تذكير المسلمين بصبر وثبات السّابقين (٢)
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
نستمع وإيّاكم في هذه الحلقة لنموذج آخر من الجيل القرانيّ الفريد الذي تربّی علی عقيدة التّوحيد: دخل خبّاب رضي اللّه عنه على عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه فأجلسه على متّكئه وقال: ما على الأرض أحد أحقّ بهذا المجلس من هذا إلا رجل واحد قال خبّاب: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: بلال قال خبّاب: ما هو بأحقّ منّي إنّ بلالًا كان له في المشركين من يمنعه اللّه به ولم يكن لي من أحد يمنعني فلقد رأيتني يومًا أخذوني فأوقدوا لي نارًا وسلقوني فيها ووضع أحدهم رجله على صدري فما اتّقيت الأرض إلا بظهري وكشف عن ظهره فإذا هو قد برص من النّار!
هذه هي ضريبة الدّعوة أيّها الأبرار وهذا هو الثمن للجنّات التي تجري من تحتها الأنهار قال تعالی: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ والقرآن وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ لقد اشتری أحكم الحاكمين من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم مقابل صبرهم وثباتهم جنّات النّعيم والنّظر لوجهه الكريم لبذلهم نفوسهم وما يملكون في مواجهة الكفّار وإعلاء كلمة الحقّ في ربوع العالمين فيثأرون من المعتدين ويموتون علی أيدي الظّالمين وعدًا عليه حقّا في التّوراة المنزلة على موسی الكليم ﷺ والإنجيل المنزل على عيسى ابن مريم ﷺ والقرآن المنزل على الصّادق الأمين ﷺ ولا أحد أوفى بعهده من الواحد الصّمد لكلّ من وفّی بما عاهد عليه اللّه فأظهروا الفرح إخوة الإيمان ببيعكم الذي بايعتم به ربّكم الرّحمن وهنيئا لكم ما وعدكم به مولاكم المنّان من الجنان والرّضوان وذلكم البيع هو الفلاح العظيم والفوز المبين يوم يقوم النّاس لربّ العالمين!
اقرأ أيضا: تذكير المسلمين بصبر وثبات السّابقين (١)