بقلم أ. حامد العطار – موقع الأمة
فرق كبير بين صلاح رجل السلطة، وبين صلاح الرجل في خاصة نفسه؛ ولقد دخل عمر بن حوشب الوالي يوما على سفيان الثوري، فسلم عليه، فأعرض عنه سفيان انقباضا منه لتوليه الولاية! فقال عمر: يا سفيان! نحن -والله- أنفع للناس منك، نحن أصحاب الديات، وأصحاب الحِمَالات، وأصحاب حوائج الناس، والإصلاح بينهم، وأنت رجل نفسك. فأقبل عليه سفيان، فجعل يحادثه، وانبسط له. سير أعلام النبلاء ط الرسالة (7/ 246)
وعمر بن الخطاب لم يكن يقبع في بيته حتى تغلو الأسعار، فضلا عن أن يأمر الناس بالصبر أو العزوف؛ فإنه كان يُراقب الأسواق ليدرأ أي اختلال مفتعل عساه يحدث في الأسوق؛ ومن ذلك أنه مر بحاطب بن أبي بلتعة، وهو يبيع زبيبًا له بالسوق، فقال له عمر بن الخطاب: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا .الموطأ (2/ 651)
وفي بعض الآثار المفسرة: أنه رأى ابن أبي بلتعة يبيع الزبيب بالمدينة، فقال: كيف تبيع يا حاطب؟ فقال: مدين. فقال: تبتاعون بأبوابنا، وأفنيتنا، وأسواقنا، تقطعون رقابنا، ثم تبيعون كيف شئتم، بع صاعًا، وإلا فلا تبع في سوقنا، وإلا فسيروا في الأرض، واجلبوا، ثم بيعوا كيف شئتم. المصنف (14906).
فلم يتوجه إلى الرعية طالبا منهم العزوف عن الشراء؛ لأنه يدرك أن على الحاكم دورًا أهم من ذلك وأكبر؛ ولذا طلب من حاطب أن يخرج من السوق أو يبيع كما يبيع غيره؛ لأنه بفعله ذلك يضر بالسوق.