تدمير المساجد: محاولة الصين البغيضة للقضاء على هوية الأويغور
منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، في القرى المحيطة بمدينة خوتان، وهي مدينة في تركستان الشرقية غرب الصين، انتهز المسلمون الأويغور الذين انتظروا بفارغ الصبر فرصتهم لبناء واستعادة أماكن عبادتهم، وفي فترة وجيزة رغم القيود المفروضة التي أعقبت دمار الثورة الثقافية، عمل المسلمون باجتهاد لجمع الأموال وبناء مساجد جديدة، وتم بناء آلاف المساجد. وبعد عام 2014، مع تولي الرئيس الصيني شي جين بينغ السلطة، بدأت حملة هد المساجد، وكل من ساهم في بناء مسجد تم القبض عليه ووضعه في معسكرات الاعتقال.
في عام 2015 أعتقل الحاج عبد العزيز، الذي أشرف على جمع تبرعات لبناء مسجد بالقرب من مدينة خوتان. وأجبر على كشف أسماء الأشخاص الذين قدموا تبرعات تحت التعذيب، لكنه رفض وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات. تقوم السلطات الصينية الآن بهدم المساجد في تركستان الشرقية، مثل المسجد الذي بني في قرية عبد العزيز.
ينكر المسؤولون الصينيون بشدة عمليات هدم المساجد، لكن صور الأقمار الصناعية تثبت أنه لا يمكن إخفاء جرائم هدمها. قام الباحث الأويغور الأمريكي بهرام سينتاش بجمع صور منذ عدة سنوات تشير إلى أن أكثر من 90 مسجدًا ومبنىً دينيًا قد تم محوه من المشهد.
صور الأقمار الصناعية للمسجد الكبير في مايتاغ، والذي كان رمزا للهندسة المعمارية التي تمثل مسلمي الأويغور في منطقة مايتاج في قاراماي.المصدرUyghurism.com صور الأقمار الصناعية للمسجد الكبير في منطقة إيشتاجي في مدينة آرتوش. اليسار8 أكتوبر، 2016. اليمين: 8 سبتمبر، 2018. المصدر: Uyghurism.com
نُشر في تقرير جديد عن مشروع الأويغور لحقوق الإنسان، يسجل البحث عن فقدان الجوانب الملموسة لأماكن عبادة الأويغور. في قصص لأفراد مثل عبد العزيز، يُظهر كيف تؤثر عمليات الهدم بشكل مباشر على الأشخاص الذين كانوا يصلون ذات يوم في المساجد. إن تدمير أماكن العبادة هذه لا يؤدي فقط إلى إبعاد الأويغور عن إيمانهم، ولكن أيضًا من روابطهم المجتمعية.
محاولة إبادة الأويغور
يشكل احتجاز الأئمة والمصلين والمتطوعين جزءًا من حملة أوسع لتدمير مجتمعات الأويغور. أدى احتجاز مليون ونصف المليون من الأويغور (ربما يصل العدد إلى ثلاثة ملايين) في معسكرات الاعتقال في القرن الحادي والعشرين إلى فصل الوالدين عن أطفالهم وتدمير كل أسرة في تركستان الشرقية.
من المؤكد أن يؤدي الإيمان بالإسلام الأويغور إلى المعتقل أو السجن. بدلاً من الاستفادة من تجمعات المسلمين نحو بناء المجتمعات، تهدد الحكومة الصينية الأويغور وتُجبرهم على إبلاغ الجيران الذين يصلون أو حتى يتبادلون التحية الإسلامية البسيطة وهي”السلام عليكم”.
تدعي الحكومة الصينية أنها ضد الدين لدرء التأثيرات الضارة على الأويغور. ومع ذلك، فإن الاعتقال الجماعي للأويغور والقمع العنيف الذي يستهدف المعتقد الديني هو خطوة لإبادة كل جانب من جوانب حياة الأويغور.
وكما قال أحد مسؤولي الشؤون الدينية في تعليق لوسائل الإعلام الحكومية، فإن الهدف هو محو نسبهم، وجذورهم، وصلاتهم، وأصولهم. وإزالة المباني التاريخية من المشهد جزء لا يتجزأ من التطهير العرقية ضد الأويغور وبهوياتهم العرقية والدينية.
تتطابق الإبادة الجماعية التي مارستها ألمانيا النازية في عام 1938، ففي 9 و10 نوفمبر دمر النازيون أكثر من 250 معبدا يهوديا ومقابر يهودية. Kristallnacht كانت نقطة تحول عنيفة في قمع اليهود وبداية للمحرقة.
في الصين، الهدف هو إجبار المسلمين ترك دينهم وإظهار الولاء للحزب الشيوعي، وشي جين بينغ فقط. ستمهد عملية التهجير والتطهير العرقي للأويغور الطريق لسياسة شي جين بينغ الاقتصادية، ومبادرة الحزام والطريق.
قالب صيني لإخضاع الأقليات
ما يحدث للأويغور يجب أن يهتم به العالم أجمع. تقوم الصين بإنشاء نموذج لإخضاع الأقليات العرقية والدينية. يتم اختبار الابتكارات التكنولوجية لمراقبة الأويغور، وهي متاحة للتصدير. إن فحص القزحية، وجمع الحمض النووي المريب، ونقاط التفتيش العنصرية، ومراقبة الهواتف المحمولة، المرتبطة بـ “البيانات الضخمة” و “الشرطة التنبؤية” التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، هي ترسانة القمع الجديدة المصنوعة في الصين.
أصبح التعصب الديني ونموذج الحكم الذي يعزز سلطة الدولة من خلال تجريد ملايين البشر من إنسانيتهم أمرا طبيعيا في الصين. نحن بحاجة إلى العمل. ينبغي أن تشترط الدول الاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف مع الصين بإغلاق معسكرات الاعتقال والإفراج عن جميع المحتجزين.
إلى جانب هدم المساجد، تستهدف الحكومة الصينية أيضًا المقابر والأضرحة والقباب والمآذن. توضح صور الأقمار الصناعية تدمير مقبرة السلطان في مدينة خوتان. المصدر: Uyghurism.com
يتعين على الولايات المتحدة فرض عقوبات أشد على الحكومة الصينية والمسؤولين عن الجرائم المستمرة ضد الإنسانية. يجب أن تمتد العقوبات لتشمل الشركات الصينية والعالمية المتورطة في هذه الجريمة، بما في ذلك المعدات والتكنولوجيا المستخدمة في الشبكة الضخمة لمراكز الاعتقال السرية ودولة المراقبة الشاملة في جميع أنحاء تركستان الشرقية.
إضافة إلى ذلك، يجب على الدول التحقيق في القانون المحلي وتطبيقه لحماية الأويغور وطالبي اللجوء من المضايقات والتهديدات والإكراه والانتقام المستمر من قبل أجهزة الأمن الصينية.
يجب على الحركة الأولمبية الدولية أن تضغط على الصين على وجه السرعة لإنهاء سياساتها القمعية الرهيبة خشية أن يجد الرياضيون أنفسهم في بكين عام 2022 يحتفلون بالرياضة في ظل معسكرات الاعتقال.
العمل العالمي
بنفس القدر من الأهمية، لا يمكن أن يكون الرد على جرائم الصين في تركستان الشرقية مسؤولية دولة واحدة أو كتلة من الدول الغربية. سوف يجبر الاهتمام العالمي الصين على تغيير المسار. نقدر بشدة دعم أصدقائنا في أمريكا الشمالية وأوروبا ونطلب منهم مواصلة الضغط على بكين.
نقدم طلبًا بسيطًا إلى الدول ذات الأغلبية المسلمة والدول النامية: لا تسمحوا للصين بالتغلب على الغضب العالمي من خلال الادعاء بأنها مؤامرة لاحتواء نهضة الصين.
يجب أن نتصرف لأن من مصلحتنا جميعًا تجنب تهديد الصين للقواعد التي تحمي حرياتنا، بما في ذلك الحق في حرية المعتقد والممارسة الدينية.
يجب أن نتحرك لإنقاذ عبد العزيز والآلاف من أمثاله من خلال الدفاع عن حقهم في العبادة بسلام ويجب أن تستمر حرية الإنسان في القرن الحادي والعشرين.
إخلاء المسئولية: الآراء الواردة هنا هي آراء المؤلف ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لصحيفة جلوبال بوست
(المصدر: تركستان تايمز)