تجريف مقبرة اليوسفيَّة والإعداد لاستقبال الدَّجَّال!
بقلم د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن
تتعرَّض مقبرة اليوسفيَّة، وهي إحدى المقابر الإسلاميَّة في مدينة القُدس المحتلَّة، لحملة تهويد غير مسبوقة في الآونة الأخيرة، بأن شرعت قوَّات الاحتلال الإسرائيلي في تجريف المقبرة؛ سعيًا إلى تحويلها إلى حديقة توراتيَّة. تأتي تلك الخطوة في أعقاب إصدار محكمة الصُّلح الإسرائيليَّة، في يوليو من العام الجاري، قرارًا بالسَّماح بتجريف المقبرة، بناءً على طلب تقدَّمت به بلديَّة القُدس التَّابعة للاحتلال. هذا، وقد رفضت محكمة الصُّلح طلب لجنة رعاية المقابر إيقاف أعمال الحفر والتَّجريف في المقبرة الإسلاميَّة، الَّتي تضمُّ رفات العديد من سُكَّان القُدس من المسلمين؛ ممَّا يرفع الحرج بالكامل عن قوَّات الاحتلال عند مواصلة مساعي التَّهويد، تمهيدًا لتأسيس الهيكل الثَّالث محلَّ مصلَّى باب الرَّحمة بالمسجد الأقصى المبارَك، والواقع بالقرب من المقبرة.
وبحسب ما صرَّح به المحامي مهنَّد جبارة، الَّذي تولَّى التَّرافع عن لجنة المقابر، فإنَّ قرار محكمة الصُّلح “خطير ومفاجئ لا يتعاطى مع حقائق الأمور، ولا يأخذ بعين الاعتبار قدسيَّة المكان وخطورة نبْش القبور وظهور عظام الموتى والمسّ بمشاعر المسلمين في القُدس والعالم”، كما نشَر موقع روسيا اليوم في 18 أكتوبر 2021م. وكما أقرَّ شهود عيان، جرَّفت آليَّات جيش الاحتلال الإسرائيلي جزءً من مقبرة ضريح الشُّهداء التَّابعة لمقبرة اليوسفيَّة، والواقعة شرقيّ المسجد الأقصى. وقد صدَر قرار محكمة الصُّلح الإسرائيليَّة المثير للجدل لمنْح الضَّوء الأخضر لقوَّات الاحتلال للاستحواذ على أراضي مقبرة اليوسفيَّة، برغم عثور الفرق الإسرائيليَّة الَّتي تتولَّى مهمَّة التَّجريف على رفات بعض الموتى المسلمين. وكما يشير موقع الجزيرة نت في 13 أكتوبر الجاري، فإنَّ العثور على رفات ينسف مزاعم الاحتلال بأنَّ أعمال التَّجريف سطحيَّة ولا تمسُّ ما بباطن الأرض. ويضيف مقال الجزيرة نت، نقلًا عن المحامي المقدسي حمزة قطينة، إنَّ بلديَّة القُدس، بالتَّواطؤ مع سُلطة الطَّبيعة، تصرُّ على نفي صفة المقبرة عن مقبرة اليوسفيَّة، بل وتصنيفها أرضًا خضراء تصلح للزّراعة.
وتقع مقبرة اليوسفيَّة، الَّتي سُمّيت تيمُّنًا باسم القائد الإسلامي الفاتح صلاح الدّين يوسف بن أيوب (صلاح الدّين الأيُّوبي)، على ربوة مرتفعة تمتدُّ من الزَّاوية الشَّماليَّة لباب الأسباط، ومنها إلى ناحية الشَّرق بحوالي 35-40 مترًا، وهي تُعرف كذلك باسم مقبرة باب الأسباط. وتشير الرُّوايات التَّاريخيَّة إلى أنَّ ذلك الموقع شهد معركة حامية بين قوَّات الاحتلال الإسرائيلي وجنود من الجيش الأردني إبَّان حرب الأيَّام السّتَّة عام 1967م، وأنَّ عددًا من الجنود الأردنيين دُفن في ذلك الموقع. ويكمن السّرُّ في إصرار الاحتلال الإسرائيلي على تهويد تلك المنطقة تحديدًا في وقوعها بالقرب من مصلَّى باب الرَّحمة بالمسجد الأقصى، الَّذي يعتقد اليهود أنَّه سيكون مدخل مخلّصهم إلى الهيكل الثَّالث في آخر الزَّمان؛ ولذلك يطلقون عليه مسمَّى الباب الذَّهبي. وقد حرص صلاح الدّين الأيُّوبي على سدّ بابي الرَّحمة والتَّوبة المؤدّيين إلى مصلَّى باب الرَّحمة عند اكتمال فتْح بيت المقدس عام 1187م/583ه لسهولة اختراق المسجد الأقصى من تلك الجهة.
المصدر: رسالة بوست