بين الموافقين والمعارضين لصلح المقاومة الفلسطينية مع النظام السوري
بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وبعد
فمنذ بدا أن المقاومة الفلسطينية متجهة للصلح ومد الجسور واستعادة العلاقات مع النظام السوري، والجدل لم يهدأ بين الموافقين والمعترضين على تلك الخطوة!
وقد تفاقم الأمر بين الطرفين في مواقع عدة، وفضاءات الكترونية مختلفة، ومتابعة ورصد ما جرى ويجري بين الموافقين والمخالفين يوقف على بعض الحقائق ومن ذلك:
المؤيدون للمقاومة في خطوتها فريقان، وليسوا سواء
كما المعترضون فريقان، وليسوا سواء!
فأما المؤيدون الحادون في تأييدهم: فلا يقبلون بمناقشة ولا مراجعة للقيادة، ولا يسمحون لأحد بنقد ولا اعتراض، ولا يخوضون في مصالح ولا مفاسد ولا موازنات ولا ترجيحات!
وإنما يقولون ما نرى إلا ما رأت القيادة وما صدر به القرار هو الحق وفقط!
وأما المؤيدون المعتدلون: فيناقشون ويراجعون، ويتفهمون ما لدى المعترضين من حجج ومواقف، ولا يطعنون بنيات المخالفين ولا سلامة ولاءاتهم للقضية الفلسطينية وأهلها، لكنهم يرجحون ويؤكدون صحة قرار القيادة، مع تسليمهم بصعوبته وتضمنه لمفاسد متعددة، ويطلبون تقليلها وتخفيفها وحسن التعامل مع المخالفين في هذا القرار، وهؤلاء عقلاء حلماء!
وأما المعارضون للقرار فهم كما أسلفت فئتان،
الأولى: حادة في رفضها واعتراضها، تفوح من عباراتها رائحة تخوين واتهام وتجريح وقدح، ولا تقبل في رأيها نقاشا ولا في حدته تخفيفا، ولها مطالب غريبة قد تشكك في نزاهتها، فهي تدعو لإسقاط الحركة وقيادتها، والبراءة منها، وإنهاء دورها والقضاء على تاريخها، وربما اندس في هذه الفئة من الذباب الالكتروني، وأصحاب الذمم المشتراة- نفر غير قليل من الناس!
وأما الفئة الثانية: فهم المعتدلون في الرفض لتلك الخطوة فلا تشم من كلماتهم روائح التجريح والإسقاط والتنكر والتنمر، بل الولاء يصحبه النصح، والانتماء معه الإشفاق، والنصرة تجتمع مع النصيحة، وهؤلاء يقدمون الحجج والبراهين والاعتبارات الشرعية والواقعية، ومنهم من علماء فلسطين ومن حركاتها المقاومة، ومنهم علماء عرفت الأمة نصحهم وصدقهم وحسن بلائهم في هذه القضية،
وهؤلاء لم ينزعوا يدًا من نصرة القضية وأهلها مع رفضهم لتلك الخطوة بالنظر لرجحان كفة المفاسد على المصالح.
وهؤلاء سكتوا في الجملة عن الموقف من إيران لتقديرهم موقف الحركة الاضطراري إلى دعمها، لكن لم يسكتوا عن الموقف من سوريا، لأنهم لا يرون هذا الاضطرار قائما.
وهؤلاء عقلاء حلماء أيضا.
وهؤلاء المعتدلون من جانبي الموافقة والرفض موضع تقدير واحترام، ولا يجوز أن توجه إليهم سهام الاتهام.
وعلى كل حال فإن هذا الجدال بخصوص هذه الخطوة ينبغي أن يتوقف، ليرقب الناس ما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد، وعند تفاقم المفاسد فعلى من أخذ القرار أن يتراجع ولا يكابر.
وعند تعاظم المصالح مع امتداد حالة الضرورة فعلى المعارض أن يسكت ولا يعارض.
وحفظ القلوب بريئة من غش وغل، والإبقاء على الصدور سليمة للمخالف والموافق في هذه القضية مطلب شرعي، ومقصد مرعي.
أصلح الله ذات بين المؤمنين، وألف بين قلوب المجاهدين، وأيدهم وسددهم، وعافاهم وسلمهم، ونصرهم وأعانهم!
اللهم آمين!