عقب حالة الحرب من المفترض أن يتم تشكل رؤية دينية جديدة لجنوب اليمن خصوصاً واليمن عموماً، وكون الدين مؤثرأ في الشعوب كان لزاماً على صنّاع القرار ومن سيديرون البلاد أن يكون لهم بصمة في هذا الملف من خلال اختيار من يعلم الناس أمور دينهم ، بالتزامن مع الحرب التي كان ينفذها التحالف العربي على جماعة الحوثي لاستعادة الشرعية في اليمن .
كانت جهات خفية تستهدف الوجود السلفي استكمالاً للحرب التي نفذتها جماعة الحوثي على المراكز الدعوية و العلمية في منطقة دماج . فقد تم خلال عام 2016 اغتيال 27 شخصية سلفية بارزة في جنوب اليمن ، تبع ذلك حملة اعتقالات وملاحقة للعديد من أبناء التيار السلفي.
يعتقد أن أحد الأطراف التي تمتلك جذورها في جنوب اليمن تريد الصعود على حساب السلفية وعلى رأس هذه الأطراف الجماعات الصوفية، التي ترى في السلفية عدواً تاريخياً لها ، كذلك أمام الحراك الجنوبي فرصة للتخلص من أحد الأطراف المعارضة لتقسيم اليمن لصالح الاستفادة من طرف أخر يدعم الانفصال والمتمثل بجماعة الصوفي علي الجفري ، فقد تم انتزاع المساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم وإغلاق الجمعيات الخيرية التي يديرها رموز سلفية تحت ذريعة محاربة الإرهاب , ومنح مساحة مريحة للرموز الصوفية بالتحرك في هذا السياق.
التصقت عمليات الاغتيال دائما بمسلحين مجهولين، و من أبرز تلك العمليات، اغتيال الشيخ راوي العريقي, أحد ابرز قادة السلفية في عدن وإمام وخطيب جامع ابن تيمية في (البريقا) , ومن أوائل من وقفوا في وجه المليشيات على ضواحي عدن , وخلفه العشرات من شباب السلفية وطلاب الحلقات , وألقت تلك العصابات جثته عليها آثار تعذيب بالقرب من جولة ديلوكس بمديرية الشيخ عثمان .
لم يمض سوى شهر إلا وتنقض تلك العصابات على القائم على مركز الفيوش بين محافظتي لحج وعدن الشيخ عبدالرحمن مرعي – أحد أبرز قادة السلفية على مستوى اليمن – والذي اغتيل بعد الشيخ راوي بـ 29 يومأً فقط عن طريق مسلحين على متن سيارة برادو ( لون أحمر) انقلبت بعد ملاحقتها من قبل وحدات أمنية في المحافظة . وقالت إنها سلمت الجناة إلى الأمن في عدن , ولم يعلم مصير أولئك الجناة حتى اللحظة . كذلك طالت تلك الحملة ، الشيخ فائز الضبياني، والشيخ عبدالرحمن الزهري إمام جامع الرحمن في المنصورة وغيرهم آخرين.
يقول الدكتور عبد الناصر الخطري وهو أحد قادة حزب الرشاد السلفي في مقابلة نشرها موقع ( المشهد اليمني): إن تلك الجرائم التي استهدفت علماء ودعاة ينتمون للتيار السلفي، كانت تهدف إخلاء الساحة لطرفين، وهما التنظيمات الإرهابية، وأصحاب البدع والأفكار المنحرفة الذين يسعون للتصدر للمشهد الإسلامي.
و يمثل التيار الصوفي في اليمن علي الجفري، الذي اتسمت مواقفه بالتصالح و المهادنة مع الحوثي و الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، منذ بداية الحرب في اليمن ، كما أعلن في تصريحات مختلفة تأييده لانفصال اليمن ، قائلا: “الوحدة اليمنية انتهت وإن كانت باقية رسميا على الورق ، ولن يستقر اليمن حتى ينفصل الشمال عن الجنوب للأسف”.
ويمكن اعتبار موقف المرجع الصوفي علي الجفري أبرز موقف صدر عن الصوفيين في اليمن تجاه حرب الحوثيين على دماج ؛ إذ حاول تقمص دور الحياد مصبوغاً بالتشفي أمام ما حدث لطلاب مركز دماج الذي كان يمثل أول معقل للدعوة السلفية في اليمن.
ومن مواقفه الثابتة في الذاكرة السياسية اليمنية خلال هجوم الحوثيين على مركز دماج السلفي , إذ قال: “ما يحدث في دماج هي معركة سياسية، ولا نرى أي الطرفين ينبغي أن يُنصر”.
ومن أبرز الصوفيين الذين أعلنوا تأييدهم لجماعة الحوثي الصوفي سهيل بن عقيل باعلوي ، وهو ذاته من تزعم حملات تأييد ومناصره للحوثيين حتى أوكلت جماعة الحوثي إليه إلقاء الخطب كل جمعة أثناء اعتصام الحوثيين على مدخل صنعاء قبل سقوطها بأيديهم.
وزار بن عقيل، الذي يصفه الحوثيون بمفتي مدينة تعز، محافظة صعدة معقل الحوثيين، وذهب إلى ضريح بدر الدين الحوثي , والد مؤسس جماعة الحوثي , حسين بدر الدين الحوثي.
وتنظر الصوفية إلى المملكة العربية السعودية باعتبارها منطلقاً لمقاومة حركة التصوف ؛ لذلك حينما أطلقت المملكة عاصفة الحزم في اليمن قال الجفري على تلفزيون سي بي سي : “لا تصدقوا كل من يكذب عليكم وأنها قضية سنة وشيعة ، ولا تصدقوا من يكذب عليكم , ويقول إنها قضية يهود وأمريكان، الذين يتكلمون على أنها قضية أمريكان هم الآن على مائدة التفاوض مع أمريكا، المسألة ليس لتخليصكم من سطوة دول الجوار , ولكنها معركة إيران , وليست معركتنا نحن”.
الجفري يرى أن الحوثيين “إخوتنا الذين بغوا علينا”،. وفي رسالة وجهها للمخلوع صالح قال (جلست معك مرار أيام وجودك في الحكم، أعترف أنك كنت خلوقا معنا، أنك كنت تحسن التعامل معنا، نحن لا ننسى الفضل). ومن تصريحاته الموجهة للسلفيين في اليمن قال الجفري : “لا تشعلوها طائفية ، دعوها فإنها منتنة”. كما حذر الجفري دول التحالف العربي من “الاستماع إلى مطالب الإسلاميين بجعل الطائفية جزءاً من دعم المرحلة التي أنتم فيها، لأن الطائفية لا تأتي بخير أبدا”. وفي الأيام الأخيرة بدأ الجفري نشاطاً مكثفاً في حضرموت لتعيين أئمة مساجد وتدريبهم لتهميش السلفيين .
(المصدر: موقع المثقف الجديد)