تذكير المسلمين بمصير الفراعنة والسّجّانين (٢)
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال اللّه عزّ وجلّ: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ وقال اللّه تعالی: ﴿وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ﴾ وقال رسول اللّه ﷺ فيما يرويه عن ربّه عزّ وجلّ: {يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا} الظّلم من الجرائم الموبقات والأمراض المهلكات انتشرت في المجتمعات فأهلكت الرّعيّة والرّعاة وانتزعت البركات وسلبت الخيرات وحسبنا أن نوقن أنّ فاطر السّموات حرّم الظّلم على نفسه ﷻ وجعله محرّمًا بين المخلوقات ومن أجل محاربته وإزالته بعث اللّه عزّ وجلّ الرّسل وبيّن الشّرائع والسّبل.. إنّ بطانة السّوء والسّجّانين الذين يحقّقون للطّاغية أمنياته وينفّذون رغباته لا يقلّون جريمة عن سلبيّاته! قال شيخ الإسلام ابن تيمية للسّجّان حين طلب منه أن يسامحه بعد أن خرج من السّجن: (واللّه لولاك ما ظلموا)! وقال ابن يحيی البرمكيّ لأبيه حين كانا في السّجن: يا أبت بعد الأمر والنّهي والنّعمة قد صرنا إلى هذا الحال؟! فأجابه: (يا بنيّ لعلّها دعوة مظلوم قد سرت بليل ونحن عنها غافلون ولم يغفل اللّه عنها)! وأنشأ يقول: (ربّ قوم قد غدوا في نعمة : زمنًا والدّهر ريّان غدق! سكت الدّهر زمانًا عنهم : ثمّ أَبكاهم دمًا حين نطق)! لقد أخبرنا الرّسول ﷺ {أنّ امرَأة دَخلَت النَّار في هِرّة حبَستها لا هيَ أطعمَتها وَلا هيَ ترَكتها تأكلُ مِن خَشاش الأرض} فما بالكم أحبّتي في اللّه بمن عاث في الأرض الفساد وسام العباد سوء العذاب؟! قال الإمام سفيان الثّوريّ: (إذا مررت بديار قد تعطّلت وأسر تمزّقت وأموال ذهبت وصحّة سقمت فاعلم أنّه قد جرى فيما بينهم ظلم أدّى بهم إلى مثل ذلك)! لا جرم أخي المسلم أنّ فرعون ما تفرعن إلا حين استحمر النّاس وساق الشّعب كالغنم وتعوّد أن يقال له: نعم؟! وللّه درّ القائل: (والشّعب لو كان حيّا ما استخفّ به : رَدٍ ولا عاث فيه الظّالم النّهم! إنّ اللّصوص وإن كانوا جبابرة : لهم قلوب من الأطفال تنهزم)؟!