تصميم برنامج قرآني لدرس العقيدة للناشئة (1)
د. حسان عبدالله حسان
واقع الدرس القرآني في الأمة يُعد واقعًا متخلفًا عن القرآن ذاته – فضلًا عن تخلفه بالنسبة إلى درس العقيدة- حيث ينحسر هذا الدرس في الترويج للحفظ والاستظهار بعيدًا عن مهمة الـمُكلف الأساسية في التعامل معه وهي “ليدبروا” فوظيفة التدبر وما يتعلق بها من الفهم والفقه والتفقه والتعقل والتبصر غائبة بشكل يكاد كليًا في التعامل الجمعي للأمة.
إن القرآن يمثل المرجعية الوحيدة ذات الكلام المقدس في الإسلام والتي من شأنها أن تجيب لكل المسلمين عن أسئلة الوجود والماهية والمصير، وغياب التعامل الراشد مع هذا الكتاب “المرجع للإيمان” يؤدي إلى خللٍ كبير في البناء العقدي للشخصية المسلمة.
وبما أن القرآن يوفر كليات قواعد التفكير والهداية والرشاد للإنسان، فإنه يحقق بهم مناخًا علميًا يدفع المسلم، المؤمن به إلى أن ينظم تفكيره فيما يتصل بعلاقته بالكون وعناصره ومكوناته من ناحية، وبتوفير خلفية فكرية وفلسفية تساعده في بناء أيديولوجية خاصة به، وبصفته مؤمن بكتاب مقدس يجمع ما جاء في الكتب السابقة ومهيمنا عليها “ومهيمن عليه”.
إن القرآن وإن كان لا يحتوي على حقائق علمية جاهزة ولكنه يتضمن موقفًا علميًا جوهريًا.. هو اهتمامه بالعالم الخارجي وهو أمر غير مألوف في الكتب الأخرى. يشير القرآن إلى حقائق كثيرة في الطبيعة ويدعو الإنسان للاستجابة إليها. الأمر بالعلم (بالقراءة) لا يبدو متعارضًا مع فكرة الألوهية، بل إنه قد صدر باسم الله )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ( [العلق /1]. الإنسان (بمقتضي هذا الأمر) لا يلاحظ ويبحث ويفهم طبيعة خلقت نفسها، ولكن الكون الذي أبدعه الله. لذلك فإن الملاحظة ليست بلا هدف أو لا مبالية أو خالية من الشوق وإنما هي مزيج من العلم وحسب الاستطلاع والإعجاب الديني[1].
نقترح على التربويين تصميم برنامج قرآني يوفر بناءً عقديًا سليمًا للشخصية المسلمة، يقوم على توفير ما يلي:
- التأكيد على الانفتاح العقلي.
- مبدأ الحوار والتساؤل.
- مبدأ الجدل المنهجي.
- مبدأ التكامل بين المعرفة المادية والمعنوية.
- الدليل والبرهان.
- نبذ التقليد.
- خطوات المنهج العلمي للوصول إلى الحقيقة.
- بناء جسر معرفي يصل بين القرآن والكون في ذهن المخاطب.
- الأبعاد الاجتماعية، والأخلاقية للوحي.
نستكمل بالتفصيل هذه المبادئ إن شاء الله..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] على عزت بيجوفيتش: “الإسلام بين الشرق والغرب”، مؤسسة النور، الكويت، 1994، ص305.
المصدر: مجلة المجتمع