تركيا…وطريق ذات الشوكة!
بقلم أ. سيف الهاجري
قال ﷺ (وَاللهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عليكُمْ) متفق عليه..
إن ما تتعرض لها تركيا من حرب إقتصادية تشنها أمريكا والمنظومة الربوية الدولية بالمضاربة على عملتها لإخضاعها ومنع تحررها لا يخرج عما تتعرض له شعوب الأمة من احتلال عسكري وحروب إبادة كما في سوريا والعراق وأفغانستان وبورما (الروهنجا) فكل هذه الأحداث في سياق حرب دولية على الأمة وشعوبها لمنعها من التحرر والنهضة من جديد…
إن تركيا تواجه اليوم محيطا معاديا ومشاريع كبرى ذات أبعاد دينية كالمشروع الصليبي والمشروع الصهيوني والمشروع الصفوي وهذه المشاريع تضحي بكل ما تملك من قوة عسكرية ومالية لتتمكن من الهيمنة على الأمة وثرواتها..
لذا فلا يمكن لتركيا أن تواجه هذه المشاريع العقائدية وهي أسيرة للبرامج والسياسات الإقتصادية التي تبنتها الحكومة التركية منذ اختيار الشعب لحزب العدالة والتنمية عام 2002م والتي بلا شك نهضت بالإقتصاد التركي ورفعت المستوى المعيشي للشعب التركي ولكن هذا التقدم وهذه النهضة إن لم تكن ظهيرا للتحرر والسيادة ستجعل تركيا أسيرة لدور وظيفي والذي من أجل المحافظة عليه قامت الانقلابات العسكرية برعاية أمريكا والنيتو…
فتركيا في ظل هذه الحرب على مفترق طرق تاريخي وهي تواجه هذه التحديات الكبرى وقوى استعمارية وإقليمية تسعى لتحييد تركيا عن الثورة العربية ومنعها من الخروج من الدور الوظيفي الذي كانت تسير في فلكه تحت مظلة أمريكا والنيتو منذ قدوم البعثة الأمريكية لتطوير الجيش التركي عام 1950م وإنضمامها لحلف النيتو عام 1952م…
لقد بدأت تركيا بالسير في طريق السيادة والتحرر من الهيمنة الأمريكية والغربية وما تتعرض له هو من سنن الله عز وجل في التمحيص والتمييز ﴿مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ﴾…
لقد أرادت تركيا منذ أن أطلقت سياسة تصفير المشاكل مع محيطها أن تحقق النمو والتطور بدون أي صدام مع النظام الدولي والذي تتزعمه أمريكا لتعلن بعقوباتها وحربها رفضها لتطور تركيا ونهضتها التي أرادت منها تركيا السلم والتماهي مع النظام الدولي لكن سنن الله عز وجل مضت فيهم ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾…
التحرر الحقيقي لتركيا هو عندما يصبح الشعار الذي رفعه الرئيس أردوغان (لهم دولاراتهم ولنا ربنا) هو المرجعية الحقيقية للشعب التركي لا التعلق المادي بسعر صرف الدولار واليورو الذي تتحكم به أمريكا ومنظومتها الرأسمالية…
وأيضا كذلك عندما تدرك تركيا أن ميدان المعركة الحقيقي ليس في اسطنبول فقط وإنما أيضا في ساحات الثورة العربية ولن تستطيع أن تواجه الحرب والحصار عليها إلا عندما تتحرر الثورة من نفوذ دعم الأنظمة وعبث الجماعات الوظيفية وتنهض الثورة من جديد…
على مر التاريخ كان الترك ومنذ إسلامهم ولا زالوا وهو يحملون الإسلام ويدافعون عنه أمام كافة المشاريع وها هم اليوم على موعد مع التاريخ من جديد ليكونوا ظهيرا وعمقا إستراتيجيا للأمة وثورتها وسعيها للتحرر من الاحتلال والاستبداد…
لقد آن الأوان لتتقدم تركيا لتطهر محراب ثورة الأمة ونهضتها وتحررها من عبث أمريكا وأدواتها الوظيفيه كما تقدم من قبل السلاجقة الأتراك لحماية الأمة وخلافتها من الخطر الصليبي والتآمرالباطني!…
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
(المصدر: موقع أ. سيف الهاجري)