تقدير أمور الجهاد
بقلم أ. د. علي القره داغي
ذكر فقهاؤنا الأجلاء ان تقدير أمور الجهاد لا بدّ أن تناط برأي أهل الفقه والخبرة ، فقال ابن تيمية : ( والواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا دون أهل الدنيا الذي يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين ، فلا يؤخذ برأيهم ، ولا برأي أهل الدين الذي لا خبرة لهم في الدنيا ) وقد فصل الماوري ، والقاضي أبو يعلى تفاصيل رائعة حول هذه المسألة .
ونختم هذه الخلاصة بما ذكره ابن القيم حول هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد ، فقال : (ولما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة, وأيده الله بنصره وبالمؤمنين, وألف بين قلوبهم بعد العداوة, ومنعته أنصار الله من الأحمر والأسود: رمتهم العرب واليهود عن قوس واحد. وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة والله يأمر رسول الله والمؤمنين بالكف والعفو والصفح, حتى قويت الشوكة. فحينئذ أذن لهم في القتال, ولم يفرضه عليهم, فقال تعالى: ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا, وإن الله على نصرهم لقدير) وقد روى الحاكم عن ابن عابس أن هذه الآية هي أول أية نزلت في القتال ، ثم فرض عليهم القتال بعد ذلك لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم فقال تعالى : (وقاتلوا في سبيل الله الذي يقاتلونكم ….) ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة…. إما فرض عين على أحد القولين أو فرض كفاية على المشهور ) .
والتحقيق أن جنس الجهاد فرض عين ، إما بالقلب ـ أي نية الغزو ، وإرادة إزالة الكفر والمنكر ـ وإما باللسان ، وإما بالمال ، وإما باليد ، فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع ، أما الجهاد بالنفس ففرض كفاية.
المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين