مقالاتمقالات مختارة

تركِةُ الشّيخ محمّد بن عبد الوهاب وحفلات رأس السّنة | بقلم الشيخ محمد خير موسى

تركِةُ الشّيخ محمّد بن عبد الوهاب وحفلات رأس السّنة | بقلم الشيخ محمد خير موسى

•  حفيدُ الشّيخ ابن عبد الوهاب رئيسًا لهيئة التّرفيه
ليسَ مجرّد ضربٍ من العبثِ ما يقوم به محمّد بن سلمان وما يصدره من قراراتٍ تضربُ أسفلَ أركان هويّة الدّولة السّعوديّة..
إنّه يعملُ بمنهجيّةٍ واضحةٍ وآليّاتٍ حثيثةٍ لمحو الهويّة السّابقة للدّولة بطريقةٍ فيها الكثيرُ من العنفِ المنسجم مع طباعه البّاطشة.
إنَّ تعيين تركي آل الشّيخ حفيد الشّيخ محمّد عبد الوهاب رئيسًا لهيئة الترفيه له دلالاته الكبيرةُ في آليّات هذا المحو ورسائله؛ هذه الهيئة التي أنشئت لغاية طمس معالم تلك الدّولة التي تحالفَ فيها الإمام المؤسس محمد بن سعود مع الشّيخ محمد بن عبد الوهاب؛ ذلك التحالف الذي يقضي أن يكون الحكم في آل سعود والمرجعيّة الشّرعيّة في آل الشّيخ محمّد بن عبد الوهاب.
إنّ غَزْلَ الآباء ينقضه الأبناء من بعدِ قوَّةٍ أنكاثًا، ويتهاوى تحالف محمد بن سعود مع الشّيخ محمد بن عبد الوهاب على أيدي الحفيدين المتحالفين محمد بن سلمان وتركي آل الشّيخ.
وإنّ تعيين حفيد الشّيخ محمد بن عبد الوهاب رئيسًا لهيئة التّرفيه يراد منه أمران:
الأوّل: هدمُ الصّورة الدّينيّة للمملكة بأيدي أبناء الشّيخ نفسه الذي بنى هذه الصّورة وأسّس للمرجعيّة بالأمس.
الثّاني: ترسيخُ صورة التّحالف الجديد الذي يريده ابن سلمان مع آل الشّيخ تمهيدًا لإعلان الموعد الرّسميّ لجنازة تحالف الأجداد المودَع في ثلاجة الموتى منذ أنشبَ ابن سلمان أظفارَه في الحكم.

 •  حفيد الشّيخ ابن عبد الوهاب وحفلات رأس السّنة
وكانَ أوّل أعمال حفيد الشّيخ محمّد عبد الوهاب هو إعلان موسم من الحفلات الفنيّة بمناسبة رأس السّنة الميلاديّة وإقامتها في منطقة المدينة المنوّرة في مدائن صالح على وجه التّحديد.
وعند تفكيك هذه العبارة سنجد أننّا أمام مجموعةٍ مركّبةٍ من المفاهيم التي يعدّها المجتمع السّعوديّ بشقيّه الشّعبي والرّسمي من الفظائع والجرائم حتّى وقتٍ قريب ..
فقبلَ بضع سنواتٍ فقط كانت عبارة “حفل فنيّ” كافيةً لإشعال حرب ضروس بين المؤسّسة الدّينيّة وغيرها، واستنفار العلماء والدّعاة الذين يتلفّع غالبهم بالصّمت المؤدّب الآن.
وعبارة “حفل رأس السّنة الميلاديّة” كانت كافية لحشد خطاب الولاء والبراء، واتّهام كلّ من يقوم بها في عقيدته وأصول دينه، ورفع العقيرة بضرورة التبرّؤ من الكفّار وعاداتِهم.
واليوم يُختارُ للإشراف على هذه الحفلات حفيد مؤسّس المرجعيّة الشّرعيّة، وليسَ هذا فحسب بل يتمّ اختيار المكان بعنايةٍ يرادُ منها تحقيق أهداف عديدة لا براءةَ فيها ولا قيم..
فالحفلاتُ الرّاقصة بمناسبة رأس السّنة الميلاديّة؛ تُقامُ في منطقة المدينة المنوّرة، ويختارُ لها موضعٌ معيّنٌ في منطقة المدينة المنوّرة هو مدائن صالح.

 •  إساءة غير مسبوقةٍ للإسلام
إنّ اختيار منطقة المدينة المنوّرة التي هي ثاني أعظم المدن قداسةً ومكانةً عند أكثر من مليار ونصف من المسلمين، وإقامة حفلات الرّقص والتّهتك في المنطقة التي يدفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو اعتداء سافرٌ على الإسلام كلّه، وانتهاكُ لحرمة ومكانة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطريقةٍ لم يسبق لها مثيل، وهي جريمةٌ لا تقلّ في بشاعتها عن قتل جمال خاشقجي وتقطيعه بالمناشير.

 •  لماذا مدائن صالح؟!
وإنَّ اختيار مدائن صالح التي لها حضورها في الخطاب الشّرعي الإسلاميّ بوصفها موضع تعذيب الله تعالى لقوم ثمود، وفيها أمرٌ نبويّ بعدم المكوث فيها، والإسراع في الخروج منها واستحضار البكاء فيها استذكارًا لعذاب الله تعالى للظالمين.
فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: لمّا مرّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالحِجر قال: “لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم، إلّا أن تكونوا باكين؛ ثمّ قنع رأسه، وأسرع السّير حتّى أجاز الوادي.
هذا الاختيار كذلك ليس وليد مصادفة، بل هو اختيارٌ ممنهج لضربِ قداسة كلّ ما له علاقة بالخطاب الشّرعي والموروث الدّيني.
هو اختيارٌ يرادُ منه إسقاط هيبةِ الحديث النّبويّ في مجتمع يقومُ في وعيه الجمعيّ على تعظيم السّنّة النّبويّة وإعلاء هيبة السَّلف الصّالح.
كما يرادُ كذلك ترسيخ اللّامبالاة بعد اليوم بما يصدر عن العلماء من خطاب يستند إلى الوحي.
إنّ استضافة ماجدة الرّومي ونجوى كرم ووليد توفيق وراغب علامة في منطقة المدينة المنورة في الوقت الذي يزَجّ فيه العلماء المعتدلون والمصلحون الرّاشدون في غياهب السّجون يهدف إلى تشكيل الصّورة الذّهنيّة للسعوديّة الجديدة.

 •  اجتثاث السّعوديّة القديمة
الصّورة التي ينبغي أن لا ترتبط فيها المملكة بعد اليوم بسلمان العودة، ولا علي العمري، ومحمّد موسى الشّريف، وعوض القرني، وغيرهم من الدّعاة والعلماء، بل ينبغي أن ترتبط بالرّقص والتّهتّك في أقدس الأمكنة والبقاع، والفرح والسّرور حيث يأمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالبكاء خشيةً من نزول العذاب.
فلا قداسةَ لمكانٍ في عرف ابن سلمان، ولا مكانةَ لوحي ولا هيبةَ لموروث، ولا احترام لعالِم، ولا وجود لإرادة غير الإرادة التي يهواها ابن سلمان في السّعوديّة الجديدة.
هكذا يجتثّ محمّد بن سلمان السّعوديّة القديمة اجتثاثًا من قعرها، لتحلّ محلّها سعوديّة الترفيه والطّرب بهياجٍ تقتضيه إمارةُ الصّبيان وتأباه أدنى قواعد الرّشد والحكمة.
هياجٍ متسارعٍ لا يبشّرُ بخيرٍ في بلاد مكّةَ والمدينة التي لا يريدُ لها أحدٌ مخلصٌ أو عاقلٌ أن تصبحَ مرقصًا على أنغام ماجدة ونجوى.

(المصدر: رابطة علماء أهل السنة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى