
(تذكير المستضعفين بأنّ العاقبة للمتّقين)!
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة( خاص بالمنتدى)
قال تعالی: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ وقال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾.
وقال خبّاب بن الأرتّ رضي اللّه عنه: (شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللّهِ ﷺ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلَا تَدْعُو اللّهَ لَنَا؟ قَالَ: {كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللّهَ أَو الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ} وقال ﷺ: {لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ} وقد كان تميم الدّاريّ رضي اللّه عنه يقول: (قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ).
وحتّى تكون العاقبة لنا معشر المسلمين لا بدّ من تحقيق هذه الشّروط:
أوّلًا: المحافظة علی الصّلوات وتقوی اللّه عزّ وجلّ والإحسان والصّبر يقول تعالی في محكم الذّكر: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ وقال اللّه تعالى: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا باللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ وقال اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ .
ثانيًا: التّوكلّ علی المولی عزّ وجلّ قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ وقال تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم باللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ .
ثالثًا: الابتهال للّه الكبير المتعال في أيّ زمان أو مكان أو مجال قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَليُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ قالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾.
رابعًا: التّفاؤل وعدم اليأس في الشّدّة والضّرّاء والبأس: قال تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ قال النّبيّ ﷺ: {وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ} خامسًا: الأخذ بالأسباب والاعتماد علی ربّ العباد: قال رسول اللّه ﷺ لأحد الأعراب: {اعقِلْها وتوكَّلْ} لقد أمر أفصح من نطق بالضّاد ﷺ بالأخذ بالأسباب لئلا يتحوّل التّوكّل المحمود لمجرّد تواكل مذموم مردود! والحقّ يقال أيّها الرّجال: إنّ التّوكّل يخصّ الفؤاد أمّا الأخذ بالأسباب فإنّه يتعلّق بالأجساد ولا تعارض بينهما أيّها الإخوة الأحباب! ولا جرم أنّ أمّتنا خير الأمم تغفو لكنّها لا تنام ولا تستسلم تمرض لكنّها لا تموت وتضعف لكنها لا تنكسر إلی يوم الحشر.. لقد أتی علی المرابطين في الثّغر في أرض المحشر والمنشر حين من الدّهر لا يرتاد المساجد إلا كبّار السّنّ بخلاف المسلمين في هذه الأيّام في شتّی أرجاء العالم فغالبيّة الشّباب والفتيات يحافظون على أداء الصّلوات وطالبات المعاهد محجّبات والأوائل في المدارس والجامعات أكثريّتهم من أنشط الدّعاة الصّادقين الصّالحين في جاهليّة ما يسمّی بالقرن الحادي والعشرين! قال تعالی: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن كان اللّه ﷻ قد نصر المؤمنين لأنّهم مؤمنون كان هذا موجبًا لنصرهم حيث وجد هذا الوصف بخلاف ما إذا عصوا ونقصوا إيمانهم كيوم أحد فإنّ الذّنب كان لهم) قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ إنّ الصّراع مهما امتدّ أجله والظّلم مهما كثر خيله ورجله والفتنة مهما استحكمت حلقاتها فإنّ العاقبة هي للمتّقين ولا عدوان إلا علی الظّالمين ولكنّ ذلك يحتاج إلى صبر ومصابرة واستعانة باللّه أحكم الحاكمين فلا ينبغي أن يخالج قلوب المستضعفين أيّ أو أدنى شكّ بوعد ربّ العالمين واعلموا معشر الإخوة المؤمنين أنّ العاقبة هي للمحتسبين مهما بغى الباغون وتفرعن المجرمون ومهما سفك الدّماء المستكبرون أو روّع الأبرياء الحاقدون قال تعالى في نهاية قصّة نوح أحد الرّسل أولي العزم ﷺ الذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ وإذا كان الصّحابة الكرام ومعهم الصّادق الأمين ﷺ يمتحنون فمن نحن حتّى لا نبتلى؟! ولكن ماذا كانت نهاية المطاف؟! ولمن كانت هي العاقبة؟! وماذا كانت النّتيجة؟! لقد نصر اللّه الصّحابة الميامين في بدر والأحزاب وفتح مكّة المكرّمة وحنين ومصر والشّام وبلاد الرّافدين إلى أن انتشر هذا الدّين في ربوع الخافقين من جبال فرنسا إلی بلاد الصّين فلا تهولنّكم معشر المسلمين كثرة الخسائر وفظاعة المناظر وهول المجازر ولكن تذكّروا في الصّباح والمساء وفي الصّيف والشّتاء وفي السّرّاء والضّرّاء سنّة فاطر الأرض والسّماء: أنّ العاقبة هي للمتّقين والمرابطين والصّابرين وأنّ مولانا علی ما يشاء لقادر!!
إقرأ أيضا: (آفة الشهرة )