تاريخ حلّ الدَّولتين منذ الانتداب البريطاني حتَّى صفقة القرن 4 من 6
إعداد د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن
الانتماء الدّيني من أسباب تعذُّر قيام دولة ثنائيَّة الهويَّة
امتنع عرفات ومعاونوه عن الاعتراف بإسرائيل بوصفها دولة يهوديَّة، وقد صرَّح صائب العريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، في 12 نوفمبر 2007م لوكالة رويترز بأنَّ الفلسطينيين ما كانوا ليعترفوا بإسرائيل بوصفها دولة يهوديَّة. أكَّد محمود عبَّاس على ذلك في تصريح لوسائل الإعلام في القاهرة في 1 ديسمبر 2007م، نشرته الوكالة التّلغرافيَّة اليهوديَّة في اليوم التَّالي، يفيد بأنَّ الفلسطينيين يرفضون يهوديَّة إسرائيل، معترفًا بوجود دولة إسرائيل، الَّتي تضمُّ يهودًا وغير يهود. لا يعني تصريح عبَّاس أنَّ إيواء إسرائيل اليهود وغيرهم إمكانيَّة تأسيس دولة ثنائيَّة القوميَّة؛ ففرص تأسيس تلك الدَّولة تتناقص بمرور الزَّمن، خاصَّة مع الكراهية المتبادلة، واستفحال “الإرهاب العربي” مع الاتّجاه المتزايد لعرب فلسطين إلى “الأسلمة (Islamization) والتَّطرُّف السّياسي”، وما يستدعيه ذلك من “عمليَّات إسرائيليَّة لمكافحة الإرهاب” (ص179). يعتقد موريس أنَّ الكراهية الَّتي يحملها المسلمون تجاه اليهود، والَّتي ربَّما تُعزى إلى إدانة القرآن الكريم لبني إسرائيل بسبب نقضهم ميثاقهم مع الله واتّباعهم الهوى بتحريف نصوص الوحي الإلهي وكتمانهم الحق على علم، هي السَّبب الأساسي في ضعْف إمكانيَّة تحقيق التَّعايش السّلمي بين اليهود والعرب في فلسطين.
لم يثبت على مدار تاريخ التَّفاوض الطَّويل أنَّ زعماء الحركات الوطنيَّة الفلسطينيَّة أرادوا التَّعايش السّلمي، أو استبعدوا مسألة التَّخلُّص من اليهود، ليس بطردهم، إنَّما بإبادتهم؛ ولعلَّ المحرقة اليهوديَّة (الهولوكوست) أبرز نتاج لنشْر الكراهية وممارسة العنصريَّة ضدَّ اليهود. لا يستثني موريس المعتقَد الدّيني اليهودي من مفاقمة التَّباعد الاجتماعي في فلسطين التَّاريخيَّة، معتبرًا أنَّ تزايُد نسبة اليهود الأرثوذكس، وبخاصَّة المتشدّدين منهم، في مقابل تناقُص عدد الليبراليين والعلمانيين، أدَّى إلى تغليب الفكر التَّوسُّعي والعنصري في سياسة الدَّولة؛ مع ذلك، ينفي موريس أن يمون التَّشدُّد هو السّمة الغالبة على المجتمع الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنَّه يبقى “إلى حد كبير، مجتمعًا علمانيًّا، تسود فيه القيم الدّيموقراطيَّة الغربيَّة” (ص186). لن ننسى أنَّ الصُّهيونيَّة عمدت إلى حلّ مشكلة اليهود بتأسيس دولة تجمعهم، يستأثرون بحكمها، ولا يعيشون فيها مجرَّد أقليَّة في أرض يعتقدون أنَّها حقُّهم بموجب شريعتهم الدّينيَّة. ولا تختلف العقيدة الإسلاميَّة عن ذلك النَّهج، كما يدَّعي موريس، الَّذي يصرّح بأنَّ القبائل العربيَّة المسلمة الَّتي انطلقت من الحجاز في القرن السَّابع الميلادي إلى الشَّام تحوَّلت من أقليَّة إلى أكثريَّة من خلال فرْض الإسلام قسريًّا والتقتيل والتَّهجير، واعتادت الأجيال اللاحقة على ذلك، ممَّا جعل فكرة قبول تقاسُم السّيادة أو العيش كأقليَّة في مجتمع حكموه من قبل مستبعدة. يدَّعي موريس أنَّ اليهود والمسيحيين دفعوا، خلال حياتهم في المجتمعات المسلمة، ضريبة التَّمييز العنصري، حيث اعتُبروا مواطنين من الدَّرجة الثَّانية، كما اضطهدوا وتعرَّضوا للمذابح، وتكرَّر الأمر في النّصف الأوَّل من القرن العشرين مع زيادة النَّشاط الاستيطاني الصُّهيوني، وبخاصَّة خلال عاميّ 1947 و1948م في اليمن وسوريا والبحرين والمغرب.
يُستنتج ممَّا سبق أنَّ تأسيس دولة ثنائيَّة القوميَّة حلٌّ غير واقعي للصّراع العربي-الإسرائيلي؛ وبالتَّالي، فنموذج الدَّولة الواحدة، كما يشير موريس، هو أحد أربعة مقترحات: تأسيس دولة يهوديَّة تشمل كامل أراضي فلسطين التَّاريخيَّة بدون عرب؛ أو دولة عربيَّة في كامل أراضي فلسطين التَّاريخيَّة بدون يهود؛ أو دولة يهوديَّة ذات أقليَّة عربيَّة؛ أو دولة عربيَّة ذات أقليَّة يهوديَّة. يستبعد المؤرّخ الإسرائيلي المقترحين الأوَّل والثَّاني؛ لأنَّ غياب العنصر العربي أو اليهودي يعني التَّهجير أو الإبادة، وكلاهما مرفوض. وبما أنَّ العرب إذا عاشوا كأقليَّة في دولة يهوديَّة سيعملون على فرْض سيادتهم بالقوَّة؛ وبما أنَّ اليهود إذا عاشوا كأقليَّة في دولة عربيَّة سيتعرَّضون للاضطهاد، كما يصوّر موريس، فحلُّ الدَّولتين هو الحلُّ الأمثل. ينصح موريس بإعادة المفاوضات بين الأردن والسُّلطة الوطنيَّة الفلسطينيَّة وإسرائيل لتأسيس دولة فلسطينيَّة تضمُّ غزَّة والضَّفَّة الغربيَّة. غير أنَّه من المتوقَّع أن تصطدم المفاوضات بـ “معارضة عنيفة من الفصائل والدُّول الإسلاميَّة المتشدّدة” (ص201).
مصير حلُّ الدَّولتين بعد إعلان صفقة القرن
أعلن الرَّئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 28 يناير 2020م خطَّته للسَّلام، المعروفة باسم صفقة القرن، سعيًا إلى إنهاء النّزاع بين اليهود والعرب في فلسطين. من أهم بنود الخطَّة تأسيس دولة فلسطينيَّة منزوعة السّلاح بعد أربع سنوات، عاصمتها شرقي القُدس في مدينة أبو ديس، مع ضمّ مستوطنات الضَّفَّة الغربيَّة وغور الأردن، الَّتي تشكّل ثُلث مساحة الضَّفَّة، إلى إسرائيل. تنصُّ الخطَّة كذلك على الاعتراف بالقُدس عاصمة أبديَّة وموحَّدة لإسرائيل، وعلى نزْع سلاح المقاومة، وبخاصَّة في غزَّة. على ذلك، تبدو الخطَّة وكأنَّها تكريس للهيمنة الإسرائيليَّة على فلسطين التَّاريخيَّة، و “اقتلاع ركائز حلّ الدَّولتين”، كما يشير عنوان مقال نشره مركز الجزيرة للدّراسات بتاريخ 30 يناير 2020م. يشير المقال إلى أنَّ من أهمّ تداعيات تلك الخطَّة:
انهيار نموذج حل الدَّولتين الذي شكَّل الإطار الضابط للمفاوضات الفلسطينيَّة-الإسرائيليَّة منذ اتفاق أوسلو عام 1993. فلن يوجد قائد فلسطيني مهما بلغت درجة الليبراليَّة البراغماتيَّة عنده يقبل التوقيع على التَّنازل عن القُدس والقبول بحكم ذاتي محدود فاقد للسيادة، مهما تعرض للضُّغوطات والتَّهديد والوعيد. والبديل بهذه الحالة هو فرض إسرائيل للخطَّة بالقوة بدءًا بمصادرة الأراضي في الأغوار وضمّ المستوطنات وانتهاء بفرض حالة نموذج حكم الباتوستانت على أرض الواقع.
كان بنيامين نتنياهو قد أعرب، خلال مشاركة افتراضيَّة في مؤتمر لمنظَّمة Christians United for Israel (CUFI)، أو مسيحيون متّحدون من أجل إسرائيل، مساء الأحد 28 يونيو 2020م، عن استعداد بلاده الدُّخول مع الفلسطينيين في مفاوضات جديَّة وفق خطَّة ترامب للسَّلام، أملًا في الوصول إلى “حلّ وسط تاريخي”. أتى تصريح نتنياهو قبيل الموعد الَّذي كان قد حدَّده من قبل لضمّ مستوطنات الضَّفَّة الغربيَّة وغور الأردن إلى السّيادة الإسرائيليَّة، وهو 1 يوليو 2020م، وسط رفْض فلسطيني ودولي. غير أنَّ الضمَّ لم يُنفَّذ في موعده، وأُرجع ذلك إلى امتناع أمريكا عن منْح نتنياهو الضَّوء الأخضر للتَّنفيذ، خشية ردّ الفعل الدَّولي. ولما للمنظَّمات الإنجيليَّة، أو لتقل الصُّهيونيَّة المسيحيَّة، من تأثير وقدرة على التَّحكُّم في الواقع السّياسي في أمريكا، ولما توليه تلك المنظَّمات الكيان الصُّهيوني من دعم، أقدم مايك إيفانز، الصُّحافي والكاتب الأمريكي الإنجيلي ومؤسّس متحف أصدقاء صهيون في قلب القُدس، على تهديد الرَّئيس الأمريكي، الَّذي يستعدُّ لخوض معركة الانتخابات الرّئاسيَّة في نوفمبر المقبل، بأنَّه لن ينال دعم الإنجيليين، إن لم يسمح بضمّ مستوطنات الضَّفَّة الغربيَّة وغور الأردن، أو يهودا والسَّامرة، كما صرَّح لجريدة إسرائيل هيوم الإسرائيليَّة اليوميَّة، ونقل عنها موقع Breaking Israeli News الإسرائيلي.
يبدأ مقال Breaking Israeli News باستشهاد من العهد القديم، عن استخلاف الرَّب لبني إسرائيل في أرض كنعان وترخصيه لهم أن يبيدوا سُكَّانها الأصليين بسبب شركهم وعبادته الأصنام “كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّكُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَتَطْرُدُونَ كُلَّ سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ، وَتَمْحُونَ جَمِيعَ تَصَاوِيرِهِمْ، وَتُبِيدُونَ كُلَّ أَصْنَامِهِمِ الْمَسْبُوكَةِ وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ. تَمْلِكُونَ الأَرْضَ وَتَسْكُنُونَ فِيهَا لأَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ الأَرْضَ لِكَيْ تَمْلِكُوهَا” (سفر العدد: إصحاح 33، آيات 51-53).
ينقل المقال عن إيفانز تصريح أنَّ الإنجيليين لديهم “فريق أحلام”، ويقصد بذلك وزير الخارجيَّة الأمريكي، مايك بومبيو، الَّذي وصفه بأنَّه إنجيلي…غيَّر اتّجاه (سياسات) الخارجيَّة الأمريكيَّة، بعد أن جرت العادة في الماضي أن تعمل على إضعاف إسرائيل”. أمَّا عن مايك بنس، نائب الرَّئيس الأمريكي، فقد وصَفه إيفانز بأنَّه “أكبر داعم لإسرائيل في واشنطن”، كما صرَّح السَّفير الإسرائيلي هناك من قبل. والأهم من هذا وذاك، اعتبر الصُّحافي الأمريكي أنَّ الرَّئيس ترامب “أكبر داعم عرفه المجتمع الإنجيلي في تاريخه، وأكثر رئيس أمريكي مؤيّد لإسرائيل على الإطلاق”.
ترامب يصلّي أمام الحائط الغربي في البلدة القديمة في القُدس في 22 مايو 2017م
يصرّح إيفانز بأنَّ المجتمع الصُّهيوني المسيحي “منَح ترامب الرّئاسة لسببين: أن يكون مع الحياة (أي ضدَّ الإجهاض) وأن يؤيّد إسرائيل”، مضيفًا “لم ننسَ مَن يملك أرض إسرائيل أو الأساس الدّيني لذلك؛ نعتقد أنَّ الأرض من حقّ اليهود، لأنَّ ذلك هو أمر الرَّبّ في الكتاب المقدَّس العبري، ولا يمكن أن يُقال أنَّ الكتاب المقدَّس غير قانوني”. ويهدّد إيفانز ترامب صراحةً بأنَّه لم يحصل على دعم الإنجيليين في الانتخابات الرّئاسيَّة، المزمع عقدها بعد 4 أشهر، إن نكث بوعده تأييد ما في مصلحة إسرائيل.
ميدان دونالد ترامب-إسرائيل
يُذكر أنَّ مشروع ضمّ مستوطنات الضَّفَّة الغربيَّة إلى السّيادة الإسرائيليَّة، الَّذي تدعمه الإدارة الأمريكيَّة برئاسة دونالد ترامب، يلاقي معارضة من داخل الكيان الصُّهيوني ذاته، وهذا ما عبَّر عن أحد سُكَّان منطقة بيتا تكفا، من خلال تحويل مياه النَّافورة الموجودة في ميدان دونالد ترامب إلى اللون الأحمر، في إشارة إلى أنَّ الضَّمَّ سيكلّف الشَّعب الإسرائيلي الدَّم، كما نشرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل في 29 يونيو 2020م. هذا وقد سُمي الميدان باسم الرَّئيس الأمريكي قبل عام، احتفاءً باعترافه بالقُدس عاصمة أبديَّة وموحَّدة لإسرائيل نهاية عام 2017م.
‘صفقة القرن’: أحدث محاولات الحلّ السّلمي للصّراع الفلسطيني-الإسرائيلي
أعلنت إدارة الرَّئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ 2017م، عامه الأوَّل في السُّلطة، أنَّها تعدُّ خطَّة لإنهاء الصّراع الفلسطيني-الإسرائيلي، سُمّيت خطَّة ترامب للسَّلام (Trump Peace Plan)، واشتهرت إعلاميًّا باسم صفقة القرن (Deal of the Century). تأجَّل الإعلان عن تفاصيل تلك الصَّفقة أكثر من مرَّة، لأسباب تتعلَّق بغياب حكومة منتخَبة في إسرائيل منذ نهاية 2018م، وقد تقرَّر إعادة الانتخابات البرلمانيَّة مطلع مارس 2020م، على أن تُعاد محاولة تشكيل حكومة بعد الانتخابات. جدير بالذّكر أن الانتخابات الإسرائيليَّة أعيدت في 17 سبتمبر 2019م، بعد تعذُّر تشكيل حكومة بعد انتخابات 9 أبريل 2019م، وكانت النَّتيجة واحدة، وهي عدم إمكانيَّة تشكيل حكومة.
ومع ذلك، طُرح الشّق الاقتصادي من صفقة القرن في مؤتمر عُقد في البحرين يومي 25 و26 يونيو 2019م، وسط تنديد عربي في العديد من العواصم العربيَّة بذلك المؤتمر، الذي اعتُبر أولى خطوات التَّطبيع مع الكيان الصُّهيوني.
وبرغم تكتُّم تفاصيل الشّق السياسي لصفقة القرن، وتردُّد أنباء عن تأجيل الإعلان عنه حتَّى نهاية 2020م، أي لما بعد الانتخابات الرّئاسيَّة الأمريكيَّة في نوفمبر من العام، صرَّح الرَّئيس ترامب بإمكانيَّة الإعلان عن بعض تفاصيل الشّق السّياسي الانتخابات الإسرائيليَّة في 2 مارس 2020م، وربَّما قبل نهاية يناير من العام نفسه. هذا وقد بادرت وسائل إعلام إسرائيليَّة بنشر تفاصيل عن الخطَّة من المفترض أنَّها مسرَّبة عن نصّها الأصلي. ومن أهم التَّفاصيل المسرَّبة تأسيس دولة فلسطينيَّة غير مسلَّحة، ونزْع سلاح قطاع غزَّة وحركة حماس، والاعتراف بإسرائيل دولة يهوديَّة عاصمتها القُدس. ومن بين ما سُرّب عن تفاصيل الخطَّة المرتقبة، ما نشرته هيئة البث الإسرائيليَّة (قناة كان) العبريَّة يوم 25 يناير 2020. وتحت عنوان “إسرائيل تستنفر في الضفة بعد تسريبات لبنود ‘صفقة القرن’”، نشَر موقع روسيا اليوم تسريب خطَّة ترامب:
1.ضمّ 30% أراضي الضفة الغربية لإسرائيل.
2.ضمّ المستوطنات الكبرى بالضَّفَّة الغربيَّة للسّيادة الإسرائيليَّة.
3.إخلاء المستوطنات “غير القانونيَّة” بالضَّفَّة الغربيَّة.
4.تبادل أراضي بين الطَّرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، بدلًا من تلك الَّتي ضمتها بالضَّفَّة.
5.إقامة دولة فلسطينيَّة منزوعة السّلاح على مساحة 70% من أراضي الضَّفَّة الغربيَّة.
6.حريَّة العمل العسكري الإسرائيلي في مناطق الدَّولة الفلسطينيَّة.
7.إبقاء المناطق المقدَّسة بالقُدس تحت السّيادة الإسرائيليَّة.
8.نقْل بعض الأحياء الفلسطينية بالقُدس للسّيادة الفلسطينيَّة.
9.الاعتراف بيهوديَّة دولة إسرائيل.
10.نزْع سلاح قطاع غزَّة.
وبرغم محاولة إثبات أنَّ الجانب الفلسطيني هو الذي طالما رفَض الحلَّ السّلمي للصّراع، وتحديًا للَّعب على وتر أنَّ الفلسطينيين لو لم يرفضوا التَّفاوض بعد قرار التَّقسيم الصَّادر في 29 نوفمبر 1947م، لكانت لهم دولة قائمة منذ ذلك الحين، خرج زعماء المستوطنين في الضَّفَّة الغربيَّة الاثنين 28 يناير 2020م، اليوم الذي أعلنت الإدارة الأمريكيَّة أنَّ الرَّئيس ترامب سيكشف فيه عن تفاصيل صفقة القرن في وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومنافسه الانتخابي الجنرال بنيامين غانتس، في مؤتمر دُعي إليه عددٌ من سفراء الدُّول العربيَّة والإسلاميَّة.
وكما نشرت صحيفة جيروساليم بوست الإسرائيليَّة، يكمن اعتراض زعماء المستوطنات على بنود صفقة القرن في أنَّ أحدها يعد بتأسيس دولة فلسطينيَّة في الضَّفَّة الغربيَّة، وإن كانت منزوعة السّلاح، لدرجة أنَّ أحدهم فضَّل عدم تنفيذ ذلك البند، في مقابل عدم ضمّ غور الأردن إلى السّيادة الإسرائيليَّة. وغور الأردن، أو وادي الأردن، هو سهل خصيب يشكّل 30 بالمائة من مساحة الضَّفَّة الغربيَّة لنهر الأردن، وغالبيَّة سكَّانه من الفلسطينيين، هو يعتبر الحد الفاصل بين حدود المملكة الأردنيَّة ودولة إسرائيل. وكان نتنياهو قد وعَد خلال حملاته الانتخابيَّة المتكرّرة في 2019م، بضمّ غور الأردن إلى إسرائيل، بعد اعتراف أمريكا بالسّيادة الإسرائيليَّة على الجولان في مارس 2019م.
واعترافها كذلك بشرعيَّة المستوطنات الإسرائيليَّة في الضَّفَّة الغربيَّة في نوفمبر من 2019م.
تجدر الإشارة إلى أنَّ وزير الدّفاع الإسرائيلي نفتالي بنيت صرَّح قبيل الإعلان الرَّسمي عن خطَّة ترامب للسَّلام، أو صفقة القرن، بأنَّه لن يقبل بخطَّة ترامب، وما يتبع ذلك من اعتراف بدولة فلسطينيَّة، داعيا نتنياهو إلى ضمّ كافَّة مستوطنات الضَّفَّة الغربيَّة فورًا، كما نقلت عنه صحيفة جيروساليم بوست الإسرائيليَّة.
هذا وقد أعلن الرَّئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطَّة السَّلام رسميًّا الثلاثاء 28 يناير من عام 2020م، تحت عنوان ” Vision for Peace, Prosperity, and a Brighter Future for Israel and the Palestinian People-رؤية للسَّلام والازدهار ومستقبل أكثر إشراقًا لإسرائيل والشَّعب الفلسطيني”، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومشاركة سفراء البحرين والإمارات وعُمان إلى الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة. وأمَّا عن أهم بنود الصَّفقة، فهي، نقلًا عن موقف روسيا اليوم:
-تعترف الولايات المتحدة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
-خريطة لترسيم الحدود من أجل “حل دولتين واقعي يتيح طريقا تتوافر له مقومات البقاء للدَّولة الفلسطينيَّة”.
-دولة فلسطينيَّة منزوعة السلاح تعيش في سلام إلى جانب إسرائيل، لكن بشروط صارمة من المرجح أن يرفضها الفلسطينيون.
-وافقت إسرائيل على “تجميد الأرض” لمدة أربع سنوات لضمان أن يكون حل الدَّولتين ممكنًا.
-الإبقاء على الوضع القائم في الحرم الشريف بالقدس، ويقع في الجزء الشرقي من المدينة الذي احتلَّته إسرائيل في حرب عام 1967.
-إسرائيل “ستواصل حماية” الأماكن المقدَّسة في القدس وضمان حريَّة العبادة لليهود والمسيحيين والمسلمين والديانات الأخرى.
-ستبقى القدس موحدة وستظل عاصمة لدولة إسرائيل.
-ستضم عاصمة دولة فلسطين مناطق في القدس الشرقيَّة، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت لاحق قال، إنَّ العاصمة ستكون في أبو ديس التي تقع على بعد 1.6 كيلومتر شرقي البلدة القديمة في القدس.
-دعا للشق الاقتصادي للخطة وتضمن إقامة صندوق استثماري بقيمة 50 مليار دولار لدعم الاقتصاد الفلسطيني واقتصاد الدُّول العربيَّة المجاورة.
خارطة صفقة القرن
وقد علَّقت القناة الثَّانية العربيَّة على بنود الصَّفقة، بقولها إنَّ الفلسطينيين سيتوجَّب عليهم، في سبيل الاستفادة من البنود التي في صالحهم، تقديم 5 تنازلات كبيرة: الاعتراف بيهوديَّة دولة إسرائيل، والتَّنازل عن حقّ العودة بالنّسبة للمهجَّرين من أبناء فلسطين، والاعتراف بالقُدس عاصمة أبديَّة وموحَّدة لإسرائيل، ونزْع سلاح غزَّة وبالأخص سلاح حركة حماس، والتَّنازل عمَّا تدفعه إسرائيل من رواتب لأسر الأسرى والشُّهداء.
المصدر: رسالة بوست