(د. مصطفى صادقي – مركز نماء)
موضوع المشاركة السياسية الإسلامية أحد المواضيع التي لا تزال تحظى براهِنِيَّتِها بالرغم من تطاول الزمان منذ بداية الخوض فيها؛ أي منذ النصف الأول من القرن العشرين، الذي عرف تشكل الدول القطرية الخارجة من ربقة الاستعمار حديثًا، في تزامن مع نشوء حركات إصلاحية بمرجعية إسلامية.
غير أنَّ البحث النظري في هذا الموضوع، لا يساير سرعة التغيرات في الواقع السياسي، ولا يعكس اختلاف الظروف والوقائع، إلى درجة لا يمكن معها تلمُّس السياقات التاريخية ضمن الاجتهاد السياسي أو الفتوى المتعلقة بمشاركة من المشاركات، وهكذا قد تلفي بحثًا ينظر للمشاركة في السلطتين التشريعية أو التنفيذية في نظام ما بعد الربيع العربي، لا يختلف في مستنداته ودفوعاته ومنهجه عما يرد في بحوث تنتمي للمرحلة الخديوية أو ما بعد الناصرية في مصر مثلًا.
لا أبتغي في هذا المقام، استئناف النظر في مسألة المشاركة السياسية استدلالًا وتكييًفا، وانتصارًا للمؤيدين أو الرافضين، بل أروم استجلاء النفس العام الذي يحكم أكثر تلك الاشتغالات النظرية حول هذه المسألة، لنتبين مدى حظها من المسلك الاجتهادي القويم، ومدى قوتها وتماسكها في رصد الوقائع السياسية وتحليلها واستصدار الأحكام بشأنها؛ إنها محاولة لنقد منهج الاجتهاد المعاصر في هذا الصدد، وليس لنتائجه ومخرجاته.