مقالاتمقالات مختارة

تحديد النسل – وسائل ووقائع

تحديد النسل – وسائل ووقائع

منع الحمل:

يعد منع الحمل مفتاح تحديد النسل، حيث تتدفق طرق كثيرة جداً لمنعه، بعضها طبي، والآخر سلوكي، والثالث اجتماعي، والبون بين هذه الطرق يختلف باختلاف كيفيتها، وفعاليتها، وكذلك كونها اختيارية أم قسرية، وفيما يلي أبرز تلك الطرق، وأهم المبادئ التي تستند إليها.

مبادئطرقمنعالحمل:

منع التلقيح: وهو منع لقاء النطفة الموجودة ضمن السائل المنوي مع البويضة التي يطلقها المبيض أثناء الدورة الطمثية.

منع الإباضة: وهو منع المبيض من إطلاق البويضة.

منع التعشيش: وهو منع تعشيش البويضة الملقحة في الرحم[1].

وهناك عدة طرق لمنع الحمل، تختلف باختلاف مكوناتها، وفعاليتها، وكذلك كيفية استعمالها، ومنها:

الطرقالهرمونية: وتعمل عن طريق منع الإباضة والإخصاب، وهي متوفرة بعدة أشكال مختلفة منها: حبوب منع الحمل الفموية، وحقن البروجستون، ومستحضرات البروجيسترون تحت الجلد، والغرسات التي تزرع تحت الجلد، ولصقة منع الحمل، والحلقات المهبلية.

الوسائلالحاجزة: تشمل الواقيات الذكرية، والواقيات الأنثوية، وقلنسوة عنق الرحم، والعازل المهبلي، والإسفنجات المانعة للحمل التي تحتوي على مبيد للنطاف.

الوسائلالرحمية: اللوالب الرحمية.

الطرقالجراحية: تتمثل في التعقيم للجنسين.

الوسائلالسلوكية: تتضمن تنظيم التوقيت، أو طريقة الاتصال ‏الجنسي، وتشمل: وسائل الوعي بالخصوبة، والإرضاع، والعزل، والامتناع عن الاتصال الجنسي[2].

ما سبق من الوسائل يكون قبل الحمل، أو أثناءه، كما أنها اختيارية، عدا التعقيم، إذ يتضمن وسائل مختلفة، وقد يتسم بصفة الإجبار؛ لذا سنفرده بمزيد من التفصيل.

حريٌّ بالذكر أن المنظمات والوكالات الدولية التابعة للأمم المتحدة، تروج لوسائل منع الحمل الآنفة الذكر، وغيرها، لاسيما الواقيات، بل وتوزعها مجاناً، إذ تعد الحصول عليها حقاً من حقوق الإنسان الأصيلة!

فعلى سبيل المثال: يلتزم الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة IPPF بتشجيع خدمات منع الحمل، وتوفيرها للجميع، واعتبار استخدامها حجر الزاوية في الصحة الجنسية والإنجابية الجيدة[3]!

وتشكل أنشطة منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بالوسائل الاحتياطية لمنع الحمل جزءاً من عملها الخاص، بتوفير الخدمات في مجال تنظيم الأسرة، وخصوصاً لأضعف المجموعات السكانية.

وهناك برنامج خاص في مجال الإنجاب البشري، مشترك بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وصندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA، ومنظمة الصحة العالميةWHO، والبنك الدولي، يهدف لتوفير أكبر مجموعة ممكنة من وسائل تنظيم الأسرة «المأمونة والفعالة»، وكذلك البحوث السريرية بشأن الوسائل، أو الاستعمالات الجديدة[4].

تُستخدم برامج تنظيم الأسرة للتأكيد على الحرية في إقامة العلاقات الجنسية المحرمة، والتخلص من ثمرة هذه العلاقات، ومن ذلك: إدراج هذه البرامج في المناهج الدراسية للجنسين، وكذلك الإشارة إلى حق الأفراد (أي الزناة والزواني) في تحديد عدد أطفالهم، وتأكيد الفترات الفاصلة بينهم.

والقول بأن استخدام «أساليب تنظيم الأسرة» – ومنه تأخير الحمل – يُسهم في اتقاء وفيات صغيرات السن قول مردود، حيث إن مشاكل الإنجاب في سن مبكرة، أقل من مشاكل الإنجاب في سن متأخرة[5]. ولا يخفى ما لوسائل منع الحمل من أضرار ناتجة عن استعمالها، سواء من الناحية الصحية، والاجتماعية، بل والنفسية.

كما أن هذه الوسائل قد تكون بمثابة الدافع لبعض الأزواج إلى استفراغ شهوتهم عن طريق الزنا، وذلك في حالة استخدام المرأة أسلوب الامتناع عن ممارسة الجنس مع الزوج Abstinence خشية الحمل، وهذا عين ما جاء في تقرير منشور للاتحاد الأمريكي لتنظيم الأسرة: «الامتناع عن ممارسة الجنس لتحديد النسل بين النساء المتزوجات، أدى إلى ركون رجال متزوجين إلى ممارسة البغاء، وهذا بدوره أدى إلى فشو أوبئة من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، مع مطلع القرن العشرين»[6].

كما أن منع الحمل بوسائله المختلفة يُعَد من أكبر أسباب انقراض الأمة وتلاشيها، وهذه حقيقة قررها عقلاء الغرب أنفسهم، وحذروا حكوماتهم من النتائج الوخيمة لهذا السلوك، حتى أشاروا إلى أن الغرب سائر إلى الموت والانقراض لا محالة[7]. يقول نورمان بريل في كتابه «بزوغ العقل البشري»: «إن أية جماعة تمارس تحديد النسل ستقضي على نفسها، ويحل محلها أولئك الذين يحتفظون بغريزة التناسل غير المقيد»، {إنَّفِيذَلِكَلآيَاتٍلِّلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر75].

آليات قسرية:

سنتطرق لأهم آليتين طبيتين لتحديد النسل؛ وذلك لأن هاتين الآليتين قد تتمان بطريقة قسرية، أو مضلِلة، أو استغلالاً لعوز الإنسان وحاجته، بحيث لا يملك المتضرر من أمره شيئاً، والذي قد لا يعلم عن فقدانه لنسله للأبد، إلا بعد فوات الأوان، ناهيك عن المضاعفات الصحية الأخرى!

التطعيم:

التطعيم وسيلة طبية لتحديد النسل تتم بواسطة لقاح مخصص. لكن السؤال الذي يشغل الكثيرين ما هو اللقاح؟ وهل هو حقاً آمن؟ وهل هناك لقاحات صُنعت لأهداف أخرى غير الرعاية الصحية؟

اللقاح عموماً هو تحضير بيولوجي يحسن مناعة الجسم ضد مرض معين، وعندما يكون هناك فيروس أو بكتيريا يحقن الجسم باللقاح ليقتل أو يضعف هذا الفيروس حتى لا يسبب العدوى، وأيضاً يهيئ الجهاز المناعي لمكافحة العدوى في المستقبل.

لكنماذالوكانالتطعيملأجلتحقيقأهدافأخرىغيرمحاربةالمرض؟

في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة للمنظمات غير الحكومية في سبتمبر 1995م في هوايرو – الصين تكلمت بيفرلي ويبل المديرة التنفيذية لمركز صحة المرأة النسوي FWHC عن لقاح جديد مضاد للخصوبة، وهذا اللقاح هو واحد من أحدث الوسائل لتحديد النسل التي يجري اختبارها في الهند، وجمهورية الدومينيكان، والبرازيل، وتشيلي، وأستراليا والسويد ودول أخرى[8].

اللقاح المضاد للخصوبة هو مثال جيد للتحكم الخاطئ في العدد السكاني باستخدام وسائل منع الحمل. تم تصميم هذا اللقاح كوسيلة لمنع الحمل بحيث يمكن إدارته بسهولة وإعطاؤه لأكبر عدد من النساء باستخدام أقل الموارد.

ما هو اللقاح المضاد للخصوبة؟[9][10]

طريقة جديدة لتحديد النسل ولكن خلافاً للقاحات الأخرى التي تعد الجسم لصد الجراثيم الضارة يعمل هذا اللقاح ضد المواد الفيسيولوجية الطبيعية في الجسم.

يعمل هذا اللقاح عن طريق تطعيم المرأة الحامل ضد هرمون الحمل، الذي تنتجه البويضة المخصبة بعد الحمل. اللقاح يحتوي على جزيء بحيث يتصل بالهرمون الناقل للديفتيريا أو الكزاز. عندما يحدث الحمل ويبدأ بإنتاج الهرمون المذكور سابقاً، هذا الجزيء يثير ردة فعل الجهاز المناعي، تماماً كما يحدث ضد الديفتيريا أو الكزاز، فيكون الجسم مخدوعاً في مهاجمة الهرمون والبويضة المخصبة.

الحمل ليس مرضاً حتى يُصنع لقاح ضده، ولابد أن نقلق بشأن العواقب على المدى البعيد بتغيير النظام المناعي للجسم، والذي يؤدي لرد فعل الهرمون البشري الطبيعي. تشمل الآثار المترتبة على هذا النوع من اللقاح اضطرابات المناعة الذاتية، والحالة الخطيرة التي يكون فيها الجسم غير قادر على الاستجابة للمناعة الطبيعية لأمراض لا يُعرف لها علاج.

من الذي يمول هذا البحث؟[11]

يتم تمويل بحث وسائل منع الحمل المناعية من البنك الدولي وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والوكالة الأمريكية للتنمية، ومؤسسة روكفلر، والحكومتين الأمريكية والكندية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس وغيرها. وتشمل الفرق البحثية منظمة الصحة العالمية، والمعهد الوطني لعلم المناعة (الهند)، ومجلس السكان (الولايات المتحدة الأمريكية)، وبرنامج بحوث وسائل منع الحمل والتنمية (الولايات المتحدة الأمريكية)، والمعهد الوطني للصحة وتنمية الطفل (الولايات المتحدة الأمريكية).

وثمة حادثة في كينيا تجلي الأمر بوضوح حيث وقع 27 من أساقفة كينيا بياناً في مؤتمر كينيا للأساقفة اتهموا فيه أن منظمة الصحة العالمية واليونيسيف بحقن المرأة الكينية بلقاح الكزاز، الذي يحتوي على الهرمون المسبب للإجهاض مما يجعلهن عقيمات. وذكروا في بيانهم أنهم لا يُعارضون اللقاحات لكن هناك العديد من التناقضات مع برنامج التطعيم هذا، وأظهرت نتائج الاختبارات أن اللقاح يحتوي على هرمون «اتش سي جي»، الذي لا يوجد عادة في لقاحات الكزاز.

البرامج المذكورة في بيانهم وقعت قبل ذلك في عدة دول؛ في المكسيك عام 1993 والفلبين عام 1994، وهناك أعطي النساء خمس دفعات من تطعيم الكزاز وكان فيه هرمون «اتش سي جي» وهو يجعل المرأة عقيمة بعد فترة من الزمن، وذلك دون أن تعرف.

الأطباء والأساقفة في كينيا تحدثوا بصوت عال ضد هذا التطعيم، وكانت الكنيسة الكاثوليكية هي من اكتشفت هذا الهرمون في اللقاح، فقد حصلت على عدة قوارير من اللقاح وأرسلتها إلى أربعة مختبرات خاصة ليس لها علاقة بالحكومة خارج وداخل كينيا وقالوا في بيان لهم: «نريد أن نعلن أن كل الاختبارات أظهرت أن اللقاح المستخدم في كينيا في مارس وأكتوبر 2014م بالفعل مرتبطة بهرمون «بيتا-اتش سي جي»»[12].

وفي مقال لمجلة لوس أنجلوس بعنوان «سياسة الولايات المتحدة الحقيقية في العالم الثالث: التعقيم، تجاهل التمكين.. الهدف هو الحفاظ على المواطنين من التكاثر»، ذكر الكاتب أن وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية كشفت تقريراً داخلياً بأن الهدف الأساسي للحكومة الأمريكية هو الحفاظ على المواطنين من التكاثر.

ويبدو أن الولايات المتحدة تريد الوصول إلى موارد العالم الثالث، وهي قلقة من عواقب النمو السكاني والذي قد ينتج عنه عدم استقرار داخلي في الدول، مع المجاعة وأعمال الشغب بسبب الغذاء وبالتالي انهيار النظام الاجتماعي.

مؤسسة بيل ومليندا غيتس[13]:

اتضح أن مؤسسة بيل ومليندا غيتس تقوم بتمويل توزيع لقاح الكزاز في إفريقيا عن طريق اليونيسيف، التي تقدم لكينيا اللقاح الذي يحتوي على هرمون «اتش سي جي» الذي يسبب العقم.

في الحدث السنوي «تيدكس» في أمريكا ألقى بيل غيتس كلمته حيث قال في حديثه: «العالم اليوم لديه 6,8 مليار نسمة. ويتجه للوصول إلى حوالي تسعة مليارات. الآن إذا قمنا بعمل عظيم حقاً في اللقاحات الجديدة، والرعاية الصحية وخدمات الصحة الإنجابية، نستطيع أن نخفض الرقم ربما 10 أو 15%».

التعقيم:

يعرف التعقيم بأنه طريقة دائمة لتحديد النسل، وتسمى طريقة تعقيم النساء بسد الأنابيب، فيما تسمى طريقة تعقيم الرجال بقطع القناة الدافقة[14].

طرق التعقيم:

تعقيمالمرأة:

يعتمد تعقيم المرأة على إقفال الأنابيب، أي غلق قناة فالوب. وهذه الطريقة تمنع البويضات من الانتقال من أسفل قناة فالوب إلى الرحم، وتمنع الحيوان المنوي من الوصول للبويضة[15].

تعقيمالرجل:

يعتمد تعقيم الرجل على منع الحيوان المنوي من الاتصال بالبويضة لتفادي الحمل[16]. وتتم هذه العملية بقطع القناة الناقلة، وبذلك يقطع الطريق الذي يؤدي إلى خروج الحيوانات المنوية[17].

ويعتبر التعقيم من أكثر وسائل منع الحمل شيوعاً في العالم، حيث تراوح نسبته بين 29 و38% في الدول النامية، و11% في الدول الغنية.

ومنذ عام 1970م والتعقيم يتم في أمريكا، ودول أمريكا الوسطى، وأمريكا الجنوبية، وإندونيسيا، وبنجلاديش، والهند، والصين، وتايلاند التي تقام فيها مهرجانات التعقيم في عيد العمال عندهم، حيث يصطف الشباب لإجراء عملية التعقيم، بل إن نسبة التعقيم تصل إلى 50% من دول العالم الفقير، وبحلول عام 1980م كان قد تم تعقيم ما يزيد عن مائة مليون شخص في كافة أنحاء المعمورة![18]

التعقيم خيار متاح – طبياً – لمن يرغب فيه كوسيلة لعدم الإنجاب مطلقاً، وهو ما تقره الوكالات الدولية، وتشدد على توفره، وإتاحته للراغبين، للحد من الخصوبة.

ففي وثيقة مشتركة بين عدة وكالات دولية (مفوضية حقوق الإنسان، الأمم المتحدة للمرأة، برنامج الأمم المتحدة للإيدز، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، اليونيسيف، منظمة الصحة العالمية) أكدت الوثيقة أن التعقيم كوسيلة من وسائل منع الحمل والتنظيم الأسري ينبغي أن يكون متاحاً وميسراً ومقبولاً، وذا جودة، وخالياً من التمييز، والإكراه، والعنف[19].

ولكن؛ماذاعنالتعقيمبغيرإعلامالمعقَّم،أوالتعقيمالقسري؟

التعقيم القسري: هو عملية إزالة (عن طريق الجراحة)، أو تعطيل الجهاز التناسلي للفرد، دون موافقته الكاملة والمستنيرة[20] بعواقب هذا الفعل.

وسنستعرض فيما يلي عدداً من الدول التي مارست التعقيم القسري، أو مورس فيها من قِبل دول أخرى.

في الولايات المتحدة:

صدر تقرير حديث من مركز الدراسات الفحصية عن الممارسات التعقيمية للنساء في سجن كاليفورنيا لمدة أربع سنوات من 2006 إلى 2010، فطبقاً لما أدلت به الخبيرة شنذا كورام هناك – على الأقل – 148 سيدة في معهد كاليفورنيا للنساء في كورونا وسجن فالي للسيدات في شاوشيلا قد تعرضن للربط الإنبوبي وعمليات جراحية من أجل تعقيم دائم حيث يتم غلق قناتي فالوب.
مع أن مثل هذه الممارسات غير شرعية، إلا أن بعض السجينات أُكرهن على خوضها، حيث إن الأطباء فشلوا في شرح عواقب مثل تلك العمليات، وبرغم هذا، فإنه من المقبول أن تستخدم أموال الدولة من أجل هذه العملية في كاليفورنيا، فهي تحتاج إلى عناية طبية مشددة من قبل لجنة مراجعة، وهذا الذي لم يحدث خلال تلك السنوات الأربع!

إن التجاهل الصارخ لحق المرأة في الإنجاب، في سبيل الوصول إلى تنظيم النسل للمجتمع، هو شيء متأصل في تاريخ المرأة في الولايات المتحدة، بالأخص مع اللاتي يقبعن تحت خط الفقر.

وهناك مقالة مميزة في هذا موضوع، نشرت في 2011، وجاء فيها:

لقد كانت النساء ذوات البشرة الملونة – غير البيض – في الولايات المتحدة ضحايا للتعقيم القسري عبر تاريخ أمريكا، حتى إن بعضهن كان يتم تعقيمهن بلا علمهن بعد العمليات القيصرية!

وهناك أخريات كان يتم تهديدهن بقطع المساعدات، أو عدم الخضوع للرعاية الطبية، إن لم يقمن بإجراء تلك العمليات!

الأدهى أن تعقيم النساء كان بلا أي هدف إلا من أجل التعلم في المشافي التعليمية! ومن أجل التخفيف من تلك الكارثة المنتشرة في الشمال حينها، والتي كانت تلقب بعمليات إزالة الزائدة لسكان المسيسبي «Mississip appendectomy»، ونستعرض هنا بعض الأمثلة للتعقيم القسري في الولايات المتحدة:

• اقتراحات من أجل التعقيم القسري لأولئك «غير المرغوب فيهم»:

كان العالم البيولوجي والفيزيائي الشهير  Gordon Linccecum ينادي بتعقيم المعاقين ذهنياً؛ إذ إنهم «غير مرغوب فيهم»!

وبين عامي 1897–1909 كانت الكثير من الولايات الأمريكية قد وافقت على التعقيم القسري: ميتشغان، إنديانا، بنسلفانيا، واشنطن، كاليفورنيا، كل تلك الولايات وافقت، أو حاولت الموافقة على تطبيق التعقيم القسري للمعاقين ذهنياً!

• في عام 1970 إدارة نيكسون تقدم الدعم المالي للتعقيم:

من خلال زيادة الإعانة الطبية للفقراء، ومروراً بالخدمات الطبية المقدمة؛ من أجل تنظيم الأسرة، فإن إدارة نيكسون قد قدمت عروضاً من أجل تعقيم الأمريكان الملونين، والذين يكونون من الطبقة الدنيا من المجتمع. وقد أشارت بعض التقارير إلى أن الأطباء الذين يشرفون على تلك العمليات لا يتبعون البروتوكولات المعروفة في هذا المجال، مع الأخذ في الاعتبار أن عملية التعقيم نفسها تعتبر قسرية!

• بين عامي 1973–1976 تم تعقيم 3406 من نسوة سكان أمريكا الأصليين دون إذنهن:

اعترفت حكومة الولايات المتحدة مؤخراً بأنه تم إجبار الآلاف من نسوة السكان الأصليين على التعقيم، وكانت أعمار بعض تلك السيدات أقل من 21 سنة!

وقد وجد دكتور بنكرتون يورى أن 25% من نساء سكان أمريكا الأصليين قد تم تعقيمهن بدون موافقتهن! وبالإجمال فإنه بين عامي 1970 و1976 تم تعقيم ما بين 25-50% من نساء الهنود الحمر.

• بين عامي 1909–1979 تم إجراء ٢٠ ألف عملية تعقيم في كاليفورنيا: فخلال 70 سنة استهلكت كاليفورنيا ثلث الدعم المالي للتعقيم في أمريكا. تلك العمليات تستهدف بالأساس السود، واللاتينيين.

وقد استمرت كاليفورنيا في إقامة برامج القرن العشرين للتعقيم، إذ تقول الدكتورة الكساندرا سترن في مقالة لها: إن الأفارقة والمكسيكيين قد تلقوا كميات غير متناسبة من عمليات التعقيم؛ ولضمان استمرار تلك العمليات فإنه يتم التركيز على العبء الاجتماعي للسكان، أو تستخدم كوسيلة ابتزاز، من أجل استمرار تلقي المساعدات، في الأعوام من 1950 إلى 1960»[21].

تاريخياً، تعرضت المرأة في الولايات المتحدة وخارجها إلى جهود منسقة للتحكم بخصوبتها، بما في ذلك التعقيم التعسفي.

في بورتوريكو:

أشارت الولايات المتحدة بعد أن تولت حكم بورتريكو عام 1898 إلى قلقها من أن الزيادة السكانية في الجزيرة، قد تؤدي إلى كوارث اقتصادية واجتماعية. وقد بذلت جهداً كبيراً للتحكم في عدد السكان.

وقد أُجري فحص لجميع الأمهات من سكان بورتيكو، ووُجد أن حوالي ثلث هؤلاء الأمهات، واللاتي تتراوح أعمارهن بين 20-49 قد تم تعقيمهن!

ولوضع هذا الرقم في السياق، فإنه في عام 1960 كانت المرأة في سن الإنجاب في بورتريكو على الأرجح معقمة، بنسبة أكبر بعشر مرات من النساء في الولايات المتحدة. هذه النتائج المروعة تشير إلى أن الانحياز المنهجي أثر على ممارسة التعقيم، ليس فقط في بورتريكو بل حتى في الولايات المتحدة.

وفي دراسة عام 1968 تبين أن أكثر من ثلث النساء في بورتوريكو لم يكن على علم بأن التعقيم بواسطة (tubal ligation) يعتبر شكلاً من أشكال منع الحمل الدائم. بل إن طريقة التعبير غير المباشرة «ربط الأنابيب» جعلت المرأة تعتقد بأن العملية سهلة، تحتمل الوجهين[22].

يحدث هذا على أرض البلد الأول للديمقراطية، الداعي للمساواة وحقوق الإنسان، والجاهز للتدخل عسكرياً في أي بلدٍ في العالم «تُنتهك» فيه الديمقراطية، ولا تُراعى فيه حقوق الإنسان!

في الهند:

في مقال نشر مؤخراً في 25 يوليو 2013م، في أسبوع المهنة الأول في بلومبرج، تبينت صورة قاتمة عن ممارسات التخطيط العائلي في الهند، عن طريق إجبار المرأة على التعقيم، إذ اضطرت 33 امرأة في قرية سنهولا  – أغلبهن فقيرات – للتعقيم، حيث تلقت كل امرأة 10 دولارات أو يزيد قليلاً من استحقاقات الرعاية الاجتماعية من المسؤولين المحليين.

وخز المساعد الطبي في العيادة إصبع كل امرأة لاختبار فقر الدم باستخدام الإبرة نفسها. بعد ذلك قص الجراح وربط قناتي فالوب لكل امرأة، باستخدام مشرط صدئ على طاولة عمليات مؤقتة (مرتفعة عن الأرض مصنوعة من الطوب ومغطاة بورق ملطخ بالدماء) في عملية استغرقت ثلاث دقائق. ثم غُسِل المشرط بالماء الدافئ، وتم إعادة استخدامه لمريضة أخرى. ووُضِعت النساء بعد ذلك جنباً إلى جنب على الأرض في غرفة منفصلة «عن غرفة العمليات» للإنعاش، ومعهن الممرضات، حيث يتجولن ويقدمن المسكنات. وعندما بدأ المخدر بالخروج، استبدله الجراح بمخدر أضعف. ولكن نظراً لأن هؤلاء النسوة غير واعيات تماماً أثناء هذا الإجراء، فإن هذه الممارسة الطبية تعتبر خطرة[23].

فإذا كان التعقيم لأجل صحة المرأة، كيف نفسر تعقيم امرأة – أُجري لها اختبار الدم بإبرة شاركتها وتُشاركها فيها عشرات النسوة -، وبمشرط صدئ غير معقم، على طاولة قذرة، وفي ثلاث دقائق؟!

وقد أدت جراحات التعقيم التي تمولها الحكومة في الهند لمقتل 13 امرأة، وتركت 52 أخرى في حالة حرجة، بسبب الجهود المبذولة «لإبطاء النمو السكاني في البلاد»!

ومن المثير للاهتمام، أن مؤسسة بيل ومليندا غيتس BMGF أطلقت مبادرة لتنظيم الأسرة سمتها: «تنظيم الأسرة 2020»، بشراكة عالمية مع الجهات المانحة المستثمرة (القطاع الخاص)، وذلك لتوسيع فرص الحصول على خدمات تنظيم الأسرة الطوعي!

وفي مقال افتتاحي، أوضح بيل غيتس أن مؤسسته استثمرت أكثر من مليار دولار في برامج لمحاربة الأمراض والفقر في الهند. كما امتدح غيتس حكومة بريطانيا «لتاريخها الطويل وسخائها الاستثنائي، وسجلها الحافل في إحداث تأثير ملموس على أشد الناس فقراً في العالم»،  حيث تبرعت المملكة المتحدة للهند بملايين الجنيهات لتمويل مخيمات التعقيم. وترسل الولايات المتحدة والبنك الدولي أيضاً مساعدات مالية، من خلال برامج المساعدات الخارجية.

وتسعى الحكومة الهندية للحد من النمو السكاني، عن طريق تعقيم أكثر من مليون امرأة سنوياً[24]، وعلى مدى العقدين الماضيين، تحول التركيز إلى تعقيم النساء، وأصبحت عمليات تعقيمهن الدعامة الأساسية لبرنامج تنظيم الأسرة، وهو ما يمثل تقريباً 96% من جميع عمليات التعقيم، وفي عام 2012 تم تعقيم 4.6 مليون امرأة[25].

في الصين:

بدأت الصين منذ عام 1973، في تطبيق سياسة تحديد النسل، حيث كان التعداد السكاني بها في نهاية ذلك العام قد وصل إلى نحو 900 مليون نسمة، وترتبط سياسة تحديد النسل في الصين بعدة أسس يجب الالتزام بها:

1- تأخير سن الزواج.

2- تأخير حدوث الحمل، وتباعد المدة بين الحمل.

3- طفل لكل أسرة.

وفي ظروف خاصة، يمكن السماح للأسرة في المناطق الريفية بإنجاب طفل ثانٍ، بعد سنوات قليلة من إنجاب الطفل الأول، وهذا بالنسبة للهان العرق الأكبر داخل الصين. وتنص المادة (49) من دستور الصين الصادر عام 1982، والمادتان (2)، و(12) من قانون الزواج الصادر عام 1980 على وجوب تطبيق قواعد تحديد النسل، والتزام الزوج والزوجة بذلك، كما تمنع المادة (5) من قانون الزواج توقيع عقود الزواج قبل بلوغ الرجل 22 عاماً والمرأة 20 عاماً؛ ويتم الزواج بالتوقيع الشخصي للرجل والمرأة الراغبين في الزواج لدى الموظف المسؤول في مكتب تسجيل الزواج، ويصبح الزواج سارياً باستلامهما وثيقة الزواج، وذلك بحسب نص المادة (8) من قانون الزواج في الصين.

وبالنسبة للأقليات القومية داخل الصين، وهم يمثلون نحو 9% من سكان الصين، ويعيشون في مناطق شاسعة تزيد على نصف مساحة الصين، وتتمتع بموارد طبيعية بالغة الثراء، فمسألة الزيادة السكانية لا تمثل مشكلة، بل قد تكون مطلوبة لتعمير الأرض واستغلال الموارد، كما أنها نوع من المقاومة للقهر وطمس الهوية؛ لكن السلطة المركزية في الصين قررت عام 1982 وجوب إدراج الأقليات القومية في عملية تحديد النسل.

وفي أكتوبر 1985 قررت لجنة الحزب الشيوعي بتركستان الشرقية تطبيق تحديد النسل على التركستانيين، والسماح للأسرة في المدن بإنجاب طفلين، وفي الريف ثلاثة أطفال[26].

في البيرو:

في عهد الرئيس البرتو فوجيموري وضع برنامجٌ للتعقيم القسري ضد السكان الأصليين، باسم: «خطة الصحة العامة» في 28 يوليو 1995. وتم تمويل هذا البرنامج من الوكالة الأمريكية للتنمية USAID بـ 36 مليون دولار، ومؤسسة نبيون، وفي وقت لاحق من قبل صندوق الأمم المتحدة للسكان.

في فبراير 1996، هنأ فوجيموري نفسه على نجاحه في السيطرة على النمو السكاني، كما هنأته منظمة الصحة العالمية!

وفي سبتمبر من عام 2001، أطلق وزير الصحة لويس سولاري لجنة خاصة، مكلفة بالتحقيق في وجود تجاوزات في برنامج الرئيس فوجيموري. وفي يوليو 2002، كشف التقرير النهائي أنه ما بين 1995 و2000، تم تعقيم 331600 من النساء، وقطع القناة الدافقة لـ25590رجلاً!

كان الهدف من الخطة تقليل عدد المواليد في المناطق الفقيرة في البيرو، وكانت موجهة أساساً للسكان الأصليين، الذين يعيشون في المناطق المحرومة.

ونلاحظ كيف أن الوكالات العالمية التي تزعم الاهتمام بالصحة، وتقديم المعونة، وتنادي بحرية الإنسان واستقلاله، تشارك في تجاوز إدارة الناس، بتمويلها لبرامج التعقيم القسري، بل وتقديم التهاني للمجرمين!

ولكن، ألا ينبغي أن نلقي باللوم على أنفسنا، لتعامينا عن الحقيقة التي كاد يبصرها الأعمى، وهي أن الإنسان المبجل في أدبيات الغرب – وعلى رأسه الأمم المتحدة – هو الإنسان الأبيض؟!

 

:: مجلة البيان العدد  351 ذو القعدة  1437هـ، أغسطس  2016م.


[1] http://www.tabib-web.eu/article_details.php?thesid=2603&catid=78

 [2] http://cutt.us/fwlmX

 [3] http://www.ippf.org/our-work/what-we-do/Contraception

[4] http://www.who.int/mediacentre/factsheets/fs244/ar /

[5] قضايا المرأة في الاتفاقيات الدولية، د. فؤاد بن عبد الكريم العبد الكريم: ص532.

[6] «abstinence for birth control among married women, however, led to evengreater reliance on prostitution by married men, which in turn, led toepidemics of sexually transmitted infections by the turn of thecentury».

[7] يراجع كتاب موت الغرب: أثر شيخوخة السكان وموتهم وغزوات المهاجرين على الغرب، باتريك جيه. بوكانن.

 [8] http://www.fwhc.org/health/vaccine.htm

 [9] http://www.fwhc.org/health/vaccine.htm

 [10] http://www.sciencedirect.com/science/article/pii/0264410X89900431

 [11] http://www.fwhc.org/health/vaccine.htm

[12] http://www.sfaw.org/newswire/2014/11/13/bill-gates-and-the-anti-fertility-agent-in-african-tetanus-vaccine/

[13] http://www.sfaw.org/newswire/2014/11/13/bill-gates-and-the-anti-fertility-agent-in-african-tetanus-vaccine

[14] http://www.acog.org/Patients/FAQs/Sterilization-for-Women-and-Men#what

[15] http://www.acog.org/Patients/FAQs/Sterilization-for-Women-and-Men

[16] المرجع السابق: http://cutt.us/hjsXC، وللاستزادة:

 http://www.pamf.org/teen/sex/birthcontrol/malecontraceptive.html

[17] قضايا المرأة في الاتفاقيات الدولية، د. فؤاد بن عبد الكريم العبد الكريم: ص537- 538.

[18] http://www.unfpa.org/resources/eliminating-forced-coercive-and-otherwise-involuntary-sterilization #

[19] http://www.stopvaw.org/forced_coerced_sterilization

[20] http://mic.com/articles/53723/8-shocking-facts-about-sterilization-in-u-s-history#.XOilPgDgC

[21] http://www.ourbodiesourselves.org/health-info/forced-sterilization /

[22] https://archive.org/details/pubmed-PMC3861172

[23] https://goo.gl/yMHoAT

[24] http://goo.gl/Hww4ik

[25] http://goo.gl/7LKTXU

[26] https://goo.gl/wsb82O

المصدر: مجلة البيان

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى