تقرير حصري لـ (منتدى العلماء) | المرأة بين نظرتين .. الإسلام والفكر النسوي
(خاص بالمنتدى)
إن أخطر ما تتعرض له الأسرة اليوم -وفي القلب منها المرأة- هو العمل على تغيير نظام الحياة الزوجية، ونظام الأسرة الذي تعارفت عليه البشرية طوال تاريخها الطويل، والذي يتكون من زوج ذكر وزوجة أنثى بامتداد فروعها وأصولها، مع وجود بعض الخصوصيات الحضارية من أعراف وقيم وآداب لكل ثقافة.
وقد ساهمت النسويات الغربيات في شكل حركات تسمى بتحرير المرأة في صياغة أفكار وأسس تنادي برفع الظلم عن المرأة وفق رؤية فلسفية غربية، واعتبرت الكثيرات منهن أن الأنوثة صفة سلبية في المرأة، وأن المرأة مضطهدة ومستضعفة بسبب كونها امرأة، وأن ما تقوم به من أدوار وأعمال لها علاقة وثيقة بصفتها البيولوجية كأم أو زوجة، وما يترتب على ذلك من التزامات زوجية وحمل وإنجاب ورضاعة ورعاية الأطفال، فضلا على ذلك ما كانت تعانيه المرأة الأوروبية -وفي بعض الثقافات الأخرى- من حرمان من الحقوق المدنية والمساواة القانونية، وفقدان الأهلية، وعدم وجود ذمة مالية مستقلة لها، والحرمان من بعض الوظائف والتعليم والمشاركة السياسية، وغير ذلك من الحقوق التي حظي بها الرجال.
وهذه الحقوق كما جاء بها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا من الزمان مكفولة، وحق من حقوق المرأة، كالمساواة في الإنسانية، والتكريم، والحقوق المدنية، والأهلية الكاملة، والذمة المالية المستقلة، وحق التعليم، والمشاركة السياسية، والعمل والترقي في الوظائف المختلفة، وغير ذلك من الحقوق، مع مراعاة إعفائها من بعض المسؤوليات رحمة بها وتقديرا لدورها كأم وزوجة.
منطلقات الرؤية الغربية للمرأة
ينطلق النظر إلى قضية المرأة من الرؤية الغربية من عدة اعتبارات وأسس، منها:
١- النظر إلى المرأة خارج السياق الاجتماعي كفرد مادي وحيد، وليس كعضو في أسرة وما يترتب على ذلك من مسؤوليات وتبعات تتعلق بوظائفها البيولوجية. وإنكار النظر إلى قضية المرأة وحل مشكلاتها من خلال دورها الفعال في المجتمع كزوجة وأم لها دور في الأسرة مقدر ومحترم، وإنكار خصائصها البيولوجية المؤهلة للقيام ذ الدور، نقصد بذلك المسؤوليات الزوجية والأمومة (حمل، إنجاب، إرضاع، تربية أطفال).
٢ -عدم احترام الخصوصيات الحضارية للشعوب من قيم ثقافية ودينية، ويظهر ذلك جلياً فيما تعرضه الوثائق والاتفاقيات الدولية المشرعة للمرأة. والواقع أن الاختلاف قائمٍ بين جميع الشعوب، وعلى الأخص بيننا وبين الغرب، فالمقدس عندنا غير المقدس عندهم، والمنطلقات عندنا غير المنطلقات، والأهداف غير الأهداف، والوسائل والمناهج غير وسائلهم ومناهجه.
٣ -النظر إلى قضية المرأة بعيدا عن المنطلقات الدينية والأخلاقية، وخاصة في تعارضها مع قيم وضوابط الشريعة الإسلامية، واعتبار الكثير من قوانين الأحوال الشخصية مناهض للمساواة، ومجحف بحقوق المرأة وفقاً للرؤية الغربية، وبالتالي فقد صُنِّفت بعض هذه القوانين كلون من ألوان العنف ضد المرأة، منها: المهر، وتكليف الزوج بالنفقة، والميراث، وأدوار الأم والزوجة، والمعاشرة الزوجية، وحق الطلاق للرجل، ونظام الحضانة، والسفر بإذن الزوج، وحقوق النسب، وتعدد الزوجات، والإرضاع ورعاية الأطفال، والولي للزوجة. وبناء على ذلك فإن الرؤية الغربية تعمل على تحقيق المساواة التامة المتماثلة بين الجنسين في كل هذه الأمور وغيرها مما ليس هنا مجال لتفصيله في هذا الموضع، كالحقوق الجنسية بوسائلها المشروعة وغير المشروعة، وحق الاختيار للمرأة في الإجهاض، وحق اختيار شكل العلاقة الجنسية (مثلية أو طبيعية).
٤ -اعتبار سلطة الدساتير والتشريعات الوطنية -بما فيها الشريعة الإسلامية- سلطة أدنى من المواثيق والاتفاقيات الدولية، وأن مبادئها تجبّ هذه الدساتير وتلك التشريعات، وفيها -المواثيق الدولية- ما يصطدم بصورة مباشرة مع بعض مبادئ الشريعة الإسلامية، فعلى سبيل المثال تلزم اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة (سيداو) الدول بإزاحة العقبات الثقافية والفكرية والقانونية التي تعترض تنفيذ الاتفاقية، بما في ذلك الدين و الثقافة و الهوية الخاصة و مناهج التعليم والإعلام.
ثم تسأل لجنة متابعة اتفاقية (سيداو) عن أثر الدين على المساواة بين الرجال والنساء في سياق السؤال عن القوالب الجامدة للجنسين، وهي (الأدوار الفطرية وما يطلق عليه بالأدوار أو القوالب الجامدة ككون المرأة زوجاً وأماً وربة منزل، والرجل كرب أسرة مسؤول بالنفقة على الأسرة)، ويعتبر هذا مرفوض من وجهة نظر الاتفاقية.
وذلك يعني أننا أمام منظومة قيم حضارية مخالفة تماماً لمنظومتنا الحضارية في الإسلام بكل أبعادها الدينية والأخلاقية والثقافية والتنظيمية، فمرجعيتنا في الأساس صادرة عن نظرة الإسلام ذاته للإنسان وفق معايير وخصائص وغايات له في استخلاف المولى عز وجل للكون بالحق والعدل، واحترام نواميس الكون وسنن الحياة وإنسانية الإنسان وكرامته، من خلال مجموعة متكاملة من الآداب والتشريعات التي تشمل المجتمع الإنساني ككل، والأسرة كوحدة بناء أساسية في المجتمع، توفر له الحماية والاستقرار، وتمد النشء بالقيم الدينية والأخلاقية والوطنية، وتؤسسه على تحمل المسؤوليات الكاملة نحو أسرته ومجتمعه وقيمه والدفاع عنها وعن الوطن ضد أي اختراق ثقافي أو عدوان عسكري. والمرأة النواة الأساسية لتلك الخلية المتمثلة في الأسرة، والتي تمثل نصف المجتمع وتربي النصف الآخر على هذه القيم.
منطلقات الإسلام في النظر إلى الإنسان والمرأة والأسرة
ينطلق النظر إلى قضية المرأة من الرؤية الإسلامية من عدة اعتبارات وأسس، منها:
١ -الإيمان بوحدانية الخالق وبأنه المشرع الوحيد للكون:
الإيمان بوحدانية الخالق وبأنه المشرع الوحيد للكون، والإيمان بثبات نظامه لتحقيق التوازن والتكامل بين عناصره المختلفة، فهناك نظام المجموعة الشمسية ودوران الأرض وتعاقب الليل والنهار، والتوازن بين اليابس والماء وسقوط الأمطار، وغير ذلك من مظاهر كونية، كما أن ناموس الحياة على سطح الأرض واحد يسير وفق نظام ثابت، وبصفة بيولوجية مفطورة في الأحياء، وغير قابلة للتغيير، وهذا ينطبق أيضاً على الذكر والأنثى، يقول تعالى: ((والليل إذا يغشى (1) والنهار إذا تجلى (2) وما خلق الذكر والأنثى (3) إن سعيكم لشتى)) (الليل: ١-٤)، ويقول تعالى: ((وأنّه خلق الزوجين الذكر والأنثى (45) من نطفة إذا تمنى (46) وأنّ عليه النشأة الأخرى)) (النجم: ٤٥-٤٧)، وصدق االله العظيم إذا يقول: ((وكل شيء عنده بمقدار)) (الرعد: ٨)، ويقول تعالى: ((وإن من شيءٍ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدرٍ معلوم)) (الحجر: ٢١).
وسنة االله ترفض التحول والتغيير فهي ثابتة، والانقلاب على سنة االله بالتغيير والتبديل هو من عمل الشيطان، حيث يتوعد بنى آدم كما جاء في قوله تعالى: ((ولآمرنهم فليغيرنّ خلق الله)) (النساء: ١١٩). فإذا تحولت الأحياء من نوع إلى نوع أو جنس إلى جنس فقدت خصائصها ومقومات حياتها التي فطرت عليها، فالإسلام يأمر الإنسان بالمحافظة على حياته من منطلق حماية نوعه، فالإناث غير الذكور، والحيوان غير الإنسان، والمرأة غير الرجل، وذلك حتى لا يختل نظام الكون، ويكون العدوان على نواميسه سببا في فساده وتدميره فيهلك الحرث والنسل.
٢ -احترام الفطرة الإنسانية والتنوع الفطري بين الجنسين:
الإسلام دين الفطرة، يقول المولى عز وجل: ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)) (الروم: ٣٠)، والفطرة ما فطر االله عليه الخلق من طباع وسجايا وخصائص يولدون بها في جانبيه جانبيها المادي والروحي، يقول تعالى عن خلق الإنسان: ((الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين (7) ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين (8) ثم سوّاه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون)) (السجدة: ٧-٩).
والجانب الروحي هو الذي يحدد تميز الإنسان عن سائر مخلوقات االله، ويرتقي بماديته وخصائصه الحيوانية فيجعله أهلاً للمسؤولية وعمارة الكون، وتحمل تبعات الانحراف عن مسار الفطرة السليمة، من خلال صلته بالله عز وجل أو ابتعاده عنها، بمدى ماديته وهيمنتها على غرائزه وسلوكه دون تهذيب أو التزام بمنهج االله عزوجل.
وفي ذلك يوازن الإسلام بين مادية الإنسان وروحانيته فهو “ليس قبضة من طين خالصة تخضع للضرورات القاهرة من طعام وشراب وجنس، لا تملك نفسها منه، وليس إشراقة روح خالصة طليقة من القيود، فهو يراعي الفطرة البشرية بما يحفظ على الإنسان بقائه وكرامته الإنسانية”. أما رؤية المجتمعات الغربية للإنسان هي في كونه كائن بسيط غير متجاوز للمادة، يستمد معياريته من قوانين الحركة، حياته نهب الصدفة والحركة العمياء، مذعن لظروفه المادية والحتميات الطبيعية، فيمكن رده إلى الطبيعة المادية وتسويته بالكائنات الطبيعية والحيوان والنبات والأشياء، يتهاوى لديه اليقين ويصير في قبضة الصيرورة وخاضع للتجريب المستمر.
أن إنسان ما بعد الحداثة أصبح متساويا بالحيوان والنبات والأشياء، ومستسلما لرغباته المادية، ليس لديه غاية عليا، ولا يقين في شيء، ولا ثبات لقيمه، فهو في حالة صيرورة وتحولٍ مستمر، بعد أن كان محوراً للكون، الفاعل فيه، مشرعاً له في مرحلة العلمنة الأولى، صار لا يهتدي بتجارب بشرية وتاريخية وإنسانية مشتركة، وبدأ البحث عن أشكال جديدة للعلاقات بين البشر.
٣ -رؤية الإسلام للحرية في المجتمع والأسرة:
يرى الإسلام أن حرية الإنسان متكافئة مع واجباته، ثم قيدها في حدود مصلحة الجماعة، فحق المجتمع أولى بالتقديم، والمسؤولية الجماعية هي أهم ما يميز نظرة الإسلام للمجتمع؛ ولذلك فالحريات العامة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمسؤولية الدينية والاجتماعية، وتعادل الواجبات في مقابل الحقوق، بما لا يضر الآداب العامة أو القيم الأساسية للمجتمع، والتي بها تتم المحافظة على حقوق الآخرين، بما في ذلك حقوق الأسرة وحقوق الأفراد بداخلها، فالأسرة كبناء أساسي في المجتمع أحق بالاهتمام والحماية من قبل أعضائها، ولا يتصرف أي عنصر من أعضائها إلا من خلال المصلحة العامة لها، حتى يستقيم بعيداً عن تصارع المصالح والأهواء والرغبات الفردية، فينسحب كل عضو من أفرادها إلى حال سبيله؛ مما ينعكس سلباً على حياة الطفل والمرأة بصفة خاصة.
استهداف الأسرة
في هذه الموجة الراهنة من تلك الحرب النسوية توجه السهام نحو مؤسسة الأسرة، بدءًا من الهجوم على الأمومة، ونزع ثوب الفطرية عنها، وتحميلها المظالم التي تقع على النساء، وما الدعوة لتأخير سن الزواج والأمومة وتحديد النسل إلا بعض تجليات الحرب ضد الأمومة.
أما الدعوة للإجهاض وامتلاك النساء لأجسادهن ومن ثم الحرية المطلقة في التعامل معه؛ فهو لم يعرف طريقه للرأي العام بهذا الوضوح، بل ظل حبيس المؤتمرات والكتابات ومواقع النخبة النسوية، بحيث يطل فقط بين الحين والآخر ربما كوسيلة لجس نبض الشارع أو إحداث معركة محدودة توسع من حدود المشروع النسوي، تقول نوال السعداوي: “إن الأم وحدها هي صاحبة الحق الأول والأخير في تقرير بقاء الجنين في جسدها أم إسقاطه، وهذا شيء طبيعي؛ لأن الجنين قبل أن يُولَد ليس إلا جُزءًا من جسد الأم، وليس هناك من هو أحق من الأم بامتلاك هذا الحق، والمفروض أن كل إنسان يَمتلك جسده، والمفروض أن تمتلك المرأة جسدها لأنها إنسان؛ فهذا أول حقوق الإنسان”.
على أن أحد أهم تجليات المشروع النسوي لهدم وتخريب بنية الأسرة، هو تبنيه للمثلية كأحد الأعمدة الرئيسة والجوهرية لهذا المشروع أو لهذا الصراع النكد؛ لأن كثيرات من النسويات يعتقدن أن العلاقة الطبيعية بين المرأة والرجل تعد أحد تجليات النظام الأبوي في إخضاع المرأة، عندما تقرر الأنثى أن تدير ظهرها للآخر الذكر لتنصرف عنه تمامًا، فهي وحدها مرجعية ذاتها، معلنة استقلالها الكامل عنه على الأصعدة جميعها، وحينئذٍ يُصبح السحاق هو التعبير النهائي عن الواحدية الصلبة، وهو الأمر الطبيعي الوحيد المتاح للمرأة التي ترفض أن تؤكد إنسانيتها المشتركة، التي لا يمكن أن تتحقق إلا داخل إطار اجتماعي وسياق تاريخي، وكما قالت إحدى دعاة التمركز حول الأنثى المساحقات: “إذا كانت الفيمينزم هي النظرية؛ فالسحاق هو التطبيق”.
هذا الهجوم النسوي الشرس الذي يسعى لتفكيك كل شيء، يهدف لجعل الشاذ طبيعياً والطبيعي ليس كذلك، والمثال الواضح على ذلك الموقف من المثلية، فهي ليست مجرد خيار للنساء، بل هي حل تطبيقي ربما يكون الوحيد الممكن للتخلص من هيمنة الذكور، هذه الهيمنة التي يتم المبالغة في تضخيمها تمامًا كالمبالغة في المظلومية الواقعة على النساء، حتى أصبح لفظ (أنثى) مرادفًا للانتقاص والإهانة والخدمة بكل صورها، كما تعبر إحداهن: “لكننا جميعنا في علاقة الخادم بمخدوم هو عالم الذكور بأكمله، هذا هو السبب في أن مسمى أنثى فيه انتقاص وإهانة واحتقار، تشوهت وجوهنا من كثرة الابتسام، فقدنا مشاعرنا من كثرة الحب، وقد تركتنا تلك المبالغة في جنسانياتنا معدمات من أي نشاط أو دافع جنسي.
نحن خادمات، بغايا، ممرضات، طبيبات نفسانيات، هذا هو جوهر الزوجة البطلة الذي يُحتفل به في (عيد الأم)، لكن نقول: توقفوا عن الاحتفال باستغلالنا ببطولاتنا المفترضة، نحن نريد، ويتوجب علينا أن نقر بأننا جميعًا ربات بيوت، نحن جميعًا بغايا ونحن جميعًا مثليات؛ لأنه ما لم نعترف بعبوديتنا لا يمكننا الاعتراف بكفاحنا ضدها.
تقول سيلفيا فيديريتشي، مؤلفة كتاب (أجور مقابل الأعمال المنزلية): “وماذا عن الأطفال؟ هل سنأسف في يوم من الأيام لأننا اخترنا عدم الإنجاب، أو حتى التفكير جديًا بطرح هذا السؤال؟ وهل بإمكاننا أن نتحمل علاقات مثلية؟ هل نحن على استعداد لتحمل أثمان العزلة والاستبعاد؟ لكن أيضًا هل يمكننا حقًا تحمل إقامة علاقات مع الرجال؟”.
تعتمد النسويات المثليات إذن على تهويل الفظائع التي تعانيها النساء عندما يقمن بعلاقة طبيعية مع الرجال، بحيث يوصف الأمر بأنه غير محتمل، ومن ثم يكون الحل هو النسوية المثلية.
هذه النسوية المثلية تتجاوز تقبل شذوذ بعض النساء، أو الدعوة لرفع العار عن هذا السلوك الشاذ، أو حتى الفخر به لدفع النساء الطبيعيات دفعًا للخوض في مستنقع الشذوذ والمثلية كحل نهائي للتخلص من فظائع السيطرة الذكورية في المجتمع الأبوي، فعملت الحركة على تشجيع النساء على توجيه طاقاتهن تجاه نساء أخريات بدلاً من توجيهها نحو الرجال، كصورة احتجاجية عنيفة لإقصاء الرجل والانفصال عنه، والرفض للنظام الاجتماعي الذي صنعه نظام المغايرة الجنسية (رجل وامرأة)، والذي تعتبره النسوية شكلاً من أشكال النظام الأبوي المزعوم.
تقول جيل جونستون مؤلفة كتاب (أمة السحاق: الحل النسوي): “ما إن فهمت العقائد النسوية، بدا الموقف الانفصالي السحاقي هو الموقف المنطقي، خاصةً أنني كنت سحاقية، أرادت النساء إزالة اعتمادهن على الرجال الذين يعتبرون (العدو) في حركة من أجل الإصلاح والسلطة وتقرير المصير”.
القيمة الخلقية الكبرى التي تجتمع حولها المثليات هي (الأختية)؛ فعلاقة المرأة المثلية بالمرأة المثلية الأخرى تمثلها علاقة أخوة وحب ووفاء، فالانفصاليات المثليات يتصلن فقط مع النساء اللواتي قطعن علاقاتهن تمامًا بالذكور، حتى يتحقق معيار النزاهة؛ فما دامت المرأة تستفيد من الجنس الآخر في امتيازاتها وأمنها، فسيتعين عليها في مرحلة ما خيانة أخواتها، خاصة الأخوات المثليات اللائي لا يتلقين هذه المزايا. وتم الترويج لمثل النسويات العليا كالحب والنزاهة ورعاية المحتاجين وتقرير المصير والمساواة في العمل والمكافآت في جميع جوانب بناء المؤسسات والاقتصاد.
تقاتل المنظمات النسوية الراديكالية حاليًا من أجل اعتبار اختيار الشخص لـ (هويته الجندرية) و(توجهه الجنسي) من حقوق الإنسان؛ فلا يحق لأي جهة أن تسائل الشواذ جنسيًا أو تعاقبهم، وإنما يتم اعتبارهم أشخاصًا طبيعيين، وتضمن لهم الحق في ممارسة الشذوذ الجنسي، وتستجيب الأمم المتحدة للأسف لتلك المطالبات بسبب تغلغل أولئك النسويات في لجانها المختلفة، مثل لجنة مركز المرأة، ولجنة الطفل، ويونيسف، وصندوق السكان وغيرها.
وختاماً فإن هذا التيار الفكري خطير ويهدد أمن المجتمع ويهدد ثقافة بناتنا وهو كالسرطان ينتشر في أوساط المراهقات بصورة سريعة لا سيما عند ضعف الوازع الديني وضعف التربية الاجتماعية وغياب الرقيب وإذا سقطت الأسرة ضعفت البنية الداخلية وقل الولاء للوطن وتفككت اللحمة بين المجتمع وكانت العاقبة وخيمة.