تذكير المسلمين برباطة جأش حرائر فلسطين
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
إنّ الخنساء -أيّها النّاس- امرأة عظيمة بكلّ مقياس: عظيمة في الجاهليّة بفطرتها الإنسانيّة وبعاطفتها البشريّة وبإرادتها القويّة التي تدفّقت كهدير بركان أو شلّال! وعظيمة بأشعارها الرّقيقة التي تفوّقت بها علی فحول الرّجال! وحسبها أنّ بيتًا من الشّعر قالته في رثاء شقيقها -صخر- أصبح مضرب الأمثال علی مرّ الأيّام والأجيال:
وإنّ صخرًا لتأتمّ الهداة به : كأنّه عَلم في رأسه نارُ
وللخنساء الشّأن العظيم في حياتها الإسلاميّة: بصبرها علی فقدان أولادها الأربعة في موقعة القادسيّة! وإنّ الخنساء أيّها الإخوة الأعزّاء هي الأنثی الرّقيقة والشّاعرة الأنيقة التي قالت أرقّ وأعذب الشّعر برثاء أخيها العزيز صخر:
فلولا كثرة الباكينَ حولي : على إخوانهم لقتلت نفسي
ولا جرم أخي المحترم أنّ مع الظّلم والحزن والألم تصبح الحياة كلها رتيبة وظلالها بئيسة وكئيبة وأنسها وحشة غريبة ولن يجد المكلوم -في مثل هذه الأوضاع- مؤنسًا لمصيبته سوی أن يذرف دمعته من مقلته التي قد تؤدّي به في آخر المطاف إلی موته ونهايته!
ولقد اشتهرت الخنساء -إخوتي الفضلاء- في الجاهليّة الأولی: بكثرة وطول البكاء وحين آمنت برسالة خاتم الأنبياء ﷺ ابتلاها مولاها الرّبّ بفقد جميع أولادها في الحرب فانقلبت حياتها -للّه درّها- رأسًا علی عقب كما يقال وقالت وهي ربّة الحجال بلسان الحال حينما أتاها نبأ استشهاد جميع فلذات الكبد في ساحات النّزال: عسی ربّنا الصّمد الواحد الأحد أن يجمعني معهم بمستقرّ رحمته في جنّات الخلد!
إنّنا من باب التّحدّث بنعمة اللّه -المليك المقتدر- نقولها وبكلّ فخر: نحن الذين تشرّفنا بالمرابطة في الثّغر في أرض المحشر والمنشر نعتزّ ونفتخر بوجود مئات- بل آلاف- من الفلسطينيّات في هذا العصر قد ينافسن صحابيّات -كريمات- في التّضحية والصّمود والصّبر والاحتساب والتماس الأجر!
إنّ الإيمان معشر الإخوة الأحباب هو وحده الذي يخفّف المصاب ويجعل كلّ عبد صابر محتسب أقدر من غيره على تحمل الألم والصّعاب! ولا شكّ أنّ حرائرنا بفلسطين في هذا العصر أكثر من خنساوات الأمّة جمعاء في كلّ قطر علی مدی الدّهر!
نقول في الختام للأحبّة الكرام: مليار تحيّة لكلّ امرأة مسلمة أبيّة في جميع أنحاء ديارنا الفلسطينيّة!
اقرأ أيضا: من معالم القدوة الحسنة في أخلاق حركة حماس
