اسم الكتاب: تحقيقُ الإفادةِ بتَحريرِ مَفهومِ العِبادةِ.
اسم المؤلف: د.سلطان بن عبد الرحمن العميري.
عدد الصفحات: 224 صفحة.
الناشر: تكوين للدراسات والأبحاث.
نبذة عن الكتاب:
العِبادةُ لله تعالى هي أوَّلُ الدِّينِ وآخِرُه، وظاهِرُه وباطِنُه، وجَوهَرُه ولُبُّه؛ فلا يقومُ الدِّينُ إلَّا بها، ولا يستقيمُ بُنيانُه إلَّا بوُجودِها، ولا يشتَدُّ عُودُه إلَّا بصَلاحِها.
وقد وقع خِلافٌ كبيرٌ بين المتأخِّرينَ في تحديدِ مَفهومِ العبادةِ، وطال الجَدَلُ بينهم في بَيانِ مُحَدِّداتِه، وترَتَّبَ على ذلك الخِلافِ آثارٌ جَسيمةٌ في أبوابِ التَّكفيرِ والتَّبديعِ وغَيرِها.
وهذا الكتابُ (تحقيقُ الإفادةِ بتَحريرِ مَفهومِ العِبادةِ) يَخوضُ غِمارَ هذه القَضيَّةِ، ويَجمَعُ أدِلَّتَها، ويُحَدِّدُ القَولَ الصَّحيحَ، ويَكشِفُ القَولَ الباطِلَ، ويُبَيِّنُ مواضِعَ الخَلَل، ومَواضِعَ الغَلَط فيها.
وقد قسَّم المؤلِّفُ الكتابَ إلى تمهيدٍ ومَبحَثَين وخاتمةٍ
فتكَلَّم في التَّمهيد عن تحريرِ مَوضوعِ البَحثِ، وذكَرَ أنَّ فِكرةَ البَحثِ الأساسيَّةَ تقومُ على تحريرِ مَفهومِ العبادةِ وما يَتبَعُه مِن مَفهومِ الشِّركِ، والجوابِ عن سؤالٍ: ما المُحَدِّداتُ الأساسيَّةُ التي يقومُ عليها مفهومُ العبادةِ؟ ومتى يكونُ الإنسانُ مُتَّصِفًا بصِفةِ العبادةِ والتَّنَسُّك، ومتى لا يكونُ؟
ثمَّ أشار إلى أنَّه مع كَثرةِ الحُدودِ التي عُرفَت بها العبادةُ فإنَّها في مُجمَلِها تَرجِعُ إلى قَولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: أنَّ حقيقةَ العبادةِ وجَوهرَها يَرجِعُ إلى معانٍ قَلبيَّةٍ مَخصوصةٍ، وهي غايةُ الحُبِّ ونِهايةُ الذُّلِّ والتَّعظيمِ، ويكونُ معنى التَّوحيدِ في العبادةِ على هذا التَّعريفِ: إفرادَ اللهِ تعالى بغايةِ الحُبِّ ونهايةِ التَّعظيمِ والتذَلُّلِ، وبكُلِّ ما يستَلزِمُ ذلك مِن الأقوالِ والأعمالِ الظَّاهرةِ والباطنةِ، ويكونُ معنى الشِّركِ في العبادةِ: صَرفَ غايةِ الذُّلِّ ونهايةِ الخُضوعِ لِمَخلوقٍ مِن المَخلوقاتِ، سَواءٌ اعتُقِدَ فيه شَيءٌ من الرُّبوبيَّة أو لم يُعتَقَدْ.
القول الثاني: أنَّ حَقيقةَ العِبادةِ وجَوهَرَها يَرجِعُ إلى اعتقادِ معاني الرُّبوبيَّة، وهي: الخَلقُ، والمُلْكُ، والتَّدبيرُ، والكَمالُ المُطلَقُ، ويكونُ معنى التَّوحيدِ في العبادةِ على هذا التَّعريفِ: إفرادَ اللهِ تعالى بالخُضوعِ والتَّذَلُّلِ، مع اعتِقادِ الرُّبوبيَّة، ويكونُ معنى الشِّركِ في العبادةِ: صَرْفَ شَيءٍ مِن الخُضوعِ والتَّذَلُّلِ لِمَخلوقٍ مع اعتِقادِ الرُّبوبيَّة فيه.
ثمَّ تكَلَّمَ عن العَلاقةِ بين توحيدِ الألوهيَّةِ وتَوحيدِ الرُّبوبيَّة، والعَلاقةِ بين الانحرافِ في الرُّبوبيَّة واعتقادِ الرُّبوبيَّة في المخلوقِ، وتكَلَّم عن حقيقةِ شِركِ العَرَبِ، ونَبَّهَ إلى أنَّ تقريرَ أنَّ الأُمَمَ المُشرِكةَ كُلَّها كانت مُؤمِنةً بتَوحيد الرُّبوبيَّة إيمانًا مُستقيمًا لا انحرافَ فيه، تقريرٌ غيرُ دَقيقٍ؛ لأنَّ هذا الإطلاقَ مُخالِفٌ للحَقائِقِ التَّاريخيَّةِ التي تُنقَلُ عن أمَمِ اليُونانِ والرُّومان وغيرِها، وأشار إلى أنَّه لا تُوجَدُ أمَّةٌ مُشرِكةٌ في الألوهيَّةِ إلَّا ولديها انحرافٌ وخلَلٌ في توحيدِ الرُّبوبيَّة حتى كُفَّارُ قُرَيشٍ، وأنَّه لا بُدَّ مِن التَّفريقِ بينَ الإقرارِ بوُجودِ اللهِ في حَدِّ ذاتِه، وبينَ باقي معاني الرُّبوبيَّة.
ثمَّ كان المبحث الأوَّل الذي خَصَّصه المؤلِّفُ لِبيانِ حَقيقةِ العبادةِ في النُّصوصِ الشَّرعيةِ، وأشار إلى أنَّ المتأمِّلَ في مضامينِ كَلامِ العُلَماءِ يَجِدُ أنَّ بيانَهم لِمَفهومِ العبادةِ انقسمَ إلى مَسارَينِ:
المسار الأوَّل: مَن اقتصَرَ في تحديدِ أصلِها القَلبيِّ على معنى الخُضوعِ والذُّلِّ فقط، وهو ما تواردَ عليه جمهورُ العُلَماءِ مِن اللُّغَويِّينَ والمُفَسِّرينَ.
وبعد أن ذكَرَ عددًا مِن النُّصوصِ والتَّقريراتِ ذكَرَ أنَّه يُمكِنُ القَولُ بتعريفِ العبادةِ على أنَّها: الأعمالُ الباطِنةُ والظَّاهِرةُ النَّابعةُ عن غايةِ الذُّلِّ ونهايةِ الخُضوعِ في القَلبِ.
والمسار الثَّاني: من جعَلَ أصْلَها القَلبيَّ راجِعًا إلى معنى الخُضوعِ والذُّلِّ ومعنى الحُبِّ، وذكَرَ أنَّ أشهَرَ مَن سلَك هذا المَسلَكَ ابنُ تيميَّةَ وابنُ القَيِّم، وأنَّه لا يختَلِفُ مَفهومُ العبادةِ بناءً على هذا المسارِ عن مَفهومِها في المسارِ الأوَّلِ إلَّا أنَّه يتضَمَّنُ قَيدًا إضافيًّا هو قَيدُ المحبَّةِ، وبناءً على هذا التَّقريرِ فإنَّه يُقالُ في تعريفِ العبادةِ: إنَّها مَقامٌ اختياريٌّ يَجتَمِعُ فيه غايةُ الذُّلِّ والخُضوعِ مع نهايةِ الحُبِّ، وتُوجِبُ على المرءِ التعَلُّقَ بمَعبودِه، والاستسلامَ لإرادتِه، والحِرصَ على الاتِّصالِ به، والعمَلَ لإرضائِه.
ثمَّ بدأ في سَردِ الأدلَّةِ الدَّالَّةِ على أنَّ مَفهومَ العبادةِ في الشَّريعةِ لا يُشتَرَطُ فيه اعتقادُ الرُّبوبيَّة، وأشار إلى أنَّ الأدلَّةَ التي سَيسوقُها بَعضُها يدُلُّ على مفهومِ العبادةِ مُباشَرةً، وبَعضُها يدُلُّ على إبطالِ اشتِراطِ اعتِقادِ مَعنًى من معاني الرُّبوبيَّة في المعبودِ استِقلالًا أو تأثيرًا.
وقد ساق عشرةَ أدلَّةٍ تَفصيليَّة يذكُرُ فيها الدَّليلَ، وموطِنَ الدَّلالةِ، والاستِشهادَ، والرَّدَّ على إيراداتِ المُخالفينَ، نذكُرُ منها:
دليل الحُكم على من طلَبَ التعَلُّقَ بالأشجارِ والتقَرُّبَ إليها؛ طلبًا للبَرَكةِ، بأنَّه واقِعٌ في الشِّركِ
وذلك أنَّ كثيرًا مِن الأُمَم المُشرِكةِ كانت تتعَلَّقُ ببعضِ الأشجارِ والأحجارِ، ومِن ذلك ما جاء في قِصَّةِ ذاتِ أنواطٍ، ووجهُ الشَّاهِدِ منه على أنَّ مفهومَ العبادةِ لا يُشتَرَطُ فيه اعتِقادُ مَعنًى من معاني الرُّبوبيَّةِ استقلالًا أو تأثيرًا في قُدرةِ الله تعالى: أنَّ الشَّجَرَ والحَجَرَ عند كلِّ العُقَلاءِ لا يَملِكُ إرادةً ولا قُدرةً يُؤثِّرُ بها في أحداثِ الكونِ، فمِن المُستبعَدِ عَقلًا أن يعتقِدَ العُقَلاءُ من النَّاسِ أنَّ تلك الشَّجرةَ أو الصَّخرةَ هي التي تؤثِّرُ في الكونِ، أو على إرادةِ اللهِ بقُدرتِها.
دليل الحُكم بالشِّركِ على الاتِّباعِ المُطلَقِ للهوى
وذلك أنَّ النُّصوصَ الشَّرعيَّةَ دلَّت على أنَّ من اتَّبَع هواه اتِّباعًا مُطلقًا من غيرِ تَقيُّدٍ بشريعةٍ ولا بدينٍ؛ أنَّه اتَّخَذه إلهًا مع اللهِ، كما في قَولِه تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} [الفرقان: 433] وذكَرَ أنَّ وَجهَ الشَّاهِدِ: أنَّ اللهَ تعالى حكَمَ على من جعلَ هواه مَرجِعَه في تحديدِ ما يختارُه ويفعلُه بأنَّه واقِعٌ في العبادةِ لِهواه.
دليل الحُكم بالشِّركِ على من اتَّبَع المُشَرِّعَ من دونِ الله مع اعتقادِه بأنَّه ليس مُستقِلًّا بالتَّشريعِ
وذلك أنَّ النُّصوصَ الشَّرعيَّةَ حَكَمَت على من وضع تشريعًا يَحكُمُ به تصرُّفاتِه مِن غيرِ اعتمادٍ على أمرِ اللهِ ورسولِه، بأنَّهم أربابٌ وآلِهةٌ باطِلةٌ، وحكَمَت على مَن اتَّبَعهم بأنَّهم واقِعونَ في الشِّركِ.
وأمَّا المبحثُ الثَّاني فقد خصَّصَه المؤلِّفُ لبيانِ مَفهومِ العبادةِ عند المُخالفينَ، وهو اشتراطُ اعتقادِ الرُّبوبيَّة في مفهومِ العبادةِ، وذكَرَ أنَّه انحرف في تحديدِ مفهومِ العبادةِ عددٌ مِن المتأخِّرينَ والمعاصرينَ، فذهبوا إلى أنَّه لا يتحقَّقُ إلَّا باعتقادِ معنًى مِن معاني الرُّبوبيَّة في المعبودِ، وبعد أن نقلَ عن بعضِهم بعضَ تَعريفاتِهم وعباراتِهم، أشار إلى أنَّ هذا القولَ بِدعةٌ مُنكَرةٌ لم يُعرَفْ لها وجودٌ في القرونِ المتقَدِّمةِ، وإنَّما ظَهَرت في عصرٍ مُتأخِّرٍ في التاريخِ الإسلاميِّ، ثمَّ تبنَّاها عددٌ مِن المتأخِّرينَ مِن غيرِ عِلمٍ منهم ولا تحريرٍ.
وقد نبَّه المؤلِّفُ إلى أمرٍ مُهِمٍّ، وهو أنَّ نَقدَ هذا القَولِ إنَّما يتوجَّهُ إلى جهةِ النَّفيِ لا إلى جهةِ الإثباتِ؛ حيث إنَّه لا يقولُ: إنَّ اعتقادَ الرُّبوبيَّة لا يؤثِّرُ في مفهومِ العبادة والشِّركِ، ولكن يقولُ: إنَّه ليس المؤثِّرَ الوحيدَ، ثمَّ ذكرَ أنَّ إثباتَ بُطلانِ هذا القَولِ مِن جِهة النَّفيِ الحصريِّ تضافَرَت عليه أدلَّةٌ متعَدِّدةٌ.
ثمَّ ساق أدلَّتَهم التَّفصيليَّةَ على اشتراطِ معنًى من معاني الرُّبوبيَّةِ في العبادة، وناقشها وذكَرَ أنَّه مع كثرةِ ما استدلُّوا به من الأدلَّةِ فإنَّه يُمكِنُ أن ترجِعَ أصولُها إلى أربعةَ عشَرَ دليلًا، ذكرها المؤلِّفُ تفصيلًا، وأتبَعَها بالرَّدِّ والنَّقدِ المُفَصَّل، نذكرُ منها:
قولُهم: كثرةُ تأكيدِ النُّصوصِ على أنَّ الله تعالى هو المتفَرِّدُ بالتدبيرِ والنَّفعِ والضُّرِّ، كما في قولِه تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 144] ونحوِها من الآياتِ، قالوا فهذه التأكيداتُ التي تَذكُرُ أنَّ الله تعالى هو المدبِّرُ المؤثِّرُ الوحيدُ، هي أدلَّةٌ سيقت كي تدفعَ تخيُّلَ الكُفَّارِ الباطِلَ بأنَّ آلهتَهم تضُرُّ وتنفَعُ بنَفسِها، وردَّ المؤلِّفُ عليهم بالتَّفصيلِ، وممَّا جاء في رَدِّه: أنَّ هذا الاستدلالَ فيه خَلطٌ كبيرٌ بين المقاماتِ، وغَفلةٌ بين السِّياقاتِ، وأنَّ هذا النوعَ مِن الآياتِ لم يُسَقْ لإثباتِ صِفاتٍ مَخصوصةٍ ينفيها الكُفَّارُ، ولا لِنَفي صِفاتٍ يُثبِتونَها، وإنَّما سيقت لإثباتِ أنَّ الله تعالى هو المُستحِقُّ للعبادةِ؛ لأنَّه المتَّصِفُ بصفاتِ الكَمالِ، وأنَّ الأصنامَ التي يعبُدُها الكُفَّارُ لا تستحِقُّ العبادةَ؛ لأنَّها فاقدةٌ لصِفاتِ الإلهِ الحَقِّ.
ومن أدلَّتِهم: أنَّ المُشركينَ كانوا يسُبُّونَ الله، كما في قولِه تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 108] فقالوا: إنَّ الآيةَ تُثبِتُ أنَّ المُشرِكينَ يَسُبُّونَ اللهَ، فلو كانوا موحِّدينَ في الرُّبوبيَّة لَمَا أقدَموا على هذا الصَّنيعِ، ورَدَّ المؤلِّفُ عليهم بأمورٍ مُفَصَّلةٍ، منها:
أنَّه على التَّسليمِ بأنَّهم كانوا يسُبُّونَ الله سبًّا صريحًا اختيارًا، فهذا ليس مُشكِلًا؛ لأنَّنا لم نَبْنِ الاستدلالَ على مفهومِ العبادةِ والشِّركِ على كَونِ المُشرِكينَ مُقِرِّينَ بتمامِ توحيدِ الرُّبوبيَّة؛ فثُبوتُ السَّبِّ الصَّريحِ ليس مُشكِلًا، ولا يدُلُّ على انحصارِ مَفهومِ العبادةِ والشِّركِ في معاني الرُّبوبيَّةِ.
ومن أدلَّتِهم: أنَّ المُشرِكينَ مُنحَرِفونَ في توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ؛ فقد ادَّعَوا أنَّ الملائكةَ بناتُ الله، كما في قَولِه تعالى:{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنعام: 100]، وردَّ المؤلِّفُ رَدًّا مفصَّلًا، فيه: أنَّ الاستنادَ إلى هذا الدَّليلِ غَيرُ صَحيحٍ؛ لأنَّنا لا نُنكِرُ أنَّ المُشرِكينَ كانوا مُنحَرفينَ في باب الرُّبوبيَّة، ولم يكونوا محقِّقينَ له، وإنما نقولُ: إنَّه كانت لهم انحرافاتٌ كبيرةٌ.
ومن أدلَّتهم: أنَّ المُشرِكينَ كانوا يعتَقِدون أنَّ أصنامَهم آلهةٌ تستَحِقُّ العبادةَ مع الله، كما في قَولِه تعالى حِكايةً لِقَولِهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5]، وردَّ المؤلِّفُ على استدلالِهم بتفصيلٍ وتوسُّعٍ، فيه: أنَّ الاستدلالَ بهذا المعنى غيرُ صَحيحٍ؛ فنحن لا نُنكِرُ أنَّ المُشرِكينَ كانوا يعتَقِدونَ أنَّها تستَحِقُّ العبادةَ، ولكِنَّ الشَّأنَ ليس في ذلك، وإنما الشَّأنُ في إثباتِ كَونِهم يعتَقِدونَ أنَّها تستَحِقُّ العبادةَ بذواتِها استِقلالًا عن قُدرةِ الله وهَيمَنتِه.
ثمَّ كانت خاتِمةُ الكتابِ، وذكَرَ فيها خُلاصاتِ الأفكار والمفاهيم التي قام عليها البَحثُ، وسعى إلى تقريرِها.
والكتابُ نافعٌ ومفيدٌ وننصَحُ باقتنَائِه وقراءتِه.
(الدرر السنية)