مقالاتمقالات المنتدى

بين_غزة_وسوريا

بين_غزة_وسوريا

بقلم الأستاذ أنور الخضري ( خاص بالمنتدى)

يقرر أهل الطب أن الإنسان إذا ابتلي بمرضين خطيرين، عليه أن يعالج أخطرهما على جسده، لأن العلاج غالبا يشق على جسد الإنسان، وعادة لا يمكن للإنسان معالجة مرضين خطيرين في وقت واحد.
وعندما كانت بلاد المسلمين جسدا واحدا كان هذا المنطق هو المنطق الحاكم، لأن الأمة كانت ترى أن دماءها تتكافأ وأوطانها تتساوى، فيبقى التقدير لمواجهة العدو الأخطر إذ دهمها عدوان.
أما بعد أن تفرقنا شعوبا ودولا، وكثرت الجراحات والمآسي، وتكالب الأعداء حتى بات لكل شعب عدو، ففي الصين وبورما البوذيين، وفي الهند الهندوس، وفي أفغانستان والعراق الأمريكان، وفي سوريا وليبيا الروس، وفي أفريقيا الفرنسيين، وفي فلسطين السهاينة.
غير أن الحضور الشيعي في جسد الأمة، وتمدده في عدة بلدان محسوبة كحواضر للسنة، كما في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بزعامة إيران، وانخراطه في معاداة الأمة وموالاة أعدائها، وارتكابه الجرائم المتوحشة والإبادة الجماعية والتطهير الطائفي، أوجد حسابات جديدة، خصوصا في ظل دخول المحور الشيعي بزعامة إيران على خط الحرب الدائرة في فلسطين، وإسناده للمقاومة هناك، إسنادا يعلمه كل من له اطلاع على ظواهر الأمور ودقائقها.
وفي مثل هكذا ظروف، ومع وجود الجراح، وتعدد المرضى، يستدعي كل مريض الطبيب إلى جراحه ومرضه، ويرى أنه أحق بالعلاج من غيره، كما يحصل في غرفة الطوارئ أو استقبال الحوادث، وقد رأيت هكذا حال بعيني في أكثر من مناسبة، حيث يصرخ المرضى مطالبين الأطباء والممرضين برحمتهم وأن حالتهم تستدعي الاهتمام بهم قبل غيرهم.
وهذا ما يجري اليوم بين السوريين والعراقيين والفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين، فالكل يصرخ ولا يقبل بصراخ أخيه أو يريد لو أخر صراخه حتى ينتهى من علاجه أولا.
والكل يستدعي النقل والعقل والتاريخ والجغرافيا والأدب والفن ليصرف الناس لقضيته وليبرر حاله وفعاله، معيرا الآخر ومتهما إياه بالخيانة أو الخذلان.
والحقيقة هي أن الكل معذور ولكن عليه ألا يتحامل على غيره، وأن يعلم أن الوضع ليس بالمثالي ولا بالبسيط، وأن العامة تغلب عليهم العواطف، وأن أهل العقل تزلزلهم الفتن، فلا ينبغي الانغماس في حالة الخصومة والعداء بين إخوة الجسد الواحد، فهل من متعظ وناصح؟!

إقرأ أيضا:الشرع_وحمدان

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى