تذكير المؤمنين بخشوع وبكاء المتقين
بقلم أ. د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال تعالى: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرّحْمَنِ خَرّوا سُجّدَاً وَبُكِيّاً﴾ ومن بين السّبعة الذين يظلّهم اللّه في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه: {وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللّهَ خالِياً فَفاضَتْ عَيْناهُ} لنستمع وإيّاكم أيّها المرابطون الكرام لثلّة من الصّالحين ممّن بكی من خشية ربّ العالمين: قرأ تميم الدّاري رضي اللّه عنه في إحدى اللّيالي قول اللّه تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الّذينَ اجْتَرَحُوا السّيّئاتِ أنْ نَجْعَلَهُمْ كَالّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ فبكی وردّدها حتّى أصبح! وقرأ عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ فلمّا بلغ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ بكى حتى سقط على الأرض وامتنع عن قراءة ما بعدها! وحينما قرأ مسروق على عائشة رضي اللّه عنها قوله تعالی: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾ بكت ثمّ قالت: ربّ قني عذاب السّموم! وحينما سمع عمر بن عبد العزيز قوله تعالى: ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً﴾ بكى بكاء شديدا! وصلّى محمّد بن المنكدر ليلة فكثر بكاؤه حتّى فزع أهله ثمّ تمادى في البكاء فأرسلوا إلى صديقه فجاء إليه فقال له: ما الذي أبكاك؟ فقال: مرّت بي آية قال: ما هي؟ فقال: ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ فبكی صديقه معه واشتدّ بكاؤهما! وقرأ الفضيل بن عياض قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالْصّابِريِنَ وَنَبْلُوَ أَخبَارَكُمْ﴾ فبكی وجعل يقول: وتبلوا أخبارنا؟ ويردّد: إن بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا! فيا أيّها الغرباء في أرض الإسراء موطن الأنبياء: رتّلوا القرآن الكريم في السّرّاء والضّراء وابكوا إن استطعتم من خشية اللّه مولاكم فإن لم تبكوا فتباكوا فوربّ الأرض والسّماء: إنّ نعمة (البكاء) لا تقلّ عن نعمة المال والولد والنّساء! نقول في الختام للمرابطين الأبرار: ((لن نتحرّر إلا علی أيدي رهبان اللّيل وفرسان النّهار))!