أ. أسامة شحادة
الإصلاح هو منهج الأنبياء، كما قال شعيب عليه السلام: “إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت” (هود: 88) وكما وصّى موسى أخاه هارون، عليهما السلام: “اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين” (الأعراف: 142).
ولكن الإصلاح عملية مستمرة ودائمة وتحتاج إلى زمن وتقبل عام من المجتمع لتظهر نتائجها وثمارها ونجاحها في الدنيا باستقامة الأحوال واستقرار الحياة وظهور النعم والبركات، ولذلك قال تعالى: “وما كان ربك ليهلك القرى بظلمٍ وأهلُها مصلحون” (هود: 117) ومفهوم المخالفة أن ترك الإصلاح من المجموع سبب للهلاك والعقوبة.
ومِن هنا فإن استمرار عموم الناس بالقيام بعملية الإصلاح، بأشكاله المتنوعة ومستوياته المتعددة، إما بشكل مباشر عبر التعليم والدعوة والنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووضع الحلول وعلاج المشاكل وما يلحق بذلك من قبل النخبة من العلماء والدعاة والساسة والخاصة، أو بشكل غير مباشر عبر الاستجابة لمتطلبات الإصلاح من التعلم وإتقان العمل والاستقامة والحرص على عمل المعروف وترك المنكرات والفواحش والعادات السلبية من قبل العامة وجمهور المجتمع هو سبيل الوصول للصلاح وتحقق عملية الإصلاح، كما قال تعالى: “الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور” (الحج: 41).
واكتمال عملية الإصلاح لن يتحقق إلا إذا قام كل فرد منا بواجبه الشرعي والدنيوي بحسب موقعه من خلال النقاط التالية:
1- الحرص على سلامة منهج فهم الإسلام فلا ينتهج نهج الغلاة التكفيريين أو أهل البدع والضلالات من الشيعة والصوفية وغيرهما من الفرق الضالة التي فارقت سبيل المؤمنين الأوّلين وهم الصحابة الكرام والتابعون والأئمة الأربعة وأمثالهم، أو مناهج العلمانيين والحداثيين والزنادقة والإعلاميين الجهلة وأصحاب العمائم الضالين الذين حرفوا الدين وتلاعبوا بأحكام الإسلام.
2- الوعى واليقظة لخدمة الإسلام بشكل سليم عبر التزام السلمية والعلنية في دعوة المسلمين والناس للتمسك بتوحيد العبادة والطاعة لرب العالمين وتوحيد الاتباع في الدين لسيد المرسلين والحرص على مكارم الأخلاق والإيجابية في الشؤون العامة، وتجنب التهور والغلو والتجارب الفاشلة والكارثية في مسيرة العمل الإسلامي والارتباط بالعلماء الربانيين.
3- القيام بواجباتنا بشكل صحيح في مجالات الأسرة والعمل والتطوع والدعوة وغيرها بحسب موقعنا ومحاولة الترقي لمرحلة الإتقان التي يحبها الله عز وجل.
4- الصبر والمصابرة والدعاء بالثبات على الاستقامة في أمر الدين والدنيا كجزء من الصلاح والإصلاح الذي نؤمن به، فنصبر على طول الطريق ولا ننجرّ للعنف والتكفير لحرق المراحل، والصبر والمصابرة على الأذى والمشاق في هذا السبيل ولا نميل للمناهج المنحرفة في فهم الدين أو لنكون جزءا من عجلة الفساد، والصبر والمصابرة على الظلم والعدوان الذي قد نتعرض له قصداً أو ضمن موجة الظلم والعدوان العامة.
(المصدر: موقع أ. أسامة شحادة)