
(تفسير سورة القدر )!
بقلم: أ.د. محمّد حافظ الشريدة( خاص بالمنتدى)
قال اللّه تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ سورة القدر مدنيّة وهي خمس آيات.
1. ﴿إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾: أي أنزل اللّه القرآن الكريم جملة واحدة إلى السّماء الدّنيا في هذه الليلة التي يقضي اللّه فيها ما قدّره وقضاه في تلك السّنة إلى السّنة التي تليها وهذه الليلة هي ذاتها التي ذكرها اللّه تعالی في سورة الدّخان: ﴿إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ وليلة القدر من ليالي رمضان قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: (أنزَلَ اللّهُ القُرآنَ جُملَةً وَاحِدَةً مِن اللَّوحِ المَحفُوظِ إلَى بَيتِ العِزَّة مِن السَّماءِ الدُّنيَا ثُمَّ نَزَلَ مُفَصَّلًا بِحَسبِ الوَقَائِعِ في ثَلاثٍ وَعِشرِينَ سَنَة) قال تعالى مُعَظِّمًا شَأن هذه الليلة التي اختصّها بإنزال القرآن الكريم فيها.
2. ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ليس فيها هذه الليلة! وما أعلمك يا رسول اللّه ﷺ أيّ ليلة هي ليلة القدر؟ إنّها خير من ألف شهر! وهي كذلك ليلة القضاء والحكم والتّقدير: لأنّ اللّه العليّ الكبير يقدّر فيها ما يشاء ممّا قضاه إلى مثلها من السّنة القادمة من أمر الرّزق والموت والأجل وغير ذلك من كلّ أمر صغير وكبير قال ابن عبّاس: (يُكتَبُ مِن أُمِّ الكِتابِ ما يَكونُ في السَّنَةِ مِن رِزقٍ وَمَطَرٍ وَحَياةٍ وَمَوتٍ) في هذه الليلة يقدّر اللّه أمر السنة في عباده وبلاده إلى السنة المقبلة قال تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ فشأن هذه الليلة عظيم! وكلّ ما ذكر في القرآن الكريم من قوله ﷻ: ﴿وَما أدْراكَ﴾ فقد أدراه وأخبره وكلّ ما فيه: ﴿وَما يُدْرِيكَ﴾ فإنّه لم يعلمه!
3. ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ العمل الصّالح فيها وقيامها والعبادة فيها خير من ألف شهر ليست فيه! قال أنس رضي اللّه عنه: (العَمَلُ في لَيلَةِ القَدرِ وَالصَّدَقَةُ وَالصّلاةُ وَالزّكاةُ أفضَلُ مِن ألفِ شَهرٍ).
4. ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ تهبط الملائكة من السّماء وتنزل إلى الأرض وتؤمّن على دعاء النّاس في ليلة القدر من غروب الشّمس إلى طلوع الفجر! المراد بالرّوح هنا: جبريل عليه السّلام ومعنى: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ بإذن خالقهم من كلّ أمر قضاه وقدّره في تلك السّنة من رزق وأجل وغير ذلك إلى السّنة القادمة.
5. ﴿سَلامٌ هِيَ حتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ سالمة من كلّ شرّ ولا يستطيع الشّيطان أن يعمل فيها أيّ سوء كما يفعل في غيرها من الليالي وقيل: إنّ المراد بذلك تسليم الملائكة فيها على من في المساجد والعابدين وقيل: هي خير وأمان ويخسأ فيها الشّيطان وليس فيها شرّ من أوّلها لآخرها وقيل: تتنزّل الملائكة فيها وكلّما لقوا مؤمنًا سلّموا عليه من ربّه حتّى يطلع الفجر! فليلة القدر كثيرة الخير سالمة من الشّرّ إلی طلوع الفجر.
إقرأ أيضا:لذلك تم استعبادنا