مقالاتمقالات مختارة

بين فيروس كورونا وطاعون عمواس!

بين فيروس كورونا وطاعون عمواس!

 

بقلم محمد عبد العظيم

 

على الرغم من أن العالم وفي القلب منه العالم الإسلامي قد فتك به عبر التاريخ العديد من الأوبئة والأمراض والكوارث إلا أن أكثر الأوبئة التي نحتاج أن نتوقف معها ونحن نرى وباء كورونا يجتاح العالم الآن هو طاعون عمواس والذي وقع في الشام إبان خلافة عمر رضي الله عنه لما في هذا الحدث من مشاهد عظيمة ربما يكون لها انعكاساتها على ما يعيشه العالم اليوم وتتجسد أهم الدروس التي نستخلصها من طاعون عمواس والتي نحتاج إليها اليوم في عدة مشاهد.

المشهد الأول

لما وقع الطاعون أرسل عمر إلى أبي عبيدة في الشام وكان أميراً عليها يأمره بالحيطة من الطاعون ومحاولة التصدي له أو الفرار منه، فكان رد أبوعبيدة بعد أن رفض الخروج من عمواس وترك الناس: “يا أمير المؤمنين نفر من قدر الله؟!!”.

 فغضب عمر رضي الله عنه وقال: “والله لو قالها غيرك يا أبا عبيدة ماتركته، إنما نفر من قدر الله إلى قدر الله”.

وخلاصة هذا المشهد أننا لا نستسلم لشر وقع بنا لأننا نتقلب بين أقدار الله، فنفر مما لا نحتمل إلى ما نحتمل.

المشهد الثاني

لما تولى معاذ بن جبل وجاءه الناس يطلبون منه أن يدع لهم الله أن يرفع عنهم البلاء، فكان رده رحمه الله: “أيها الناس: إن هذا الوباء إنما هو رحمة ربكم ودعاء نبيكم وموت الصالحين قبلكم”.

والشاهد في ذلك، أن بلاء الله لا يشترط أن يكون عقابا أو عذاباً من الله فالله وحده يعلم حكمة قدره وقد يكون البلاء رحمة لأناس وعقابا لآخرين، كما أنه من رحمة الله بهذه الأمة أن رفع عنها العذاب العام.

والناظر إلى حال العالم هذه الأيام يدرك مدى هشاشته وضعفه وافتقاره إلى الله وشعوره بالعجز أمام مخلوق ضعيف من خلق الله لا يرى بالعين المجردة.

المشهد الثالث والأهم

بعد وفاة معاذ بن جبل تولى عمر بن العاص والذي وضع حد لهذا الطاعون الجارف فما أن تولى عمرو حتى جمع الناس وخطب فيهم قائلاً: “أيها الناس، إن الوباء كالنار المشتعلة وأنتم وقودها فتفرقوا وتجبّلوا حتى لا تجد النار ما يشعلها فتنطفىء وحدها”.

فاستجاب الناس، فمنهم من صعد فوق الجبال ومنهم من اعتزل واحتجر بداره وما هي إلا أيام حتى رفع الله البلاء، وهكذا وضع المسلمون منهجاً راسخًا بدأه الرسول صلى الله عليه وسلم لما أمر الناس إذا ألا يدخلوا أرضاً عم بها الوباء وإذا أصابهم وباء بأرضهم لا يخرجوا منها، ولا يجد العالم اليوم مفرا للنجاة إلا باتباع وصايا محمد صلى الله عليه وسلم.

الخلاصة أن بلاء الله قد وقع وقد أصبحنا مرغمين أن نتعايش معه، فلا ينبغي أن يمر دون أن نأخذ منه الدروس والعبر.

(المصدر: ترك برس)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى