تقرير التطبيع
إعداد د. محمود سعيد الشجراوي
التطبيع مع العدو الصهيوني هو جعل وجوده بيننا وجودًا طبيعيًا مقبولًا والتعامل معه على أنَّه كيانٌ طبيعي في المنطقة وهذا يقتضي مخالفة الدين والفطرة والطبيعة والعقل والعرف ولا يقبله ولا يفعله إلا خائنٌ لدينه ووطنه ومخالفٌ لعقله وعرفه وطبيعته.
والتطبيع يشمل كل اتفاق رسمي، أو غير رسمي، أو تبادل تجاري، أو ثقافي، أو تعاون اقتصادي مع ممثلين للكيان الصهيوني رسميين أو غير رسميين
قال تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)
الممتحنة 8-9
والتطبيعُ مع الصهاينة يحقق لهم مصالحهم، ويعطيهم الشرعيَّة التي يسعون للحصول عليها بكل الطرق، ويحقق لهم مالم يتمكنوا من تحقيقه بالقوَّة العسكريَّة، والتصدي لهم وإفشال مخططهم هو واجبٌ شرعيٌ، والاستسلامُ لهم هو تخاذلٌ وتفريطٌ وهزيمةٌ.
إنَّ من واجب الأمَّة الشرعي أن يبذل أبناؤها كل الجهد للتصدي لأعدائها قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) الأنفال 60
ويندرج تحت ذلك كل أنواع المقاومة ومقاومة سياسات العدو ومنعه من تحقيق أهدافه هي عين المقاومة.
ومن الحقائق الثابتة أنه لا يوجد مدنيون في الكيان الصهيوني، فاللاعب والصحفي والسياسي والتاجر.. كلهم مشاركون في سرقة أرضنا، وطرد أهلنا، وتشملهم صفات العداوة وعدم جواز الموالاة والود، فإن عادوا لبلدانهم الأصلية وتبرأوا من الاعتداء علينا حينها فقط يكونون مدنيين. ومقاومةُ المحتل حقٌ ثابتٌ مشروعٌ في كل القوانين والأعراف الدولية، والصهاينة ينطبق عليهم وصف المحتل الغاصب، والتصدي لهم هو أمرٌ طبيعيٌ، وحقٌ مشروعٌ بحسب كل القوانين والأعراف.
وللتطبيع مجالات كثيرة منها:
• التطبيع في المجال السياسي: يعتبر المجال السياسي هو المجال الأخطر وهو المجال الأساسي لجهود لتطبيع وقد بدأ نجاحهم في هذا المجال منذ نجاحهم في عقد اتفاقية السلام مع مصر 1979، ثم توجت هذه الجهود بمعاهدة أوسلو (النكبة الفلسطينية الثانية) 1993.
• التطبيع في المجال الثقافي: المقصود بالتطبيع في المجال الثقافي هو إعادة تشكيل منظومة الوعي ومنظومة القيم والمفاهيم العربية، بحيث يتم شطب فكرة المقاومة، ومحو الهوية العربية والإسلامية وذلك عبر عمليات كثيرة أهمها: تطوير المناهج المدرسية واستهداف فئة الأساتذة الجامعيين تحت لافتة التعاون الأكاديمي، والتعاون العلمي، والمؤتمرات العلمية ومعارض الكتب…. الخ
• التطبيع في المجال الرياضي: يسعى الصهاينة للدخول إلى الشعوب عبر البوابة الرياضية لارتباط الرياضة في الغالب بالفئة الشبابية والتركيز على إبراز العلم الإسرائيلي عبر الرياضة ليألف الناس ذلك، ومن خلال نشر ثقافة أنه ((لا مواجهة لنا مع الكيان الغاصب الا في ساحات المعركة))
• التطبيع في المجال الاقتصادي: يرحب الصهاينة بالعلاقات الاقتصادية كبديل عن العلاقات السياسية والدبلوماسية، وكمقدمة لها كذلك، ولا يكاد يخلو بلد عربي ومسلم من منتجات الشركات الصهيونية أو منتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، والأمر يستحق جهدًا كبيرًا في حصر تلك المنتجات والدعوة لمقاطعتها اقتصاديًا كجزء من المعركة الشاملة من العدو المحتل الصائل الغاصب.