تذكير المسلمين الكرام بالنّهاية المشرّفة لأحد الصّحابة الأعلام!
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
يقول اللّه تعالی: ﴿مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ…﴾ ويقول اللّه تعالی: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾
إنّ من هؤلاء الكماة الصّناديد الأبطال وأحد أفذاذ الرّجال الجبال الصّحابيّ القارئ المفضال حرام بن ملحان النّجاريّ الأنصاريّ رضي اللّه عنه وكان قد شهد غزوة بدر وأحد مع رسولنا محمّد ﷺ! روى إمام الأئمّة البخاريّ في الصّحيح: أنّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قال: لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ – وَكَانَ خَالَهُ – يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ: (فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ)! أيّها الإخوة الأحبّة الكرام إنّ كثيرًا من النّاس في هذه الأيّام يظنّون أنّ هذه الحياة الدّنيا هي كلّ شيء وهي رأس المال وهي نهاية المطاف؟! وذلك بخلاف السّابقين الصّادقين من أتباع خاتم النّبيّين ﷺ فإنّ كلّ واحد منهم يعلم علم اليقين أنّ دنيانا الفانية لا تزن عند مولانا جناح بعوضة وكان يقول بلسان الحال أو المقال: (فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ)! والسّؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: بم فاز؟ ولماذا فاز؟ ومتی فاز؟ وكيف فاز؟ وأين هو فاز؟
والجواب إخوتي الأحباب: لقد فاز بجنّات العزيز الوهّاب! لقد فاز في حياته بالعمل بالسّنّة والكتاب! وقد فاز لأنّه يعلم علم اليقين أنّ هذه الدّنيا ستفنی بعد حين فهي ظلّ زائل لا يركن إليها إلا جاهل يهواها القلب ويحذرها العاقل وأنّها دار ممرّ وأنّ الآخرة دار المستقرّ! يقول اللّه عزّ وجلّ في محكم الذّكر: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ أدرك داعية الإسلام المقدام الهمام: (حرام بن ملحان) أنّ موته في ساحة الوغی مهر لدخول جنّة المأوی بفضل اللّه ﷻ الذي يعلم السّرّ وأخفی لذلك قال للّه درّه: (فُزتُ وَرَبّ الكَعبَة فُزتُ وَرَبّ الكَعبَة)!