مقالاتمقالات المنتدى

تحديات ومقترحات متعلقة بالصراع العربي الإسلامي الصهيوني في ظل آثار غزوة “طوفان الأقصى”

تحديات ومقترحات متعلقة بالصراع العربي الإسلامي الصهيوني

في ظل آثار غزوة “طوفان الأقصى”

 

بقلم أ. عماد الدين عشماوي (خاص بالمنتدى)

 

تثير غزوة “طوفان الأقصى” التي فتحت بها كتائب الأقصى المجاهدة باب المرافعة والمدافعة على مصراعيه من جديد بعد أن كادت رياح سموم التطبيع العاصفة أن تذهب بما تبقى من آمال في المرابطة على الجهاد حتى طرد العدو من أرض فلسطين، ومن ثم وجب على صاحب رأي ان يفكر في الكيفية التي يمكن للأمة أن تستفيد بها من آثار الغزوة الإيجابية، وفي هذا المقال يطرح بضعة أفكار حول هذه الجزئية.

1-تحديات لا بد لكل من يسعى لتحرير فلسطين أن يعمل على مواجهتها لبناء استراتيجية واقعية للتحرير

لا يوجد حل ناجز أو مثالي للصراع العربي الصهيوني اليوم، لاسيما في هذه الظروف التي تداعت فيه الإدارة الأمريكية مع اليمين الإسرائيلي المتطرف والحكومات العربية المهرولة نحو سلام زائف. كما أنه لا يمكن للفلسطينيين وحدهم الجهاد ضد عنصرية إسرائيل، ولا يمكن لغزة أو الضفة أو فلسطينيو العام 1948 وحدهم الصمود دون استراتيجية متكاملة لإدارة الصراع في كامل أرض فلسطين مدعومة عربياً ودولياً ومساندة من القطاعات اليهودية والإسرائيلية الرافضة لعنصرية إسرائيل.

وانطلاقاً من هذا كله، نطرح تحديات لا بد لكل من يسعى لتحرير فلسطين أن يعمل على مواجهتها لبناء استراتيجية واقعية للتحرير على كافة الصعد الجهادية القتالية-والسياسية القانونية والثقافية الإعلامية، تتمثل في:

1-كيفية إعادة الاعتبار لوحدة الشعب الفلسطيني ووحدة قضيته ومصيره، من خلال إنهاء الانقسام الفلسطيني بكافة أشكاله، ورفض منح الشرعية القانونية النهائية لقيام الدولة اليهودية تحت أي اتفاق سلام أو حل جزئي للقضية، والاتفاق على خطوط حل نهائي يسلم بها الجميع.

2- كيفية تنسيق دوام الجهاد في عموم فلسطين، وتعزيز الجهاد في غزة، واستمرار الجهاد الجماهيري في أراضي فلسطين المحتلة منذ سنة 1948، وتنظيم جهد فلسطيني الشتات، وبناء أوسع جبهة شعبية إسلامية عربية وعالمية ضد نظام الأبارتهايد الصهيوني ومن يدعمونه، من خلال تنفيذ وتمويل استراتيجية متكاملة لدعم صمود المواطن الفلسطيني في الداخل والخارج بالتشبيك مع كل مناصر لحقوق الفلسطينيين في العالم.

3-كيفية تكوين حلف شعبي عربي مضاد للحلف الحكومي العربي المتساوق مع السياسات الإسرائيلية، يعمل على كشف محاولات قلب القضية والترويج لسلام عربي إسرائيلي على حساب فلسطين، وكشف زيوف التبادل الاقتصادي وفوائده التي تروج الآن.

4-كيفية التعامل مع مسيحيي الولايات المتحدة الأصوليين اليمينيين الذين يعدون عنصراً رئيسياً في الدعم للصهاينة، وكيفيات فك شيفرة الخطاب التوراتي المتعلق بالأرض المقدسة والأفكار الألفية المتعلقة بعود المسيح المهيمن على هذا التيار وجماهيره الواسعة.

5-كيفية فك الربط بين مصلحة الصهيونية  في الربط بين المسألتين اليهودية والإسرائيلية، وافتراض وحدتهما، حتى تربط أمن الدولة الصهيونية بأمن الإسرائيليين من ناحية، وبأمن الجماعات اليهودية في العالم من ناحية أخرى، حتى تفرض عليهم وعلى يهود العالم من ناحية ثالثة، فكرة الشعب اليهودي الواحد وكل المقولات الصهيونية الأخرى.

4- ما هي الوسائل والأدوات والخطوات التي يمكن أن تسهم في تأكيد شرعية الوجود التاريخي والمتواصل للشعب الفلسطيني على أرضه التاريخية وإعادة بناء الخطاب العربي والإسلامي والفلسطيني الشعبي حول وحدة الشعب الفلسطيني في كل مكان ووحدة الأرض الفلسطينية ووحدة الهدف المتمثل في إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية على كل أرض فلسطين يتمتع فيها المواطنون جميعهم بالحقوق نفسها ويؤدون الواجبات نفسها دون تمييز قائم على الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو الأصول الإثنية.

2-بعض المقترحات العملية للاستفادة من آثار غزوة “طوفان الأقصى” لإحياء الجهاد في النفوس

ا-إنشاء مواقع متخصصة للأطفال والشباب تقدم الصراع العربي الإسلامي الإسرائيلي بشكل مبسط لأطفالنا وشبابنا وبسطاء أمتنا في القرى والنجوع، يقدم رواية بديلة لما يقدمه إعلام العار والتطبيع من مقولات خاطئة عن الصراع وطبيعته وأسبابه. وإعداد كتاب دراسي، يدرس في المراحل الإعدادية والثانوية والجامعية، يبين حقيقة العلاقة بين اليهودية والصهيونية وعلاقة الصهيونية بالاستعمار، وزيف الخطاب الصهيوني وكيف نفك شفراته وطبيعة الحل المنشود للقضية الفلسطينية.

ب-إنشاء كراسي دراسات متقدمة في الجامعات العربية للقضية الفلسطينية.

ج-الدعوة لتأسيس وقفية بحثية مخصصة للقضية الفلسطينية، بهدف فهم الصراع وتغيراته المتسارعة، من ثم اقتراح سبل التعامل معه لصالح صناع القرار السياسي والحركات الجهادية الفلسطينية والعربية، من أجل تكوين عقل استراتيجي عربي يستطيع أن يرى الأمور في صورتها الكلية، وأن يحسن التعامل مع الصراع بما يحقق المصالح العليا للأمة.

د-تطوير خطاب سياسي وإعلامي وتربوي يلامس عقول وعواطف المواطنين العرب وحفزها لجعل قضية فلسطين في بؤرة اهتماماتهم اليومية؛ خاص مع تزاحم هموم العرب الداخلية والخارجية والمعيشية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى إعادة النظر في استغلال مئات القنوات الفضائية المتاحة للعرب وآلاف المواقع الإلكترونية لتضع فلسطين في قلب برامجها ونشراتها بشكل يحقق هذا كله.

ه-إنتاج خطاب معرفي يواجه خطاب التطبيع الزائف الذي يروجه بعض السياسيين والمثقفين العرب، للسلام مع إسرائيل والقبول بما تطرحه الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني على الحكومات العربية والحركة الوطنية الفلسطينية من حل ينهي القضية.

خاتمة

لقد أسست غزوة “طوفان الأقصى” لبداية جديدة لحقل دراسات اليهودية والصهيونية، تعطينا نموذجاً متكاملاً للتعامل مع الصهيونية والاستعمار المساند لها في. فهناك وراء ما حدث في الأيام الماضية من انتصارات مادية ومعنوية تصور ورؤية متكاملة تجمع بين الجهاد المعرفي والثقافي والقتالي والسياسي لكيفية إرهاب الكيان الصهيوني تمهيدا لزواله، وتحقيق الدولة الفلسطينية التي تسع جميع مواطنيها على قدم المساواة الحقيقية العادلة، كجزء من بناء مشروعنا الحضاري العربي الإسلامي. ومن ثم علينا بيان هذه الرؤية وبلورتها في شكل خطوات عملية للاستفادة منها في إحياء فلسطين في عقول وقلوب المسلمين وترسيخ حقوقنا في عقول وقلب كل منصف في عالمنا.

إن من يشاهد الإنسان العربي الفلسطيني المسلم، الأمس في مسيرات العودة، واليوم في غزوة “طوفان الأقصى” يوقن أن رؤية الإسلام لطبيعة الصراع والجهاد في سبيل استرجاع فلسطين ووسائله وأدواته، هي الرؤية الوحيدة الجديرة بالنقاش والتطوير وإعادة الطرح. فمازال الجهاد الفلسطيني قائماً يعلمنا ويرشدنا ويدلنا إلى فاتحة الطريق نحو تحرير فلسطين. كما أن الحضور الشعبي العربي والإسلامي الداعم للفلسطينيين، هو أساس فرض أي حل عادل للقضية. وأن طرح حل عادل مبدع للقضية ينبع من حقنا الأصيل في كل فلسطين من النهر إلى البحر هو أمر لا بد أن يلازم كل تطلع جاد لتحرير فلسطين.

وفي كل الأحوال، يبقى السؤال عن :ما هي الأدوات التي يمكن إبداعها لتقدم حلولاً وأدوات للشعوب العربية والمسلمة، اليوم، للجهاد بكافة أشكاله لتحرير فلسطين، ولاستدامة وجود القضية في قلوب وعقول ناشئة الأمة وأجيالها الجديدة؟ سؤال الوقت وواجب العلماء وقادة الأمة في كل المجالات.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى