تذكير المرابطين في الثّغر بالأخذ بالأسباب والرّضا بالقضاء والقدر!
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال اللّه تعالی: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ أخبرنا الخالق ﷻ عن قدره السّابق بقوله: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ في الآفاق وفي أنفسكم ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ أن نخلق الخليقة أو أن نبرأ النسمة ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ﴾ الجدب ﴿وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ الأوجاع والأمراض إنّ الإيمان بالقضاء والقدر إخوة الإسلام هو أحد أركان الإيمان وهو تقدير ربّنا الرّحمن الأشياء كلّها في القدم وعلمه بها وأنها ستقع في أوقات معلومة وكتابته ومشيئته لذلك ووقوعها حسب ما قدّرها قال تعالی: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ قال ﷺ: {أن تؤمن باللّه وَملائكته وَكتبه وَرسله وَاليوم الآخر وَتؤمن بالقدَر خيره وَشرّه} لقد خلق اللّه عباده وخلق قدرتهم وإرادتهم وهم فعلوا الطاعة والمعصية بقدرتهم وإرادتهم اللتين خلقهما اللّه تعالی يقول ﷺ: {إنّ لكلّ شيء حقيقة وَما بَلغ عبدٌ حَقيقة الإيمان حتّى يعلم أنّ ما أصابَه لم يكن ليخطئه وَما أخطأه لم يَكن ليُصيبه} واعلم أخي المحترم أنّ الإيمان بالقضاء فرض علی كلّ مسلم وهو الإيمان الجازم بأنّ اللّه خلق أعمال العباد وكتبها في اللّوح المحفوظ يقول تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ لقد رضي العزيز الوهّاب الإيمان والطّاعات ووعد عليها الثّواب وكره الكفر والسّيّئات وأوعد عليها العقاب ولا جرم أخي اللبيب أنّ اللوح المحفوظ هو سرّ مكنون لم يُطلع عليه الحيّ القيّوم نبيّا مرسلا ولا ملكا مقرّبا وقد حرّم الإسلام الخوض في القدر عن طريق العقل أو الجدل ويجب الإيمان بأنّ اللّه عزّ وجلّ خلق المكلّفين مختارين وجعلهم أهل يمين خلقهم فضلا للنّعيم وأهل يسار خلقهم عدلا للنّار ومعلوم أنّ الخالق لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون قال ﷺ: {قدّر اللّهُ المَقادير قبلَ أن يَخلق السّموات وَالأرض بِخمسين ألف سَنة} ونقول بالمختصر: يجب علی كلّ مسلم أن يؤمن بالقضاء والقدر وأن يأخذ بجميع الأسباب ويتوكّل قبل ذلك وبعد ذلك علی ربّ العباد!