بقلم د. منى بنت إبراهيم التويجري
السَّلَم: وهو شراء موصوف في الذمة بثمن مقبوض في مجلس العقد, أي: دفع الثمن للسلعة فورًا أو عاجلًا وتأجيل تسليمها إلى وقت لاحق أو أجل معين, وبيع السلم هو عكس البيع بثمن مؤجل, وهو مشروع في الكتاب؛ لقوله تعالى:{ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ …} (البقرة: 282).
وفي الحديث المتفق عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنْ أَسْلَفَ فَلْيسْلِفْ فِي كَيلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ”
وله شروط منها: بيان جنس المسلم فيه, ونوعه, ووصفه, وقدره, وأجله, ويشترط كذلك تسليم رأس المال في مجلس العقد.
ويساهم السلم في تمويل النشاط التجاري والصناعي والزراعي, ويتعامل البنك الإسلامي مع التجار عن طريق عقد السلم بصفته رب السلم أو المحمول ويكون التاجر بصفه مسلم إليه, ويحصل التاجر على المال عاجلًا مقابل التزامه بتسليم سلع موصوفة في الذمة في وقت آجل. ويحق للتاجر أن يتصرف بالمال الذي تسلمه بشراء المواد الأولية للسلع المطلوبة على أن يطالب بالوفاء بالمسلم فيه, وتسليمه عند حلول الأجل, وبهذا يصبح عقد السلم مصدرًا لتمويل التجار باحتياجاتهم من المال العاجل لتنفيذ مشاريعهم التجارية, بدلًا من القرض الربوي.
ومن هنا كان السلم أحد أوجه الاستثمار الكثيرة التي تقوم بها البنوك الإسلامية ويحقق لها ربحًا جيدًا, فضلًا عن كونه يعود بالنفع على عملاء البنك من ناحية زيادة إنتاجهم وتوفير النواحي المالية لهم وهم في أمس الحاجة إليها. ولقد أخذ بنك دبي الإسلامي هذا النوع من العقود كأساس لممارسة بعض أنشطته التجارية معتمدًا على الشروط التي أوردها الفقهاء في هذا النوع من البيوع, ولقد نجح البنك بشكل واضح في استلهام روح هذا النوع من البيوع في بعض الأنشطة التي يقوم بها حاليًا, ولعل ذلك تأكيد على روح الشريعة السمحة التي سمت واتسعت, فاحتوت كل ما يمارسه البشر وما سوف يمارسونه في المستقبل تحت ضوابط معينة مما وضعه الفقهاء لكل نوع من أنواع تعامل الناس.
المصدر: الملتقى الفقهي.