
تذكير أهل الرّباط بحائط البراق
بقلم: أ.د. محمّد حافظ الشريدة( خاص بالمنتدى)
تتلخّص مكانة القدس في كونها أرض النّبوّات ومهبط أهمّ الرّسالات فهي بقعة طيّبة بل طاهرة مقدّسة قال تعالی: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ﴾ وقد جعل اللّه ﷻ بيت المقدس أولى القبلتين ثمّ شرّفه برحلة إسراء خاتم النّبيّين ﷺ وبعد أن تعاقبت على زهرة المدائن المباركة حضارات عادت إلى حوزة المسلمين بعد أن فتحها عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه وحرّرها البطل صلاح الدّين في حطّين والسّلطان قطز في عين جالوت! ولا جرم أخي المسلم المحترم أنّ حائط البراق جزء لا يتجزّأ من المسجد الأقصی بالاتّفاق والأقصی ليس مجرّد المسجد القبليّ ولا قبّة الصّخرة فحسب وإنّما هو جدران السّور وكلّ ما في داخله بمساحة لا تقلّ عن (144) دونمًا وحائط البراق هو الجزء الجنوبيّ من السّور الغربيّ للأقصی الذي يشدّ إليه الرّحال كلّ مسلم تقيّ وهو امتداد للسّور الذي يحيط بالمسجد الأقصی من الجانب الغربيّ وطوله خمسون مترًا وارتفاعه عشرون مترًا ويمتدّ بين المدرسة التّنكزيّة شمالًا وباب المغاربة جنوبًا وحينما أعطى وعد بلفور المشؤوم -خلال الانتداب البريطانيّ على فلسطين- اليهود الحقّ في سيطرتهم على الأرض المقدّسة سنة 1917م بدأ الخلاف يظهر بين المغتصبين والمسلمين حول حقّ ملكيّة حائط البراق راح كلّ من الطّرفين يقول بملكيّة هذا المكان المقدّس وتشير الوثائق التّاريخيّة إلى أنّ بريطانيا التي كانت منتدبة على بلادنا فلسطين اعترفت صراحة في كتابها الأبيض الذي أصدرته في تشرين الثّاني سنة 1928م بأنّ الحائط الغربيّ -أي حائط البراق- والمنطقة المجاورة له ملك خالص للمسلمين وجزء من الأقصى ثالث المسجدين الشّريفين! ويمتدّ هذا الحائط من باب المغاربة باتّجاه الشّمال إلى المدرسة التّنكزيّة التي تحوّلت فيما بعد إلى كنيس ومقرّات للشّرطة والأمن! وقد ظلّ هذا الحائط منذ الفتح الإسلاميّ لفلسطين سنة 15 هجريّة وقفًا إسلاميّا وحقّا خالصًا للمسلمين إلی يوم الدّين ونؤكّد في هذا المقام علی أنّه ليس فيه أيّ حجر يعود إلى عهد نبي اللّه سليمان بن داود عليهما السّلام الذي نعتزّ به أكثر من أيّ واحد من الصّحابة الكرام أو أبطال الإسلام العظام خلافًا للذين يصفونه بكتبهم بما تقشعرّ منه الأبدان! ومن الجدير بالذّكر أنّ سبب تسمية هذا الحائط بالبراق: أنّ سيّد الخلق علی الإطلاق ﷺ ربط به دابّة البراق في حادثة الإسراء والمعراج إلی السّبع الطّباق ومنذ معجزة الإسراء وإلی يوم التّلاق سيظلّ يدعی هذا الحائط بحائط البراق! قال الصّحابي الجليل أنس بن مالك رضي اللّه عنه: إنّ رسول اللّه ﷺ قال: {أُتِيتُ بالبُراقِ وَهو دابَّةٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الحِمارِ وَدُونَ البَغْلِ يَضَعُ حافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ قالَ: فَرَكِبْتُهُ حتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ فَرَبَطْتُهُ بالحَلْقَةِ الَّتي يَرْبِطُ بهِ الأنْبِياءُ قالَ ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فيهِ رَكْعَتَيْنِ..} فالمسجد الأقصى وقف إسلاميّ إلی يوم الدّين! قال تعالی: ﴿وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ ومن أصدق من اللّه تعالی حديثًا؟!
إقرأ أيضا:طرب عجيب غريب