبَيْت أُميَّة بن أبي الصَّلْت: وفيهَا لحم ساهرة وبحر” [46].
بل ألفت كتب خاصة بهذا الاتجاه في مفردات القرآن (غريب القرآن)، ومن أجلها مفردات الراغب الأصفهاني، وكتاب أستاذنا العلامة محمد حسن جبل، المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم.
ولمعرفة لغة العرب أثر في ترجيح المعنى، ومن ذلك قول الطبري (ت: 310هـ): “وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدَنَا بِتَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {التَّنُّورُ} [سورة هود، الآية: 40] قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ التَّنُّورُ الَّذِي يُخْبَزُ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَكَلَامُ اللَّهِ لَا يُوَجَّهُ إِلَّا إِلَى الْأَغْلَبِ الْأَشْهَرِ مِنْ مَعَانِيهِ عِنْدَ الْعَرَبِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ حُجَّةٌ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُسَلَّمُ لَهَا. وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ لِإِفْهَامِهِمْ مَعْنَى مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ” [47].
2- علم النحو [48]: إذ المعنى يتغير بتغير الإعراب، صحيح أن الأصل أن الإعراب فرع المعنى، لكن لبعدنا عن لغة العرب فإن الإعراب صار موصلًا للمعنى المراد.
يقول الإمام ابن جزي (ت: 741هـ): “وأما النحو: فلا بد للمفسر من معرفته، فإن القرآن نزل بلسان العرب فيحتاج إلى علم اللسان.
والنحو ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: عوامل الإعراب، وهي: أحكام الكلام المركب.
والآخر: التصريف، وهو: أحكام الكلمات قبل تركيبها.
وقد ذكرنا في هذا الكتاب من إعراب القرآن ما يحتاج إليه؛ من المشكل والمختلف فيه، أو ما يفيد فهم المعنى، أو يختلف المعنى باختلافه، ولم نتعرض لما سوى ذلك من الإعراب السهل الذي لا يحتاج إليه إلا المبتدئ، فإن ذلك تطويل بغير كبير فائدة” [49].
والمقصود هنا، أن علم النحو مفيد لطالب علم التفسير، من جهة فهم المعنى، ومن جهة فهم الكتب التي نحت منحى الإعراب كالبحر لأبي حيان، والدر للسمين الحلبي.
ومن أمثلة المعالجة النحوية وأثرها في المعنى، ما ذكره الطبري (ت: 310هـ) رحمه الله في قوله: “قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [سورة البقرة، الآية: 35] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ: تَأْوِيلُ ذَلِكَ: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [سورة البقرة، الآية: 35] فَإِنَّكُمَا إِنْ قَرُبْتُمَاهَا كُنْتُمَا مِنَ الظَّالِمِينَ. فَصَارَ الثَّانِي فِي مَوْضِعِ جَوَابِ الْجَزَاءِ، وَجَوَابُ الْجَزَاءِ يَعْمَلُ فِيهِ أَوَّلُهُ كَقَوْلِكَ: إِنْ تَقُمْ أَقُمْ، فَتَجْزِمُ الثَّانِي بِجَزْمِ الْأَوَّلِ. فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَتَكُونَا} [سورة البقرة، الآية: 35] لَمَّا وَقَعَتِ الْفَاءُ فِي مَوْضِعِ شَرْطِ الْأَوَّلِ نُصِبَ بِهَا، وَصُيِّرَتْ بِمَنْزِلَةِ كَيْ فِي نَصْبِهَا الْأَفْعَالَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لِلُزُومِهَا الِاسْتِقْبَالَ، إِذْ كَانَ أَصْلُ الْجَزَاءِ الِاسْتِقْبَالَ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ: تَأْوِيلُ ذَلِكَ: لَا يَكُنْ مِنْكُمَا قُرْبُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَإِنْ تَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ…. وَفِي قَوْلِهِ: {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [سورة البقرة، الآية: 35] وَجْهَانِ مِنَ التَّأْوِيلِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ فَتَكُونَا فِي نِيَّةِ الْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْرَبَا} [سورة البقرة، الآية: 35] فَيَكُونَ تَأْوِيلُهُ حِينَئِذٍ: وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ، وَلَا تَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ. فَيَكُونَ فَتَكُونَا حِينَئِذٍ فِي مَعْنَى الْجَزْمِ مَجْزُومٌ بِمَا جُزِمَ بِهِ {وَلَا تَقْرَبَا} [سورة البقرة، الآية: 35]” [50].
3- علم الصرف: إذ به يعرف الأبنية والصيغ [51].
والجهل بالتصريف موقع في الخطأ، ففي قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ} [سورة الإسراء، الآية: 71]، نقل عن بعضهم أنه جعل لفظ الإمام في الآية جمع أم، قال الزمخشري (ت: 538هـ): “ومن بدع التفاسير: أن الإمام جمع أمّ، وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم” [52]، وهذا غلط أوجبه جهل بِالتَّصْرِيفِ فَإِنَّ “أُمًّا” لَا تُجْمَعُ عَلَى “إِمَامٍ” [53].
وكان العلماء يردون بعض المعاني بقاعدة: القول الذي يؤيده تصريف الكلمة واشتقاقها أولى بتفسير الآية [54]، وكان الإمام ابن عطية يقول: “وهو قول يوهنه التصريف [55]”، وقال: “وقال الطبري وغيره تَأَذَّنَ معناه أعلم وهو قلق من جهة التصريف إذ نسبة تَأَذَّنَ إلى الفاعل غير نسبة أعلم، وتبين ذلك من التعدي وغيره” [56].
4- علم الاشتقاق [57]: “لِأَنَّ الِاسْمَ إِذَا كَانَ اشْتِقَاقُهُ مِنْ مَادَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى بِاخْتِلَافِهِمَا كَالْمَسِيحِ هَلْ هُوَ مِنَ السِّيَاحَةِ أَوِ الْمَسْحِ!” [588].
ومعرفة أصل اشتقاق اللفظ يفيد في جمع جملة من المفردات القرآنية المتناثرة بتصريفات متعددة تحت معنى كليِّ واحد، وهذه المعرفة تسوق إلى تفسير اللفظ في سياقه، بحيث يُعبَّر عنه بما يناسبه في هذا السياق، ويعبر عنه بما يناسبه في السياق الآخر، وكلها ترجع إلى هذا المعنى الاشتقاقي الكليِّ.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} [سورة الإنشقاق، الآيات: 17-18]، فمادة (وسق) تدلُّ على جمع وضمِّ واحتواء، ولفظة (وسق واتسق) مشتقة منها، فمعنى الآية الأولى: والليل وما جمع وحوى وضمَّ من نجوم وغيرها.
ومعنى الآية الأخرى: والقمر إذا اجتمع واكتمل فصار بدرًا.
وبهذا تكون مادة اللفظتين من أصل واحد، وهو الجمع والضمُّ [59].
ولذلك لم تخل تفسيرات السلف من الإشارة إلى مسألة الاشتقاق، فتجد في تفسيراتهم التنبيه على هذه المسألة اللغوية المهمة، ومن ذلك ما رواه الطبري (ت: 310هـ) وغيره في تفسير قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[سورة البقرة، الآية: 31[، فقد أورد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ت: 68هـ)، قَالَ: “بَعَثَ رَبُّ الْعِزَّةِ مَلَكَ الْمَوْتِ، فَأَخَذَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ مِنْ عَذْبِهَا وَمَالِحِهَا، فَخَلَقَ مِنْهُ آدَمَ. وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ آدَمَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ” [60].
وفي تفسير غريب قوله تعالى: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ}[سورة البقرة، الآية: 51] عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ (ت: 93هـ)، قَالَ: “إِنَّمَا سُمِّيَ الْعِجْلُ، لِأَنَّهُمْ عَجِلُوا فَاتَّخَذُوهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ مُوسَى” [61].
وممن له في تفسيره شيء من العناية بهذا الباب مقاتل بن سليمان (ت: 150هـ)، ومن غريب ما ورد عنه في الاشتقاق قوله: “تفسير آدم عليه السلام؛ لأنه خُلِق من أديم الأرض، وتفسير حواء؛ لأنها خُلِقت من حيٍّ، وتفسير نوح؛ لأنه ناح على قومه، وتفسير إبراهيم: أبو الأمم، ويقال: أبٌ رحيم، وتفسير إسحاق؛ لضحِك سارَّة، ويعقوب؛ لأنه خرج من بطن أمه قابض على عقب العيص، وتفسير يوسف: زيادة في الحسن، وتفسير يحيى: أحيي من بين ميتين؛ لأنه خرج من بين شيخ كبير وعجوز عاقر، صلى الله عليهم أجمعين” [62].
وممن عُنيَ بأصل الاشتقاق من اللغويين ابن قتيبة (ت: 276هـ)، في كتابيه (تأويل مشكل القرآن)، و (تفسير غريب القرآن) [63].
كما عُنيَ الراغب الأصفهاني (ت: 400هـ) بأصل الاشتقاق في كتابه (مفردات ألفاظ القرآن).
5- علم البلاغة [64]: فإن المرء لن يفهم القرآن حق الفهم إلا بفهم هذا العلم، ولن يدرك أساليب القرآن إلا بإدراك هذا العلم، بل عده الزمخشري (ت: 5388هـ) من العلوم المختصة فقال: “ثُمَّ إن أملأَ العلوم بما يغمرُ القرائحَ، وأنهضَها بما يبهرُ الألبابَ القوارحَ من غرائبِ نكتٍ يلطفُ مسلكُها، ومستودعاتِ أسرارٍ يدقُّ سِلْكها = علمُ التفسير الذي لا يتمُّ لتعاطيه وإجالةِ النظر فيه كلُّ ذي علم، كما ذكر الجاحظ في كتاب نظم القرآن.
فالفقيهُ وإن برز على الأقران في علم الفتاوى والأحكام، والمتكلمُ وإن بزَّ أهلَ الدنيا في صناعةِ الكلام، وحافظُ القصصِ والأخبارِ وإن كان من ابن القِرِّيَّة أحفظ، والواعظُ وإن كان من الحسنِ البصري أوعظ، والنحويُّ وإن كان أنحى من سيبويه، واللغويُّ وإن علك اللغاتِ بقوة لحييه = لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق إلا رجلٌ قد برعَ في علمين مختصين بالقرآنِ، وهما علم المعاني وعلم البيان، وتمهَّلَ في ارتيادِهما آونةً، وتعبَ في التنقيرِ عنهما أزمنةً، وبعثته على تتبُّعِ مظانِّهما هِمَّةٌ في معرفةِ لطائفِ حجةِ اللهِ، وحرصٌ على استيضاحِ معجزةِ رسول الله، بعد أن يكونَ آخذًا من سائرِ العلومِ بحظٍ، جامعًا بين أمرين: تحقيقٍ وحفظٍ… ” [65]، وهذا وإن كان فيه توسع، إلا أنه مفيد في بيان أهمية هذا العلم.
ومن الأمثلة على تأثر المعنى بترجيح أسلوب من الأساليب البلاغية، في قوله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [سورة غافر، الآية: 28] “فقوله: {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} صفة للمؤمن، وقيل: كان من بني إسرائيل” فقوله: {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} على هذا يتعلق بقوله: {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} يعني: يكتم إيمانه من آل فرعون ثم قال: “والأول أرجح؛ لأنه لا يحتاج فيه إلى تقديمٍ وتأخير، ولقوله: {فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ} [سورة غافر، الآية: 29] لأن هذا كلامُ قريبٍ شفيق؛ ولأن بني إسرائيل حينئذ كانوا أذلاء بحيث لا يتكلم أحد منهم بمثل هذا الكلام” [66]، فقد رجِّح أن يكون المؤمن من آل فرعون وليس من بني إسرائيل؛ لأن الأصل أن يكون الكلام على ترتيبه، ولا يقال بالتقديم والتأخير إلا إذا لم يفهم إلا بالتقديم والتأخير [67]، وهذا مترتب على الأسلوب البلاغي.
ومن ذلك تنوع الاستعمال العربي للفظة في إرادة المعاني القريبة والمعاني البعيدة، فيحمل بعضهم اللفظة على المعنى القريب الظاهر، ويحمله آخرون على المعنى البعيد، ومثاله: قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [سورة المدثر، الآية: 4]، فمن المفسرين من فسر الثياب بالمعروف المتبادر، وروي هذا عن ابن عباس، وطاوس، وابن سيرين، وابن زيد.
ومنهم من فسر الثياب بالنفس، وهذا المعنى بعيد غير متبادر، وهو مروي عن مجاهد وقتادة [68].
الخاتمة وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات
ظهر مما سبق أهمية اطلاع طالب علم التفسير على العلوم الشرعية وأخذ طرف من كل هذه العلوم، ليكون أبصر بالحق، وأفقه بالباطل، ولذلك كانت أهم نتائج هذا البحث:
1- أهمية الإعداد الذاتي لطالب العلم في العلوم الشرعية، على اختلاف أنواعها، نظرًا لضعف الإعداد في كثير من الجامعات، والمعاهد النظامية [69].
2- لم يكن بحث التكامل غائبًا عن علمائنا، فقد بحثوه في كتبهم من خلال مبحث (شروط المفسر وآدابه).
3- التفنن هو أن يحصل الطالب من كل علم من العلوم الشرعية (وسائل ومقاصد) ما يعينه على الاجتهاد الجزئي في تلك العلوم.
4- التخصص أن يفرغ الطالب لعلم معين بعد فراغه من دراسة ما يؤهله من بقية العلوم ليستخرج دقائقه ويحرر مسائله.
5- من الواضح في العلوم الشرعية التداخل والتلاحم القائم بين العلوم التي نشأت في التراث، فهناك علاقة تداخلية وتكاملية.
6- علم العقيدة من أشرف العلوم، وهو مهم لطالب علم التفسير من جهات متعددة.
7- لا بد أن يهتم طالب علم التفسير، بالسنة وعلومها، فهي معينة على إدراك التفسير، وجودة التعامل مع مصادره.
8- أما علم الفقه، فإنه لازم لطالب علم التفسير، لمعرفة طرق التعامل مع آيات الأحكام، وإدراك منهج المفسر في التعامل معها.
9- أما أصول الفقه، فإنه نعم العون على فهم المعاني وترجيح الأقوال.
10- لا يتأتى لمن جهل لسان العرب أن يعرف تفسير كتاب الله عزوجل.
وأما أبرز التوصيات:
أولًا: أوصي نفسي وإخواني طلاب العلم بأهمية الإعداد الذاتي عن طريق برنامج من برامج الطلب المبثوثة.
ثانيًا: أوصي بأن تتبنى جهة علمية إعداد برامج علمية خاصة بطلاب العلم، وليكن عبر صفحات الشبكة العنكبوتية، وأشيد بالجهد – الذي أتمنى أن يتواصل – لملتقى أهل التفسير، باستكتاب بعض أهل العلم وطلبته للكتابة في بعض الفنون، ومنها:
1- شرح فصيح ثعلب للشيخ أبي مالك العوضي.
2- شرح مائة المعاني والبيان، للشيخ د. محمد نصيف.
ثالثًا: أوصي بإعداد حلقات للقراءة والمناقشة بين طلاب العلم، للاستفادة من الخبرات المختلفة في العلوم المتنوعة.
هذا والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
فهرس المراجع
1. اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، للدكتور فهد بن عبدالرحمن الرومي، الطبعة الأولى، الرياض، 1406.
2. الإتقان في علوم القرآن، للحافظ أبي الفضل جلال الدين السيوطي (ت: 911)، تحقيق مركز الدراسات القرآنية، بمجمع الملك فهد.
3. اختلاف السلف في التفسير بين التنظير والتطبيق، د. محمد صالح محمد سليمان، رسالة جامعية، ط. دار ابن الجوزي، 1430.
4. إعراب القرآن، لأبي جعفر النَّحَّاس (ت: 338)، ت: عبد المنعم خليل إبراهيم، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، 1421.
5. الأنساب المتفقة في الخط المتماثلة في النقط والضبط، أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي الشيباني، المعروف بابن القيسراني (ت: 507)، تحقيق دي يونج، ط. ليدن: بريل، 1282 ه – 1865.
6. إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد، لابن الوزير، أبو عبد الله اليمني (ت: 840)، دار الكتب العلمية، ط. 1987.
7. البحر المحيط في التفسير، لأبي حيان الأندلسي (ت: 745)، تحقيق صدقي محمد جميل، ط. دار الفكر، 1420.
8. البرهان في علوم القرآن، للإمام بدر الدين الزركشي (ت: 794)، تحقيق د. زكي محمد أبو سريع، ط. دار الحضارة 2009.
9. التبيان في آداب حملة القرآن، لأبي زكريا محيي الدين النووي (ت: 676)، تحقيق: محمد الحجار، ط. دار ابن حزم 1414 ه.
10. التحرير والتنوير (تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد)، محمد الطاهر بن عاشور التونسي (ت: 1393)، الدار التونسية للنشر – تونس 1984.
11. تداخل العلوم في التراث العربي الإسلامي: علم أصول الفقه وعلم التفسير، للدكتور محمد بنعمر، بحث منشور بملتقى أهل التفسير: ((http://vb.tafsir.net/tafsir36408/)).
12. تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، تأليف ابن جماعة الكناني، حققه وعلق عليه محمد هاشم الندوي، الطبعة الثانية 1416ه، دار رمادي.
13. التسهيل لعلوم التنزيل، لأبي القاسم، محمد بن جزي الكلبي الغرناطي (ت: 741)، تحقيق: الدكتور عبد الله الخالدي، ط. شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم – بيروت 1416 ه.
14. تفسير الراغب الأصفهاني، لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (ت: 502)، تحقيق ودراسة: د. محمد عبد العزيز بسيوني، د. عادل بن علي الشِّدِي، د. هند بنت محمد بن زاهد سردار، نسخة المكتبة الشاملة.
15. تفسير الطبري = جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310)، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي مع دار هجر، ط. هجر.
16. تفسير القرآن العزيز، لأبي عبد الله الإلبيري المعروف بابن أبي زَمَنِين المالكي (المتوفى: 399)، تحقيق: أبو عبد الله حسين بن عكاشة – محمد بن مصطفى الكنز، ط. دار الفاروق الحديثة – مصر/ القاهرة، 1423ه – 2002م.
17. تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ابن أبي حاتم (ت: 327)، تحقيق: أسعد محمد الطيب، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز – 1419 هـ.
18. تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت: 774)، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، ط. دار طيبة للنشر والتوزيع، 1420ه – 1999 م.
19. التفسير اللغوي للشيخ د. مساعد الطيار (رسالة جامعية) من إصدارات دار ابن الجوزي.
20. تفسير مقاتل بن سليمان، لأبي الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي البلخى (المتوفى: 150)، تحقيق: عبد الله محمود شحاته، ط. دار إحياء التراث – بيروت 1423 ه.
21. التفسير والمفسرون، للدكتور محمد السيد حسين الذهبي (ت: 1398)، ط. مكتبة وهبة، القاهرة.
22. تكوين ملكة التفسير، د. الشريف حاتم العوني، ط. مركز نماء للبحوث 2013.
23. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لأبي الحجاج المزي (ت: 742)، تحقيق: د. بشار عواد معروف، ط. مؤسسة الرسالة – بيروت، 1400 – 1980.
24. التيسير في قواعد علم التفسير، للإمام محمد بن سليمان الكافيجي (ت: 879)، تحقيق: ناصر المطرودي، ط. دار القلم 1410.
25. جامع البيان في تأويل القرآن، لأبي جعفر الطبري (المتوفى: 310)، تحقيق: آل شاكر، ط. مؤسسة الرسالة.
26. جامع بيان العلم وفضله، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463ه)، ت: أبي الأشبال الزهيري، ط. دار ابن الجوزي، الطبعة: الأولى، 1414 ه – 1994 م
27. الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي، لأبي عبد الله محمد بن أحمد شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671)، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، ط. دار الكتب المصرية – القاهرة، 1384ه – 1964 م.
28. الدر المنثور، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت: 911)، ط. دار الفكر – بيروت.
29. الزيادة والإحسان في علوم القرآن، تحقيق: جماعي (رسائل جامعية)، إصدار مركز البحوث والدراسات بجامعة الشارقة.
30. السبل المرضية لطلب العلوم الشرعية، تأليف: أحمد سالم، ط. دار الفاروق.
31. شرح مقدمة ابن تيمية، د. مساعد الطيار، ط. دار ابن الجوزي 1428 ه.
32. شرح مقدمة ابن جزي، د. مساعد بن سليمان الطيار، ط. دار ابن الجوزين 1431 ه.
33. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (ت: 393)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، ط. دار العلم للملايين – بيروت، 1407 ه – 1987 م.
34. الطبري للمعنى من خلال تفسيره جامع البيان، للدكتور محمد المالكي، من منشورات وزارة الأوقاف المغربية.
35. علوم القرآن بين الإتقان والبرهان، الدكتور حازم سعيد حيدر، ط. دار الزمان – المدينة المنورة – 1427.
36. فصول في أصول التفسير، د. مساعد الطيار، الإصدار الثاني، 1432 ه.
37. قواعد الترجيح، د. حسين بن علي الحربي، (رسالة جامعية)، ط. دار القاسم، 1429 م.
38. قواعد التفسير، د. خالد بن عثمان السبت، (رسالة جامعية)، ط. دار ابن القيم، 2008.
39. الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري جار الله (ت: 538)، دار الكتاب العربي – بيروت 1407 ه.
40. لسان العرب، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الإفريقي (ت: 711)، دار صادر – بيروت،1414 ه.
41. مجموع الفتاوى، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (ت: 728)، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، ط. مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 1416ه/1995م.
42. المفسر شروطه وآدابه ومصادره (رسالة جامعية) لأحمد قشيري سهيل، ط. مكتبة الرشد، 2008.
43. مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير، د. مساعد الطيار، ط. دار ابن الجوزي.
44. مقدمة جامع التفاسير مع تفسير الفاتحة، الراغب الأصفهاني (ت: 502)، تحقيق: أحمد حسن فرحات، ط. دار الدعوة.
45. مقدمة في أصول التفسير، شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: د. عدنان زرزور، ط. دار القرآن الكريم بالكويت.
46. ملتقى أهل التفسير: ((http://vb.tafsir.net/)).
47. ملتقى أهل الحديث: ((http://www.ahlalhdeeth.com/vb/index.php)).
48. منهجية التكامل المعرفي: مقدمات في المنهجية الإسلامية للدكتور حسن ملكاوي. منشوران المعهد العالمي للفكر الإسلامي: “2012”.
49. نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية، د. الشريف حاتم العوني، ط. دار الصميعي.
الهوامش
[1] مقدمة تفسير الإمام ابن جزي، (1/10).
[2] جامع البيان، للطبري: (1/7).
[3] انظر: البرهان في علوم القرآن: (2/194)، والإتقان في علوم القرآن: (6/2274)، والزيادة والإحسان: (7/410)، وعلوم القرآن بين الإتقان والبرهان: (330 – 342)، وشرح مقدمة ابن جزي: (81)، والمفسر شروطه وآدابه ومصادره (رسالة جامعية) لأحمد قشيري سهيل.
ولعل أول من ذكر عنه تقنين العلوم التي يحتاج إليه المفسر، هو الإمام يحيى بن سلام البصري (ت 200)، يقول يحيى بن سلام (ت 200): “وَلَا يعرف الْقُرْآن إِلَّا من عرف اثْنَتَيْ خصْلَة: الْمَكِّيّ وَالْمَدَنِي، والناسخ والمنسوخ، والتقديم وَالتَّأْخِير، والمقطوع والموصول، وَالْخَاص وَالْعَام، والإضمار والعربية”، تفسير ابن أبي زمنين: (1/144).
وأشهر من اشتهر عنه ذلك من المتأخرين الإمام الراغب الأصفهاني (ت 502) في مقدمة تفسيره: (1/37).
[4] التبيان في آداب حملة القرآن: (165).
[5] انظر للأهمية: نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية: (36 – 65)، والسبل المرضية لطلب العلوم الشرعية: (210 – 226).
[6] جامع بيان العلم وفضله: (1/523)، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463ه)، ت: أبي الأشبال الزهيري، ط. دار ابن الجوزي. الطبعة: الأولى، 1414 ه – 1994 م.
[7] الصحاح: (6/2177)، ولسان العرب: (6/346 – 347).
[8] تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، تأليف ابن جماعة الكناني: (171 – 176)، حققه وعلق عليه محمد هاشم الندوي، الطبعة الثانية 1416ه، دار رمادي.
[9] جامع بيان العلم، لابن عبد البر: (رقم 850).
[10] جامع بيان العلم، لابن عبد البر: (رقم 852).
[11] انظر نصائح منهجية، للشريف حاتم: (37 – 39) بتصرف.
[12] الأنساب المتفقة، لابن طاهر المقدسي: (3).
[13] لمزيد من المطالعة أنصح بشدة بقراءة مقال: (من لزم بابًا من العلم وانقطع له فتح له)، لأبي فهر السلفي بملتقى أهل الحديث: ((http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73056))
ونصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية، للشريف حاتم العوني، وانظر: تهذيب الكمال للحافظ العلامة أبي الحجاج المزي: (1/156).
[14] انظر: (تداخل العلوم في التراث العربي الإسلامي: علم أصول الفقه وعلم التفسير)، للدكتور محمد بنعمر، بحث منشور بملتقى أهل التفسير ((http://vb.tafsir.net/tafsir36408/)).
[15] يراجع: منهجية التكامل المعرفي: مقدمات في المنهجية الإسلامية للدكتور حسن ملكاوي. منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي: “2012”.
[16] يراجع: دراسة الطبري للمعنى من خلال تفسيره جامع البيان. للدكتور محمد المالكي: (ص 21)، وهو من منشورات وزارة الأوقاف المغربية.
[17] انظر: مقدمة جامع التفاسير: (94)، والتيسير في قواعد علم التفسير، للكافيجي: (144)، والإتقان: (6/2275).
وانظر: شرح مقدمة ابن تيمية، د. مساعد الطيار: (181 – 249).
[18] انظر: مقدمة في أصول التفسير، ابن تيمية: (85 – 86).
[19] السابق: (87)، وانظر لمزيد من التأويلات الباطلة: التفسير والمفسرون، للذهبي: (2/5 – 210)، واتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، للرومي: (1/183 – 279).
[20] شرح مقدمة ابن جزي، مساعد الطيار: (131)، وانظر: البحر المحيط: (1/108).
[21] شرح مقدمة ابن تيمية: (248 – 249) بتصرف.
[22] انظر: مقدمة جامع التفاسير: (95)، والبحر المحيط: (1/107)، والتيسير للكافيجي: (146)، والإتقان: (6/2274 – 2278).
[23] مقدمة في أصول التفسير: (93 – 95).
[24] شرح مقدمة ابن جزي الكلبي: (111).
[25] المحرر الوجيز: (5/180)، وانظر: البحر المحيط: (8/140 – 141)، وانظر لمزيد من الأمثلة: اختلاف السلف: (253).
[26] انظر: اختلاف السلف في التفسير: (260 – 261).
[27] انظر: تفسير الطبري: (1/527 – 528)، وتفسير ابن كثير: (1/167)، واختلاف السلف في التفسير: (244).
[28] انظر: تكوين ملكة التفسير: (99 – 100).
[29] انظر: تفسير الطبري، ت: شاكر: (1/348) حاشية.
[30] تفسير الطبري: (1/61)، ط. هجر، وانظر في طبعة شاكر: (1/34، 88، 93).
[31] مقدمة جامع التفاسير: (95)، والتيسير للكافيجي: (147).
[32] شرح مقدمة ابن جزي: (105).
[33] انظر: تفسير ابن أبي حاتم: (10/3293) ح (18566)، وتفسير القرطبي: (5/262).
[34] ابن كثير: (7/280).
[35] لا بد من الانتباه إلى الفرق بين مصطلح النسخ عند الصحابة والتابعين، والنسخ في اصطلاح المتأخرين.
[36] شرح مقدمة ابن جزي: (134).
[37] التحرير والتنوير: (1/25 – 26).
[38] واسمه: (كِتَابِ الْبَيَانِ عَنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ)، وهو مفقود.
[39] جامع البيان: (2/463)، وانظر: (2/100)، (2/457)، (4/100)، (8/445)، (11/269).
[40] انظر للأهمية رسالة، التفسير اللغوي للشيخ د. مساعد الطيار (رسالة جامعية) من إصدارات دار ابن الجوزي.
[41] جامع البيان: (1/8)، وانظر: تفسير القرطبي: (1/21).
[42] الموافقات: (2/102 – 103)، وانظر: تكوين ملكة التفسير، للشريف حاتم: (77 – 86).
[43] انظر: المفسر.. شروطه.. آدابه.. مصادره: (144 – 145)، وانظر: مقدمة جامع التفاسير: (94)، والبحر المحيط: (1/105 – 106)، والتيسير للكافيجي: (145)، والإتقان: (6/2287 – 2296).
[44] انظر: شرح مقدمة ابن جزي: (136).
[45] جامع البيان: (9/175).
[46] أخرجه ابْن أبي شيبَة، وَعبد بن حميد كما في الدر المنثور: (8/408).
[47] جامع البيان: (12/406)، وانظر: (2/196)، (6/335)، (7/7)، (15/365)، (23/608)، وانظر: إعراب القرآن، لأبي جعفر النحاس: (5/132)، وإيثار الحق لابن الوزير اليماني: (165).
[48] انظر في قواعد الترجيح المتعلقة بالإعراب، قواعد الترجيح، د. الحربي: (2/261)، قواعد التفسير، د. السبت: (1/238 – 240)، واختلاف السلف في التفسير بين التنظير والتطبيق، د. محمد صالح: (199).
[49] انظر: شرح مقدمة ابن جزي: (139).
[50] انظر: (1/557 – 558)، وانظر: (1/718)، (2/51)، (5/649)، (6/106)، (9/208)، (20/530)، وانظر لمزيد من الأمثلة: قواعد الترجيح: (2/266)، (2/274).
[51] انظر: قواعد الترجيح، للشيخ/ حسين الحربي: (2/153)، وقواعد التفسير، د. السبت: (1/237)، وفصول في أصول التفسير: (141).
[52] الكشاف: (2/682).
[53] الإتقان: (6/2294).
[54] انظر: قواعد الترجيح، للشيخ/ حسين الحربي: (2/156).
[55] المحرر الوجيز: (2/384)، وانظر: (3/171)، (3/359)، (3/502)، وانظر: جامع البيان: (11/167)، ومجموع الفتاوى: (17/226)، والتفسير القيم: (464)، وقواعد الترجيح: (159).
[56] المحرر الوجيز: (2/471).
[57] انظر: قواعد الترجيح، للشيخ/ حسين الحربي: (2/153).
[58] الإتقان: (6/2294).
[59] انظر: مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير: (174).
[60] جامع البيان: (1/511).
[61] جامع البيان: (1/674).
[62] تفسير مقاتل بتحقيق د / عبد الله شحاته (3: 53).
[63] انظر: مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير: (172 – 173).
[64] انظر: البحر المحيط: (1/107)، والتيسير في قواعد علم التفسير: (146)، والإتقان: (6/2294 – 2296)، والتحرير والتنوير: (1/17).
[65] الكشاف: (1/15 – 17).
[66] التسهيل، لابن جزي: (2/230)، ت: الخالدي.
[67] شرح مقدمة التسهيل: (163)، وانظر منه: (253 – 284).
[68] جامع البيان: (29/144 – 147).
[69] تنبيه: هناك كُتُبٌ كثيرة في مناهج الطلب المعتمد على التعليم الذاتي من أهمها – في حدود اطلاعي -:
1- السبل المرضية لطلب العلوم الشرعية، للباحث الأستاذ أحمد سالم.
2- المتون العلمية للشيخ عبدالعزيز القاسم.
3- الموسوعة العلمية في منهج الطلب، موقع صيد الفوائد: ((http://www.saaid.net/mktarat/alalm/)).
(المصدر: مركز تفسير للدراسات القرآنية)